المؤلف:
موقع الأوائل التعليمي

في القرن الواحد والعشرين تسعى الدول إلى الاستفادة من التقنيات والبرامج في البيئات التربوية (العوجة،2014)، وقد اهتمت وزارة التعليم في المملكة العربية السعودية بشكل كبير بالتحولات المواكبة لرؤية المملكة 2030، فقد سعت الوزارة إلى إطلاق مشروع بوابة المستقبل بالتعاون مع شركة كلاسيرا (Classera)، والذي يستهدف تغيير النمط التقليدي في طباعة الكتب الدراسية، وتحويل بيئات التعليم إلى بيئات تفاعلية مستفيدة من إقبال الطلاب على التقنيات الحديثة (كلاسيرا الشرق الأوسط، 2017). ومن أهداف هذا المشروع التخلص من أعباء البيئة الورقية، وبالتالي سيكون البديل هو الكتاب الإلكتروني. وبحكم رغبة الوزارة في أن تكون البيئة تفاعلية، سيكون الكتاب الإلكتروني التفاعلي إذن  هو أحد الحلول المناسبة.

وقد ذكر جو وتينسون ووانج وهوانج (Jou, Tennyson, Wang & Huang, 2016) أن للكتب الإلكترونية فوائد كبيرة، حيث يستطيع الطالب الوصول إليها في أي وقت وفي أي مكان، وتعتبر الحل الأمثل لبعض مشكلات التعليم التقليدي، حيث توفر الكتب الإلكترونية فرصة للطالب للتفاعل مع محتوى التعلم. وقد أشار الناهي (2013) إلى أنه نظرا لتطورات الثورة المعلوماتية والإلكترونية فإنه من المناسب أن تتغير الكتب سواء على مستوى النوع أو النشر أو الأداء.

وقد اهتم الباحثون بالكتب الإلكترونية، وأثرها على التحصيل والدافعية نحو التعلم، فعلى مستوى التحصيل الدراسي أشار كل من لي وهانج (Lai,howang, 2015) إلى أن الكتب الإلكترونية التفاعلية عملت على تحسين مستوى التحصيل الدراسي، وتتفق معه دراسة شيه وشين وشينق (shih,chen,cheng, 2015)  التي تقول أن التعلم عن طريق الكتاب الإلكتروني كان أسهل وأسرع من الكتاب التقليدي. وذكر عبيد وعبدالرحمن (Ebied,Abdulrahman, 2015) أن الكتاب الإلكتروني ساهم في ارتفاع مستوى تحصيل الطلاب في دورات الحاسب الآلي. وتوصلت كل من يودوبي ونايدو (Udupi& Naidu, 2017) إلى أن الكتاب الإلكتروني ساعد على فهم الموضوعات بطريقة سهلة، ولاحظا أن التعلم كان أكثر مرونة، كما توصلا أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي خفف من الجهد والضغط على المعلم. وذكر سميتس وبص (Smeets &bus, 2015) أنه من المناسب استخدام هذه الكتب في البيئة التعليمية حيث أنها تضيف قيمة داعمة للمناهج الدراسية.

وهناك دراسات أظهرت أثرا إيجابيا للكتب الإلكترونية التفاعلية على توجهات الطلاب، فقد توصل زهان كنيدي وتشيسون (Zhang-Kennedy& Chiasson, 2016) إلى أن الكتاب الإلكتروني له جاذبية ومتعة بالنسبة للطالب. كما كان للكتاب الإلكتروني أثر إيجابي عند استخدامه في الفصول المقلوبة، وكان بمثابة أداة معززة لتلك الاستراتيجية، حيث وجد كل من  هوانج ولي (Huang,lai, 2017) أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي عمل على تعزيز الكفاءة الذاتية للطالب في تعلم الرياضيات ودعم استراتيجية الفصول المقلوبة. كما ساهم الكتاب الإلكتروني التفاعلي في تحليل سلوك الطالب المعرفي، وذلك من خلال ربطه بأنظمة إدارة التعلم، حيث يستطيع المعلم معرفة الأوقات المناسبة التي يقرأ فيها الطالب، ومعرفة أكثر المواضيع جاذبية للطالب، ومن خلال ردود الطالب وعمل الملخصات يستنتج المعلم اتجاه الطالب نحو الكتاب الإلكتروني التفاعلي. وهذا ما أشار إليه هوانج ولي ووانج (Hwang , Lai, & Wang, 2015).

ومن خلال ما تم سرده من دراسات سابقة أستخلص أن للكتاب الإلكتروني التفاعلي قيمة في التعليم، حيث عمل على زيادة متعة التعلم واستفاد المعلمون من مزاياه في جذب انتباه الطلاب، كما أضاف الكتاب الإلكتروني للتعليم قيمة حقيقية، و حوّل دور المعلم من مصدر للمعلومات إلى مرشد وميسر للطلاب، وساعد الحكومات على التخفيف من عبء الطباعة وتكاليفها. كما ساهم الكتاب التفاعلي في رفع مستوى التحصيل لدى الطلاب، وعزز الاتجاه الإيجابي نحو التعلم.

تعريف الكتاب الإلكتروني التفاعلي

يعتقد بعض الباحثين والمؤلفين أن الكتاب الإلكتروني هو نفسه الكتاب التقليدي ولكن تم تحويله إلى نسخة رقمية وهذا مخالف للصواب. فقد أشار أبو الذهب و يونس (20133) أن الكتاب الإلكتروني هو أحد أشكال التعليم والتعلم الإلكتروني حيث يتم تحويل الكتاب الورقي إلى نسخة رقمية تحوي صفحات منسقة، وتتكون هذه الصفحات من وسائط متعددة بأشكال مختلفة يتم رفعها على الإنترنت. وقد ذكر أحمد (2015) أن الكتاب الإلكتروني ملف رقمي يتضمن بعض الرسوم والصور الثابتة والمتحركة المدعومة بالمؤثرات الصوتية، وأضاف السيد (2016) أن الكتاب الإلكتروني يتم نشره بصورة إلكترونية وتتمتع صفحاته بمواصفات صفحات الويب. وأضافت اليامي (2014) أن الكتاب الإلكتروني التفاعلي يمثل بيئة تعليمية متكاملة تحتوي على الوسائط المتعددة والأنشطة والاختبارات وأدوات التحكم. ومن خلال تعاملي مع الكتب  الإلكترونية أجد أنها ملفات إلكترونية يتم تخزينها على جهاز الحاسب أو أي وسيلة تخزين أخرى، وتحتوي على صور ونصوص ومقاطع فيديو وملفات صوتية وروابط تشعبية، وقد سميت بالتفاعلية لأنها تستجيب لأوامر مستخدميها مثل الانتقال من صفحة إلى أخرى وغيرها من الأوامروذكرت اليامي (2014) أن هناك ثلاثة ركائز للكتاب الإلكتروني وهي:

  1. محتوى الكتاب الإلكتروني: مثل النصوص والصور والرسومات والإيضاحات والتسجيلات والرسوم المتحركة.
  2. البرنامج: وهو المسؤول عن قراءة المحتوى الإلكتروني.
  3. الجهاز الإلكتروني: حيث تتمحور وظيفته في تشغيل البرامج المسؤولة عن قراءة الكتاب الإلكتروني.

نشأة الكتاب الإلكتروني التفاعلي

ترجع نشأة الكتاب الإلكتروني بداخل المختبرات العلمية إلى فترة الستينات الميلادية حيث تم في ذلك الوقت إضافة الصور المتحركة والصوت إليه، ويعتبر أندري فان دام (Andree van dam) أول من صاغ مصطلح الكتاب الإلكتروني في عام 1967 م، وكان مدعوما من قبل شركة أي بي إم (IBM) (عزت،2012). إلا أن اليامي (2014) قد أشارت أنه من الصعب تسمية مبتكر الكتاب الإلكتروني على مستوى العالم، حيث تظهر العديد من المقولات التي تختلف حول بداية نشأة الكتاب الإلكتروني حيث لا إجماع على ذلك، وترى أن السبب في ذلك عدم وجود تعريف ثابت ومحدد للكتاب الإلكتروني.

الفرق بين الكتاب الإلكتروني والكتاب الإلكتروني التفاعلي.

من خلال قراءتي لمجموعة من الكتب الإلكترونية أرى أنها قريبة جدا من الكتاب التقليدي حيث تحتوي على صور، ونصوص فقط، في حين  أن الكتب الإلكترونية التفاعلية تتفاعل مع المستخدم، فنجد مثلا روابط عند الضغط عليها تقوم بفتح مقاطع اليوتيوب، والبعض منها تتفاعل بحيث تعزز من عملية التقويم، فنجد أنها تعرض للمستخدم في نهاية الوحدة بعض الأسئلة يستطيع المستخدم الإجابة عليها وفي حالة الإجابة الخاطئة نجد أنها تقوم بإعطاء تغذية راجعة للإجابة الصحيحة. وقد أشارت اليامي (2014) أن هناك صفات مشتركة بين الكتاب الإلكتروني التفاعلي وغير التفاعلي من حيث وجود النصوص والصور ولكن نجد أن الكتب التفاعلية تقدم حلولا تعليمية متكاملة، و تتبع أنماط مختلفة في التصميم. وتتميز الكتب التفاعلية بوجود الرسوم المتحركة ومقاطع الصوت والفيديو والروابط التشعبية. أما غير التفاعلية فنجدها تعتمد على النمط الخطي فقط.

مميزات وعيوب الكتاب الإلكتروني التفاعلي

لقد وضّح عبيد وعبد الرحمن (Ebied,Abdulrahman, 2015) بعض الفروقات بين الكتب المطبوعة والكتب الإلكترونية، ومن خلال تحليل هذه الفروقات نستطيع القول أن الكتب الإلكترونية تتميز بالتالي:

  1. سهولة الوصول إليها من خلال شبكة الإنترنت مع إمكانية نشرها على مستوى العالم، و في وقت قصير بمجرد رفعها إلكترونيا.
  2. تتميز الكتب الإلكترونية بسهولة تحديثها حيث لا نحتاج إلى إعادة طباعتها مرة أخرى مثل الكتب المطبوعة وهذا يوفر الوقت والمال.
  3. تعتمد على الوسائط المتعددة بأشكالها المختلفة، ولو تمت مقارنتها بالكتب التقليدية فسنجدها تتعامل مع النصوص والصور فقط، أما الكتب الإلكترونية فنجدها تتعامل مع النصوص والصوت والفيديو والصور المتحركة والصور.
  4. ومن مميزاتها أنها تسهل على الطالب عملية البحث فإذا أراد الطالب البحث عن كلمات معينة بداخل الكتاب الإلكتروني فكل ما عليه فعله هو وضع الكلمة المفتاحية، ثم يضغط على كلمة بحث ويظهر له معظم الجمل والصفحات التي تحتوي هذه الكلمة.
  5. بعض الكتب الإلكترونية تسمح بتغيير الألوان والخلفيات وإضافة بعض الخصائص التي تناسب ذوي الاحتياجات الخاصة.
  6. ومن المميزات المهمة جدا أنها صديقة للبيئة، ومن خلالها سيتم توفير الورق والمحافظة على البيئة، وتسعى دول العالم لاستخدام هذا النوع من الكتب في مدارسها وهو من أهداف التعليم الأخضر (Green learningg) حيث أشار الفيفي (20166) أنه يلزمنا الاستفادة من الخدمات الإلكترونية لتحقيق هذا النوع من التعلم.
  7. تتميز الكتب الإلكترونية بالتفاعل من خلال الأزرار والارتباطات التشعبية، وهذا التفاعل يعايش التقنيات الحديثة التي يستخدمها الطلاب، ففي الوقت الحالي أصبح الطلاب أكثر استخداما للأجهزة الذكية، وبالتالي فإن الكتب الإلكترونية ستخدم الطالب في هذا الجانب.

أما بالنسبة لعيوب هذه الكتب ومن خلال تحليل ما نشره عبيد وعبد الرحمن (Ebied,Abdulrahman, 2015) فهي كالتالي:

  1. من عيوب الكتاب الإلكتروني أنه يحتاج إلى جهاز إلكتروني، وبرمجيات تسمح بقراءته، لكن هذه المشكلة أصبحت في الوقت الراهن شبه متجاوزة بسبب انتشار البرامج التي تدعم الكتب الإلكترونية بشكل مجاني، كما أصبحت معظم الأجهزة الذكية تخدم الكتاب الإلكتروني.
  2. من العيوب التي واجهتني أثناء عملي في المدرسة أنه لا يمكن توفير جهاز لكل طالب من أجل قراءة الكتاب الإلكتروني، ولكن تم تجاوز هذا التحدي باستخدام استراتيجية الفصول المقلوبة بحيث يستخدمها الطالب  في المنزل. ومن المؤمل في وزارة التعليم بناء معايير استخدام الأجهزة الذكية داخل المدرسة والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال.
  3. ومن العيوب التي أراها في الكتب الإلكترونية التفاعلية، أن الروابط التشعبية المرتبطة بصفحات على الإنترنت تحتاج إلى اتصال بشبكة الإنترنت، وقد يكلف ذلك تكاليف إضافية على إدارة المدرسة.
  4. ومن العيوب أيضا أنها تشتت الانتباه لبعض الفئات من الطلاب، وقد توصلت دراسة تاكس وسوارت وبس (Takacs, Swart, & Bus, 2015) إلى أن الكتب الإلكترونية التفاعلية أدت إلى تشتيت انتباه الطلاب، وخاصة التفاعلية، ووجدت أن الكتب الإلكترونية بدون تفاعل كانت أقل ضررا. ويرى بعض الباحثين أن الكتاب الإلكتروني تأثيره على الطالب مثل الكتاب التقليدي المطبوع، فقد توصلت دراسة هوانج وليانج وتشين (Huang, Liang & Chen, 2012) أن استخدام الكتاب الإلكتروني لم يحدث فرقا في دقة القراءة بالنسبة للطالب.

معايير الكتاب الإلكتروني التفاعلي

أشار أبو الذهب (2013) على أهمية وجود معايير سواء لبناء الكتب الإلكترونية أو اختيارها وذلك بهدف الحكم على جودتها، وقد لخصها أبو الذهب (2013) في نقطتين:

أولا: المعايير الفنية وتشمل سهولة الاستخدام، والتصميم الجيد لصفحات الكتاب، والاهتمام باختيار الأصوات، والرسوميات، ومقاطع الفيديو سواء من حيث الوضوح أو التصميم.

ثانيا: المعايير التربوية وتشمل عدة نقاط ومن أهمها: عرض الأهداف التعليمية وأدوات البحث وأدوات الإرشاد والتوجيه وأساليب التشويق والتحفيز.

وتوصلت دراسة الحسين والغامدي (2015) أن المعايير الواجب الاهتمام بها تنحصر في النقاط التالية:

أولا: المعايير التربوية

  1. خصائص المتعلمين: حيث تراعى خصائص تلاميذ المرحلة المستهدفة، وكذلك الفروق الفردية لديهم، وتقديم  المعلومات الإثرائية، وتوفير الخطة العلاجية للمتعلم الذي أخفق في جزئية معينة.
  2. الأهداف التعليمية: يجب أن تصاغ بوضوح ودقة وأن تكون قابلة للقياس، وتنمي التفكير العلمي للطلاب.
  3. المحتوى التعليمي: أن يكون مناسبا للمهارات والخبرات التي يمتلكها الطالب، وأن يشمل موضوعات المقرر  المدرسي، و يكون مرتبطا بالأهداف، ويدعم بالوسائط التي تتناسب مع المحتوى، ويكون جاذبا ومثيرا. ويصاغ المحتوى بجمل قصيرة سهلة الفهم، كما يجب أن يحتوي الكتاب على أنشطة متنوعة تتدرج من السهل إلى الصعب، ولا بد من إضافة روابط إثرائية تنمي مهارات المتعلم، ويجب أن يكون مشجعا للطالب بحيث يستطيع الطالب أن يتنقل بين أجزاء المحتوى بسهولة، وأخيرا يجب أن يراجع المحتوى للتأكد من صحة المعلومات.
  4. الأنشطة التعليمية: أن تكون متنوعة من حيث المجالات، وشاملة للمحتوى، بحيث تهتم بالمجال المعرفي والوجداني والمهاري، ومن ناحية الأنماط بحيث تكون الأنشطة مقالية، وموضوعية وتطبيقية، وعملية، والهدف من ذلك هو إثارة انتباه الطلاب، وإثارة الدافعية نحو التعلم وألا يتم إهمال الفروق الفردية أثناء اختيار الأنشطة التعليمية.
  5. التغذية الراجعة: يجب أن تكون بشكل فوري ومتنوعة بحيث تكون حركية، أو صوتية، أو كتابية، ويجب أن  تكون التغذية الراجعة ملائمة للفئة العمرية للمتعلم.

ثانيا: المعايير الفنية

  1. تصميم الشاشات: بحيث تحتوي الشاشة الرئيسية على ترحيب بالطالب، كما تحتوي شاشات العرض على  وسائل وأدوات مساعدة للطالب، ويجب توزيع العناصر بشكل متوازن على شاشة العرض مع مراعاة أن تكون الرسومات أكثر من النصوص المكتوبة.
  2. النصوص: تجنب استخدام الخطوط المزخرفة وغير المألوفة، وعدم استخدام أكثر من ثلاث أنماط من  الخطوط، ومراعاة الألوان بحيث تكون مناسبة لخلفية الشاشة.
  3. الصور الثابتة والمتحركة: غالبا نحتاج للصور الفتوغرافية لإكساب النصوص صفة الواقعية، والتخفيف من  الصور المتحركة للتقليل من عملية تشتت الانتباه.
  4. استخدام الألوان: يجب تجنب الألوان الصارخة، واستخدام الألوان الطبيعية والمتعارف عليها، ويمكن  الاستفادة من الألوان للفت انتباه الطالب للتركيز على نقاط مهمة، ويفضل عدم الإكثار من الألوان في الشاشة الواحدة و الاكتفاء بثلاثة كحد أقصى.
  5. لقطات الفيديو: هناك أمور يجب أن تراعى عند استخدام مقاطع الفيديو، واختيار المقاطع بحيث تكون  مناسبة للفئة العمرية المستهدفة، ومناسبة للأهداف التي تم تحديدها مسبقا، ويجب أن يتوفر شريط أدوات تحكم حتى يستطيع الطالب إعادة لقطات معينة، وألا نهمل جانب ملاءمة حجم الفيديو لواجهة العرض.
  6. المؤثرات الصوتية: لا بد من وجود أدوات تتحكم بتشغيل وإيقاف المقاطع الصوتية وأن تكون هذه المقاطع  هادفة وتساعد على فهم المحتوى.
  7. واجهات التفاعل: يفضل أن تكون هناك شاشة رئيسية تحتوي على جميع عناوين المحتوى، بحيث يستطيع  الطالب الانتقال للمحتوى الذي يرغب في الوصول إليه من خلال النقر فوق العنوان، ولا ننسى وضع أيقونات جاذبة وواضحة تسمح للطالب بالانتقال من صفحة إلى أخرى، ولا بد أيضا من تمييز الروابط التي بداخل النص بخط عريض ولون مغاير؛ ومن الأشياء التي يجب مراعاتها التنوع في أشكال الروابط كاستخدام الصور والنصوص، مع توضيح ذلك في صفحة الإرشادات.

  وقد بدأت الجامعات في وزارة التعليم بالمملكة العربية السعودية الاهتمام بالمعايير في المقررات الإلكترونية فنجد مثلا أنه في جامعة الملك خالد وجامعة الأميرة نوره يتم اعتماد على معايير QM  (Quality Matters) في المقررات وهي من المنظمات العالمية المهتمة بجودة المقررات الرقمية (جامعة الأميرة نورة ، 2017 )، ومع انتشار المقررات الإلكترونية المفتوحة المصدر OER (Open Educational Resources)  وجب الاهتمام بهذه المعايير، وأن يكون المعلم قد تدرب عليها جيدا ليستطيع الحكم على هذه المقررات مستقبلا، و لكي تساعده في نفس الوقت على إنشاء كتب إلكترونية تفاعلية تتبع معايير تربوية، وتكون مؤثرة وجاذبة للطالب وتحقق الأهداف المرجوة منها.

بناء الكتاب الإلكتروني التفاعلي

 أشار أحمد (2015) أن الخطوات الأساسية لبناء الكتاب الإلكتروني تتمحور في الاهتمام بكتابة النصوص، والتحرير، وإنشاء الصور، وتنظيمها، وترتيب المواد، ونسخها على وحدة تخزين، فهو إذن لم يعط التفاصيل الكافية لعملية البناء، عكس ما نجده في دراسة العجرمي (2016)، ودراسة اليامي (2014)، ودراسة العامري (2016) ، ودراسة الجمل والعامري (2015 ) فقد قاموا جميعا بسرد التفاصيل المهمة لبناء الكتاب الإلكتروني، وتم تقسيمها لعدة مراحل:

أولا: مرحلة التحليل وغالبا ما تتم هذه المرحلة على الورق، حيث يتم فيها تحديد المادة العلمية والوسائل التعليمية  وأدوات التقويم واختيار المادة، وتحليل خصائص المتعلمين، ومتطلبات بيئة التدريس.

ثانيا: مرحلة التطوير وفي هذه المرحلة يتم الاهتمام بالتأليف، وإنتاج المقرر التعليمي.

ثالثا: مرحلة التنفيذ وفي هذه المرحلة يطبق المنتج في البيئة المستهدفة.

رابعا: مرحلة التقويم وتكون هذه المرحلة شاملة لجميع مراحل التصميم.

التطبيقات التي تساعد في بناء الكتاب الإلكتروني التفاعلي

نستطيع بناء الكتب الإلكترونية التفاعلية ببرامج بسيطة جدا مثل برنامج الوورد (word)، والبوربوينت (power point)، ونستطيع الاستفادة من بعض المواقع المجانية التي تسمح لنا ببناء صفحة على الإنترنت مثل مواقع جوجل (Googlee)، وموقع مدونات بلوقر (Blogger)، بحيث كل ما عليك فعله هو إضافة الصور والنص ومقاطع الفيديو. لكن قبل عملية التصميم والبناء، يجب أن يكون لدى الشخص معرفة بالمعايير وطريقة التخطيط. وهناك برامج ساعدت على أن يكون الكتاب الإلكتروني أكثر تفاعلا، وأكثر جاذبية ومتعة للطالب، مثل Flipbook Maker Pro، وما يميز هذا البرنامج سهولة التعامل معه، حيث يستطيع المعلم والطالب تحويل نسخة الكتب الإلكترونيةPDF  إلى كتاب تفاعلي بطريقة بسيطة جدا، وما يميزها أيضا نشر هذه الكتب بعدة تنسيقات بطريقة سهلة وبسيطة. فمن الممكن نشر الكتب المنتجة من خلال هذا البرنامج بصيغة EXE  بحيث يعمل على أي جهاز كمبيوتر، ومن الممكن نشر الكتب المنتجة من خلال هذا البرنامج بصيغة   Html و flash ورفعها على أي سيرفر موجود على الإنترنت، وما يميز البرنامج إمكانية نشر الكتاب بصيغة Html5 حيث يمكن استخدام هذه النسخة على الأجهزة الذكية مثل أجهزة الهاتف المتنقل.

استخدام الكتاب الإلكتروني التفاعلي في مادة الحاسب الآلي

يقدم الكتاب الإلكتروني التفاعلي معارف جديدة للمتعلم، قصد مساعدته على التعلم الذاتي، وذلك من خلال عرض الفكرة، وشرحها وطرح الأمثلة عليها، وغالبا ما تقوم هذه الكتب على أساس التفاعل مع المتعلم، والسماح له بالتقدم في البرنامج حسب إجاباته، مع تقديم تغذية راجعة له. ونجد أن الكتب التفاعلية تقدم مزيدا من الأمثلة والتطبيقات والتمارين لتدريب المتعلم بطريقة مشوقة على مهارات سبق وأن تعلمها، مما يعزز من المهارات المعرفية لدى الطالب، وبالتالي فالكتب الإلكترونية ستوفر على المعلم الوقت الكثير خاصة وأن مجال الحاسب الآلي واسع و متشعب، وكثرة الأمثلة مطلب أساسي في هذه المادة.

  من خلال ربط الكتاب الإلكتروني التفاعلي مع منصات إدارة التعلم مثل إدمودو (Edmodo) يستطيع المعلم قياس مهارات الطلاب ونقاط الضعف بسهولة مما سيحدد للمعلم الأهداف التي لم تتحقق عند الطالب و التي تحتاج إلى تعزيز. ومن خلال الكتب الإلكترونية التفاعلية نستطيع تقديم نماذج مشابهة لمواقف في الحياة الواقعية والتي يصعب عرضها نظرا لتكلفتها العالية، وكمثال على ذلك سنربط وحدة الروبوتات بمواقع محاكاة للروبوتات، بالإضافة إلى مقاطع فيديو تعرض مدى أهمية الروبوتات في المجتمع. ومن خلال الكتب الإلكترونية التفاعلية يمكن إضافة بعض الروابط التشعبية التي تنقل الطالب لمنصات ألعاب تعليمية، والتي بدورها ستقوم بمساعدة الطالب في حل المشكلات، وذلك من خلال أجواء مليئة بالمتعة والإثارة والخروج من الروتين الممل. هذا بالإضافة إلى أنه يمكن الاستفادة من الموارد التعليمية المفتوحة بحيث نعرض  أمثلة للطالب بوضع روابط لها في الكتب التفاعلية، فمثلا في دروس البرمجة حين سيشاهد الطالب بعض البرامج التي أنجزها زملاؤه في نفس السن سيساعده الاطلاع على هذه التجارب في رفع الفاعلية الذاتية عنده وبالتالي ستسهل من عمل واجباته، وترفع من قدراته في عملية البرمجة.

ومن خلال تعاملي مع الكتب الدراسية الورقية نجد أنها تحتاج إلى تحديث بشكل مستمر وهذا لا يحصل بالطبع من قبل الوزارة، أما الكتب الإلكترونية التفاعلية فتسمح لمعلم الحاسب الآلي بسهولة التعديل عليها خاصة مع تطور البرامج التي يحتاجها الطالب والاستفادة من التعلم من البرامج الحديثة. ومثال على ذلك لو قاس المعلم مستوى طلابه في بداية السنة الدراسية على أحد البرامج ووجدهم أنهم أفضل من طلاب العام الماضي ومهاراتهم جد عالية فسيقوم المعلم بتحديث الكتاب بإضافة بعض البرامج التي تنمي مهارات الطالب وتساعده في عملية الإبداع.

رأي معلمي الحاسب في الكتاب الإلكتروني التفاعلي

من خلال مناقشتي مع زملاء المهنة معلمي الحاسب الآلي وعددهم 14 معلما وزملائي طلاب الدراسات العليا وعددهم 11، وجدت أن الكثير منهم يستخدم الكتب الإلكترونية التفاعلية منذ فترة طويلة، ولكن ليس بهذا المسمى تحت مسمى ملفات ال بي دي اف (PDF) وملفات البوربوينت، وكانت النسبة الأعلى في استخدامها كدروس تمهيدية بديلة عن شرح المعلم للجزء العملي، حيث يقوم المعلم بوضع بعض الصور ومقاطع الصوت التي توضح خطوات الجزء العملي، وإضافة بعض مقاطع الفيديو التي تشرح بعض الخطوات، وتقدم للطالب في معمل الحاسب، حيث يقوم الطالب باستعراضها لمعرفة الخطوات العملية للبرامج العملية المطلوبة في المقرر مثل شرح برنامج الوورد (Word) . وقد اتفق معلمو الحاسب الآلي خلال المناقشة الجماعية أن هذه الطريقة ساعدتهم كثيرا ووفرت الكثير من الوقت والجهد على المعلم، حيث يقوم الطالب بمشاهدة الملف، ويقوم بإعادته عدة مرات إلى أن يفهم الخطوات التطبيقية المطلوبة منه، وقد أشار بعض المعلمين أثناء المناقشة أن بعض الطلاب يستعينون بالورقة والقلم لتسجيل بعض الخطوات في ورقة خارجية، ويكون متفاعلا مع الملفات التي تم تقديمها له. وقد اتفق معلمو الحاسب الآلي أن هذه الملفات ساهمت في رفع مستوى الطلاب في الجزء العملي كثيرا، وساعدتهم على التعلم الذاتي. ومن الأشياء المميزة أن بعض الطلاب يطلب هذه الملفات قبل الاختبارات النهائية في الجزء العملي لمراجعة بعض الخطوات، ومن الجميل أيضا أن بعض الزملاء أرسل هذه الملفات لأولياء الأمور عن طريق برنامج الواتس آب (Whats up) فشكروه كثيرا لأنها ساعدتهم على رفع مستوى مهاراتهم في برامج كثيرة  مثل برنامج الوورد، وبرنامج البوربوينت وساعدوا أبناءهم كثيرا في بعض الخطوات.

 وقد تم مناقشة المعلمين حول معايير إنشاء الكتب التفاعلية والخطوات الأساسية لبناء مثل هذه الكتب، فوجدت أن الكثير منهم يعتمد على خبراته الشخصية و ردة فعل الطلاب فقط ولا يلتزم بأي معيار، وخلال المناقشة تم توضيح أهمية المعايير خاصة وأنها ستزيد من فاعلية الطالب وأن عملية التخطيط الجيد ستساهم في إنتاج كتب إلكترونية تفاعلية عالية المستوى. وبعد ذلك انتقلت مع زملائي معلمي الحاسب إلى مدى الاستفادة من هذه الكتب في الاستراتيجيات الحديثة مثل الفصول المقلوبة وتطبيقها في التعلم النشط حيث الطالب هو المحور الأساسي لبناء هذه الكتب، فوجدت أن لديهم الكثير من المعلومات عن التعلم النشط، خاصة وأن الوزارة اهتمت في السنتين الماضيتين بهذا النوع من التعلم. فأكثر الإجابات اتفقت على صعوبة عمل الطالب لهذه الملفات خاصة في مرحلة الصف الأول متوسط، حيث يحتاج الطالب إلى كثير من المهارات في برنامج البوربوينت قبل أن ينجز مثل هذه الكتب وبالتالي فالمعلم لن يجد الوقت الكافي لتعليم الطلاب بعض المهارات خاصة وأنه مطلوب منه الكثير من الأهداف لتحقيقها مع الطلاب خلال ال 16 حصة المطلوبة منه. ووجدت من خلال مناقشتهم أن الطالب إذا تم إعطاؤه ملفات أو كتب إلكترونية تفاعلية ليشاهدها في المنزل، فإن الطالب يميل إلى تقديم الأعذار، مثل انشغال الوالدين بجهاز  الحاسب أو رفض تسليم الجهاز من قبل أولياء الأمور، وتم الإقرار أن الكتب التفاعلية المستثمرة في المدرسة أعطت أثرا أكبر من تلك التي تم تكليف الطلاب بمشاهدتها في المنزل. ومن خلال تحليلي للمعلومات التي تم ذكرها من زملائي معلمي الحاسب أجد التالي:

أولا: يجب على المعلم أن يعرف ما هي الاستراتيجيات التي ستستفيد من الكتاب الإلكتروني التفاعلي وتساعد الطالب على  عملية التعلم.

ثانيا: يجب تدريب المعلمين على معايير إنشاء الكتب الإلكترونية التفاعلية.

ثالثا: يجب الاهتمام بمنصات إدارة التعلم لتساعد المعلم على معرفة أثر الكتب الإلكترونية التفاعلية.

رابعا: يجب تدريب المعلمين على البرامج التي تساعده في إنشاء كتاب إلكتروني تفاعلي أكثر جاذبية و تحفيزا للطالب.  

نظرة المجتمع للكتاب الإلكتروني

المعلمون : من خلال المناقشة مع مجموعة من الزملاء في التخصصات الأخرى، والبالغ عددهم 26 معلما، وجدت أن أربعين  في المائة منهم لا يعرف ماهي الكتب الإلكترونية التفاعلية، وبعد إعطائهم أمثلة، وجدت أنهم يستخدمونها ولكن بشكل بسيط جدا، حيث يتم استخدامها في المصادر على شكل عروض تقديمية، أي كوسيلة تعليمية تعزز من تعلم الطالب، وتتم عملية التحكم من قبل المعلم، وطالب الأكثرية منهم بتوفيرها من قبل الوزارة وأن ليس لديهم الاستعداد لإنشاء مثل هذه الكتب بعذر عدم تدريبهم على ذلك، إضافة إلى الأعباء الوظيفية مثل الإشراف، وغيرها من الأمور التي يتم تكليفهم بها.

الطلاب: تمت مناقشة مجموعة من الطلاب في الصف الثالث متوسط حيث بلغ عددهم الأربعين طالبا موزعين على  قسمين، ومن خلال المناقشة الجماعية وجدت أن النسبة العالية من الطلاب قد تعودت على الملخصات، والكتب التقليدية في عملية مراجعة المواد، وما يحصلون عليه من قبل المعلمين كأنشطة على البريد الإلكتروني أو في وحدات التخزين من معلومات يقومون بطباعتها، وفي حال تم إجبارهم على الكتب الإلكترونية، فيقومون بطباعتها لأنهم تعودوا على مسألة عمل الخطوط على المعلومات المهمة، وقد توصلت دراسة يلمان (Yalman : 2015) أن أربع وخمسون في المائة( 54,888%)   من الطلاب يفضلون الكتب المطبوعة، ويفضل الكثير منهم استخدام الأجهزة الذكية للعب والمشاركة في مواقع التواصل الاجتماعي .

أولياء الأمور: من خلال المقابلة مع عدد من أولياء الأمور والبالغ عددهم تسعة من الذكور، وجدت أن معظمهم يخشى على  ابنه عدم تمكنه من مراجعة المواد عن طريق هذه الكتب التفاعلية، حيث لم يتعود على ذلك، واتفق الجميع على أن هذه الكتب ستكلفهم ماديا مستقبلا في عملية صيانة الأجهزة، خاصة وأن أجهزة أبنائهم دائما ما تتعرض لكسر الشاشات.

من خلال ما تم عرضه من مقابلات، أرى أن الإجابات السلبية للمعلمين كانت بسبب أنهم لم يتعاملوا مع كتب إلكترونية احترافية جاذبة تساعد الطلاب على عملية التعلم، بالإضافة إلى اعتبار المعلمين إنشاء الكتب الإلكترونية بمثابة عبء إضافي.

بالنسبة للطلاب أرى أنه من المناسب استخدام أسلوب التحفيز لقراءة الكتب الإلكترونية بحيث يتم ربطها بقواعد بيانات تساعد المسؤولين على معرفة مدى قراءة الطالب لهذه الكتب قبل اعتمادها بشكل رسمي، مع إضافة درجات في المواد الدراسية في حال مثلا تمت قراءة هذه الكتب بشكل دوري.

بالنسبة لولي الأمر فمسألة شراء الأجهزة وصيانتها هي التحدي الكبير بالنسبة لهم، ولهذا أرى أن تقوم الوزارة بوضع تسهيلات وذلك بالتعاقد مع مجموعة من الشركات، بحيث تسهل عملية شراء الأجهزة الإلكترونية، و بأسعار رمزية، وأرى أن يتم عمل دورات مكثفة لطلاب المرحلة الثانوية في عملية صيانة الأجهزة وتغيير الشاشات وبالتالي سيستفاد منهم بحيث يتم إنشاء ورش تساعد الطلبة على صيانة أجهزتهم وفي نفس الوقت يكون من أنواع التدريب المهني للطالب.