حاتم العبادي - رغم محاولة مجلس التعليم العالي مأسسة الية اختيار القيادات الاكاديمية، وتحديدا رؤساء الجامعات، إلا ان خطوات المجلس،التي اتخذها، تتطلب مراجعة وإعادة نظر لتجاوز الثغرات، بما يعزز الثقة فيها، لجهة الحيادية والموضعية عند اتخاذ القرار، خصوصا في عملية التجديد للرئيس من عدمه. ورافقت عملية البت في رئاسة جامعتي اليرموك والعلوم والتكنولوجيا حالة من "عدم التوقع" والتأويل والتفسير، الى حد انها باتت تشغل الرأي العام، خصوصا الوسط الاكاديمي. وأعتمد مجلس التعليم العالي مسار التقييم، كإطار عام لاختيار رؤساء الجامعات وللبت في التجديد للرؤساء الذين انتهت ولايتهم الاولى في رئاسة جامعات، إلا الاليات التنفيذية لعملية التقييم، لا تزال قاصرة في تعزيز الثقة بموضوعية التقييم، الذي يفترض ان يستند القرار النهائي عليه. ففي حالة اليرموك والعلوم والتكنولوجيا، شكلت لجنة لكل منهما، لتقييم اداء رئيس الجامعة من خلال الاداء العام للمؤسسة، ومن ثم عرض نتائج التقييم على مجلس التعليم العالي، وعليه تم التصويت على التجديد من عدمه للرئيس. ورغم ان نتائج التصويت من حيث عدد المؤيدين للتجديد الى الرافضين مختلفا تماما ، إلا أن النتيجة كانت واحدة لكلا الرئاستين وهي "عدم التجديد". وتزامن مع مرحلة التقييم انذاك، إعادة تشكيل لمجلس التعليم العالي، وباتت اتهامات متبادلة بين أعضاء المجلس المقالين ورئيس المجلس، إلا ان تلك الحالة انتهت، ما أعطى فرصة لمجلس التعليم العالي لمراجعة الالية السابقة والوقوف على سلبياتها ومعالجتها. وعلى أثر ذلك، أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي عن اتفاق "شرف" سيكون بين اعضاء المجلس في تشكيلته الجديد، يقتضي بعدم ترشح اي منهم لرئاسة اي جامعة يشغر فيها الموقع، لضمان عدم حدوث "تضارب في المصالح". الى جانب ان عملية التقييم باتت تمر في مرحلتين، بدلا من مرة واحدة، لضمان موضوعية أكثر، إذ تمثلت المرحلة الاولى بأن يقوم رئيس الجامعة بإعداد تقرير مفصل ضمن محاور عشرة، يرفعه الى مجلس التعليم العالي، الذي بدروه يشكل لجنة يمثل فيها مجلس الامناء ومجلس التعليم العالي بالاضافة الى خبير، للتدقيق على التقرير بمختلف الوسائل، بما فيها مقابلة عاملين من مختلف الفئات بالجامعة، حيث ترفع تقريرها للمجلس وفي ضوئه يتم اتخاذ القرار. وطبقت هذه الالية على الجامعة الهاشمية، وكان قرار مجلس التعليم العالي بالتجديد لرئيس الجامعة مرة ثانية. ومع إقتراب انتهاء الولاية الاولى لرئاسة الجامعة الاردنية، والبدء في عملية التقييم، تكشفت بعض الملاحظات على الالية الجديدة في التقييم، نظرا للمتابعة والترقب والاهتمام العام بقرار يتعلق برئاسة الجامعة الام والاكبر. ففي حالة "الاردنية" أعد رئيس الجامعة تقريرا حول وضع الجامعة من حيث الانجازات التي تحققت والتحديات والخطط المستقبلية وتلك التي قيد التنفيذ، وتم رفعه الى مجلس امناء الجامعة، استجابة لمقتضى قانون الجامعات الاردنية، الذي تنص المادة (11) منه في الفقرة (ج) على ان مجلس الامناء يتولى مهمة تقييم أداء الجامعة من جميع الجوانب الاكاديمية والادارية والمالية والبنية التحتية. كما تنص الفقرة (ح) في البند الثاني ان من مهام مجلس الامناء "مناقشة التقرير السنوي للجامعة، بعد الموافقة عليه من مجلس الجامعة ورفعه الى مجلس التعليم العالي للاطلاع علي". كما نصت المادة (13) في البند الرابع من قانون الجامعات المتعلقة بمهام رئيس الجامعة على ان يقدم رئيس الجامعة خطة العمل السنوية الى مجلس الجامعة لدراستها ورفعها الى مجلس الامناء. وفي ضوء الاهتمام والمتابعة والترقب، تكشف للمتابعين عبر ما نشر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل اعلام الكترونية نسخة من قرار مجلس امناء الجامعة الاردنية الذي نسب باجماع اعضائه الى مجلس التعليم العالي بالتجديد للرئيس لمدة ثانية، ليستكمل عمله الذي بدأه قبل اربع سنوات. وبعد ذلك، شكل مجلس التعليم العالي لجنة لتقييم للتقرير التقييمي الذي قدمه رئيس الجامعة، تتكون من رئيس مجلس امناء الجامعة الحالي، ورئيس مجلس امناء الجامعة السابق، بالاضافة الى عضو من مجلس التعليم العالي". وهنا، بدأت التساؤلات، التي تتطلب الاجابة عليها إعادة نظرفي الية التقييم، بما يضمن "مصلحة الجامعة"، التي تتحقق عندما تكفل تلك الالية الحيادية والموضوعية عند اتخاذ القرار. والتساؤل الاول، من الاقدر على عملية التقييم، مجلس الامناء، الذي تنص المادة (13) من قانون الجامعات في فقرته (أ) بأن رئيس الجامعة مسؤول امامه عن ادارة شؤون الجامعة أم اللجنة التي يشكلها مجلس الامناء؟ مع ضرورة مراعاة الفترة المتاحة لكل منهم في التقييم وعدد المقيمين، ففي مجلس الامناء فإن مدته اربع سنوات و يبلغ عدد اعضائه (12) عضوا، وفي اللجنة (3) اعضاء، وفترة التقييم لا تتجاوز الشهر. والتساؤل الثاني، ما هو موقف مجلس التعليم العالي ، في حال ذهبت لجنة مجلس التعليم العالي، الى نتيجة مخالفة لتنسيب مجلس الامناء؟ هل سيأخذ بتنسيب اللجنة أم بتنسيب مجلس الامناء؟ خصوصا وان من بين اعضاء اللجنة: رئيس مجلس الامناء الحالي ورئيس مجلس الامناء السابق. التساؤل الرابع، ما مدى مقدرة اللجنة على التأكد من موضوعية اراء العاملين في الجامعة في سعيها للوقوف على حقيقة واقع الجامعة سواء اكانت تلك الاراء ايجابية ام سلبية؟ مع احتمالية ان تكون الاراء مبينة على انطباعات شخصية، لا تراعي حقيقة القرارات والاجراءات المتخذة، والتي قد تحمل ابعادا تخدم الجامعة كمؤسسة(مبررات واسباب وتطلعات). وما مدى مقدرة اللجنة بالاستقصاء عن راي المستطلعين بأنه لا يحمل أبعادا شخصية؟ والتساؤل الخامس، ما مدى مراعاة لجنة التعليم العالي، عند اتخاذ تنسيبها، خصوصية الجامعة كمؤسسة تدار من خلال مجالس، وليس من خلال اشخاص؟ والتساؤل السادس، هل تنسيب اللجنة ملزم لمجلس التعليم العالي عند اتخاذ القرار؟ علما بأن قانون الجامعات نص على ان رئيس الجامعة الرسمية يعين "بإرادة ملكية بناء على تنسيب مجلس التعليم العالي"، ما يتولد عن هذا الواقع القانوني تساؤل فرعي، ما مدى قانونية اللجنة؟ والتساؤل السابع، هل البعد الاكاديمي اولى من البعد الاداري والمالي في عملية التقييم، ام ان كلاهما في ذات السوية؟ وما مدى مراعاة التقييم للتحديات الخارجية التي تتسلل تداعياتها الى الحرم الجامعي؟ الخلاصة، أن مصلحة الجامعة، اي جامعة، تتجاوز مصالح الاشخاص، ما يقتضي على مجلس التعليم العالي ان يكون تنسيبه مشفوعا بمبررات موضوعية، قادرة ان تقوده الى مأسسة والية حقيقة للتقييم ومن ثم الى الاختيار، الية تصلح لكل زمان - الرأي .
أوائل - توجيهي أردني .