المؤلف:
موقع الأوائل التعليمي

عدم تسديد الأقساط المدرسية.. أثر نفسي سلبي ينعكس على الطالب

بدت علامات الغضب والاستياء على وجه الطفل مهند في الصف الرابع الابتدائي، مطالبا والديه بنقله لمدرسة أخرى لدى عودته إلى البيت. والدة مهند حاولت معرفة السبب بعد أن قامت بتهدئته، وبدأ يشرح لها عما أغضبه في ذلك اليوم، عندما قامت مديرة المدرسة بإحراجه أمام زملائه بقولها: (أخبر أباك بأن يحضر لنا الأقساط المستحقة، لا نريد أن يتكرر ما حدث العام الماضي). “مهند” طالب مجتهد في صفه بحسب قول والدته، وتؤكد أن المدرسة تطالبهم بأقساط مدرسية من العام الماضي، ويسعون لتسديدها، وهو معتاد على مدرسته وتدريسها جيد، ولا يفضلون نقله لمدرسة أخرى، لكن لديهم معاملة غير لائقة مع الطلبة المتأخرين في الأقساط المدرسية. وتشير إلى أنهم يدفعون الاقساط بشكل شهري لكن الظروف الاقتصادية الصعبة تحول دون قدرتهم على تسديد الاقساط بالكامل. وتقول والدة مهند  “لا يمكنني ان اسجل ابني في المدارس الحكومية لأسباب عديدة منها اكتظاظ عدد الطلبة في المدارس الحكومية، عدم تركيزهم على تدريس اللغة الإنجليزية”.  وطالب خليل شحادة والد الطلبة “فراس ومهند وتالا” الجهات المعنية والمسؤولة في التعليم الخاص، بإيجاد حل لبعض المدارس الخاصة وتطوير أساليب تعاملها مع الطلبة المتعثرين ماديا، “ومراعاة الظروف الاقتصادية السيئة التي نعيشها، وأن تتم تسوية الأمور المالية مع أهل الطالب فقط تجنبا لإحراجه”. اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة يقول: “نعلم جميعا أن الطفل صفحة بيضاء، وبالتالي أي شيء غير مألوف يؤثر على الطفل ونفسيته ويظهر ذلك من خلال ردات فعله، ولذلك لا بد من أن نتعامل مع الطفل بعناية، والطفل في المدارس الخاصة يجب أن يحظى بالأمن النفسي والحماية الإجتماعية”. مبينا، لذلك الطفل لا علاقة له بالأقساط المدرسية وغير مسؤول عنها، حتى يتم التعامل معه أو يتم احراجه، فالأصل  الاتصال مع ولي الأمر والتفاهم حول هذا الأمر. يلفت، وعندما يتم التعامل مع هذا الطفل بالأمور المالية والاقساط، لا بد أنها تسبب له جرحا نفسيا، وتعرضه لكلام الطلبة سواء بنظراتهم أوكلامهم أو سلوكياتهم، وهذا يؤثر عليه، وحبه للمدرسة. ويسبب له عقدة نفسية أو ضعفا في تحصيله الدراسي أو الهروب من المدرسة أو الانسحاب من الواقع الاجتماعي الذي يعيشه، وينعكس عليه سلبا في مستقبله، وعلى سلوكه مع زملائه ومعلميه وجميع المحيطين به، فقد يصبح عدوانيا وله ردات فعل سلوكية عنيفة. يؤكد مطارنة، لا بد أن تكون المدرسة بيئة تربوية تعليمية آمنة للتعليم فقط، أما القضايا المالية فيجب أن تتم مع أولياء الأمور فقط. مديرة إحدى المدارس الخاصة أسماء نمراوي في منطقة جبل الحسين تقول: “هناك حقوق مالية للمدرسة على أولياء الأمور الالتزام بها، وعندما يتخلف الأهل عن تسديد الأقساط المدرسية تلجأ الإدارة لتوجيه رسائل قصيرة عبر الهواتف النقالة، وفي حال عدم الاستجابة نخاطب ولي أمر الطالب، وعندما لا يسدد نضطر لإيقاف إرسال الباص لنقل الطالب من وإلى المدرسة”. تؤكد نمراوي أن جميع هذه الإجراءات تتم بعيدا عن الطالب، فلا علاقة له بذلك، كما أننا لا نقوم مطلقا بحجب الشهادة أو الملف، فهذا إجراء غير قانوني ولا يجوز بأي حال من الأحوال استخدامه كوسيلة لتسديد الأقساط المستحقة. تضيف نمراوي، نحن لدينا التزامات مالية عديدة، ومن حق المدرسة على أولياء الأمور احترام حقوقها والإيفاء بأقساط أبنائهم، فنحن نوفر لهم بيئة تربوية علمية، وعندما تقصر المعلمة تحاسب، وبالتالي إن انتهى العام الدراسي ولم يسدد ذوو الطالب الاستحقاقات المالية لا نجدد له العقد للسنة القادمة، ويقوم بالتوقيع على (كمبيالة أو شيك بنكي) لضمان حق المدرسة”. المحاسب المالي رائد عتمة في إحدى المدارس الخاصة يقول: “أصبحت المدارس الخاصة لا تحقق العائد المادي المرجو منها، وأصبحت أوضاع العديد منها مزرية بسبب تأخر أو عدم تسديد أولياء الأمور الأقساط المدرسية”. مؤكدا، أن المدرسة لديها العديد من الالتزامات المالية، منها رواتب المعلمين وغيرها، وعندما لا يكترث الأهل بتسديد أقساطهم يسببون إرباكا للإدارة والمحاسبة، مما يدفعنا لمطالبة الأهل بالأقساط، من خلال الانذارات الورقية المرسلة مع الطالب، والمكالمات الهاتفية المتكررة، وللأسف أحيانا لا يكلف الأهل أنفسهم الرد على هذه المكالمات، وبالتالي هم من يسبب الإحراج لولدهم وليس المدرسة. وبصدد هذا الموضوع توضح الاستشارية الأسرية والتربوية سناء أبو ليل بقولها: هناك جانبان أساسيان في هذا الأمر، الأول هو إدارة الأسرة، والآخر هو إدارة المدرسة، ولا بد من وضع أسس صحيحة تجنبا لوقوع مشكلات مالية يتعرض الطالب من خلالها للإحراج. الجانب الأول إدارة الأسرة، فيجب على الأسرة أن تدرس وضعها المادي جيدا قبل تسجيلها في إحدى المدارس الخاصة (هل وضعهم المالي يحتمل الأقساط المدرسية أم لا؟). فهناك العديد من المدراس الخاصة بكافة الاسعار، فمنها باهظة الثمن، والغالية، وهناك المعتدلة نوعا ما، ومنها تستطيع الأسرة أن تختار المناسب لإدارتها المالية تجنبا لوضع الطالب في بموقف ضعف أمام المدرسة، وكذلك رب الأسرة أمام أبنائه. والجانب الثاني يقع على إدارة المدرسة، بأن لا تجعل الطفل وسيلة ضغط على أولياء الأمور، فلا بد أن لديها وسائل أخرى غير الطالب، فالأب يخطط لتكريم ابنه بتسجيله بمدرسة خاصة، وبالتالي يتعرض لإيذاء نفسي كبير أمام زملائه. تتساءل أبو ليل: كيف تتحقق المتعة للطالب في تلقيه العلم في مكان أصبح لا يحب الجلوس فيه،  فالمدرسة شكلت له ذكريات سيئة منها “إعطاؤه أوراقا بعدم الإلتزام، اخراجه من الصف، عدم مجيء الباص، عدم توزيع الشهادة..” وغيرها من التصرفات السلبية أمام الطلبة. تؤكد أبو ليل، من حقوق الطفل حقه في التعليم، ويجب أن نوفره له دون أن يتعرض لانعكاسات نفسية دونية، ويشعر بالحقد والحسد من الطلبة الآخرين، ما يسبب له مشاكل كثيرة ويشعره بالذل أحيانا، كما أن هناك متطلبات لبعض المدارس الخاصة لا يستطيع الأهل تحقيقها وبالتالي تشكل له أزمة نفسية بالمقارنة مع أقرانه.