المؤلف:
موقع الأوائل التعليمي

بدأت الدراسة منذ حوالي الشهر، وطبعًا بدأ روتينها المعتاد ومحاضراتها التي لا تنتهي. قد تنشغل قليلًا بتحضير واجباتك، عروضك، ودروسك، لكنك طبعًا تملك من الوقت ما يكفي للبحث وتطوير معرفتك ورصيدك مقارنةً مع فترة الامتحانات وآخر الفصول.

فالدراسة الجامعية لا تقتصر أبدًا على المحاضرات ولا على طريقة الإلقاء والنقل التي لطالما تعودنا عليها في فترة دراستنا السابقة، إذ يجب على الطالب الجامعي أن يغني رصيده وإبحاره في مجال دراسته عبر المطالعة ومراجعة الكتب والمراجع.

وهنا في الغالب يصعب علينا اختيار الكتاب الأمثل والأنسب، فنبدأ البحث مرة واثنتين إلى أن نمل ولا نكمل مطالعتها. لهذا، فسنحاول أن نعرض أهم النقاط والمعايير التي ستساعدك في اختيار كتبك الجامعية.

حجم الكتاب

البداية طبعًا بحجم الكتاب، فهذا الأخير غالبًا ما يكون كبيرًا يتعدى عدد صفحاته 500 أو 800. رقم مهول أليس كذلك؟ طبعًا هو كذلك. إذ لا يمكنك أن تطالع مثل هذا الكتاب وتركز مع كل صفحاته والمعلومات التي يحتويها، إلّا إن كنت من عاشقي الكتب المهووسين.

لهذا أنصحك ألّا تبدأ باختيار كتب ذات حجم كبير. إن كنت نادر الاطلاع على المراجع، ابدأ بأقلها أحجامًا 200 – 300 صفحة ستكون كافيةً لك ( وطبعًا إن وجدت مايقل عن هذا العدد فسيحفزك أكثر )، لكن حاول أن تطالعها كلها. اقرأ الكتاب كاملًا، أمّا إن كنت من محبي القراءة فيمكن أن تختار كتابًا ذو حجم كبير، لكن ينصح بتحديد الفقرات التي تهمك، اطلع على الفهرس وحدد النقاط الأساسية التي تقوي رصيدك المعرفي وترتبط بشكل مباشر بمجال دراستك، وركز مطالعتك عليها تحديدًا لكي لا يتشتت انتباهك ولا تضيع استفادتك.

نسبة تعمقك في المجال

إنّ نسبة تعمقك في المجال قد ترتبط بسنتك الجامعية، وربما لا. حاول أن تقيم إذًا نسبة إدراكك بالمجال. مثلًا: إن كنت طالب اقتصاد، في أي سنة أنت؟ ما التخصص الذي يهمك أكثر؟ جدولك الأسبوعي، أي المواد يحتوي؟ ما المادة التي لها أولوية المطالعة (قد تكون مادة مهمة، أو أستاذ المادة ضعيف الشرح نوعًا ما. لهذا، عليك مراجعتها خارج نطاق المحاضرة … ) هل أنت ضعيف، متوسط أم محترف وملم بالمجال؟ وغيرها من الأسئلة التي ستمكنك من تحديد وضعك ومكانتك من المجال المراد دراسته.

بعد ذلك، يجب أن تختار الكتب على حسب النتيجة المتوصل إليها، وهنا يمكن أن تعتمد على النقطة القادمة وعلى عناوين الكتب نفسها، فالكتب العلمية مثلًا والتي ستناسبك إن كنت من محترفي المجال ستجد عناوينها جافةً علميةً (وطبعًا ستكون طويلةً بها الكثير من المفردات العلمية) أمّا إن كنت مبتدئ فيمكن أن تبدأ بالكتب العامة والتي ستكون عناوينها مثيرةً حتى بالنسبة للقارئ العادي.

المراجع والأصول

إنّ الكتب الأجنبية كانت ولا زالت المراجع الأهم في مختلف العلوم. لهذا، فإنّ مطالعة هذا النوع من الكتب قد يكون ذا فائدة أكبر، فالمقررات العربية تعتمد بشكل شبه كلي على هذا النوع من المراجع، مما سيسهل عليك فهم المواد المدرّسة من جهة، وتشكيل رصيد ذو دعامة علمية قوية ومتينة من جهة أخرى. إذًا، ينصح بالكُتّاب الأجانب. طبعًا دون التقليل من شأن الكتاب العرب، والذين لهم بصمة مهمة أيضًا في مختلف المجالات بشكل متفاوت.

اعتمد على المراجع الأجنبية، ويستحسن دراستها ومطالعتها باللغة التي تدرس بها في جامعتك (غالبًا ما تكون لغة أجنبية)، أمّا إن اخترت مطالعة كتب باللغة العربية، فحاول التعرف على المترجم وعلى نوعية الترجمة قبل البدأ بالكتاب، وأيضًا ولما لا مطالعة كتب الكُتّاب العرب دون أي مترجم أو وسيط لغة.

طريقة الخمس أصابع

هنا، سأطرح عليك فكرة تبنتها أحد المدراس الفرنسية، وهي طريقة الخمس أصابع. تقول قاعدة هذه الطريقة بشكل مختصر أنّه:

“إن أردت أن تختار كتابًا مناسبًا، بعد تحديده افتح صفحة ما بشكل عشوائي، ابدأ بالقراءة بصوت مرتفع ومد يدك، وكلما وقفت عند فكرة (أو كلمة) لم تفهمها ارفع إصبعك. أتمم قراءة الصفحة، إن أنت أنهيتها مع رفعك ليد كاملة (أي خمس أصابع. لم تفهم خمس أفكار أو خمس كلمات) فهو كتابٌ غير مناسب لك. ابحث عن غيره”.

هذه الطريقة يستخدمها التلاميذ الفرنسيون في اختيار الكتب الأجنبة تحديدًا، فإن لم يفهموا مثلًا خمس كلمات باللغة الإنجليزية في الصفحة الواحدة، فالكتاب إذًا عالِ المستوى، والأمر سيانٌ طبعًا بالنسبة لبقية المجالات.

أخيرًا، يجب أن تعلم عزيزي القارئ أنّ حب المطالعة ليس فطريًا، لكنك إن كنت لا تحب القراءة فتأكد أنّك لم تجد بعد الكتاب الأنسب لك ليحببك فيها. لهذا، اختر بعناية ما تود مطالعته ولا تبتعد كثيرًا عن مجال دراستك، فالهدف هنا ليس الانفتاح على ميادين مختلفة بقدر ما هو تطوير معرفتك توازيًا مع دراستك.