حاتم العبادي - رغم أهمية دور المعلم، يإعتباره اساس التنمية البشرية في مختلف المجالات، إلا أن المؤشرات الرقمية والاحصائية تكشف عن «اشكالية» في تعاطي الجهات المعنية بإجراءات تعيين وإختيار المعلم، إذ انها لا تتناسب مع دوره وبالضرورة يترافق ذلك مع تدني المخرجات التي يقدمها للطلبة. وانعكست سلبا على مخرجات التعليم العام وبالتالي على مخرجات التعليم العالي، بإعتبار هاتين الحلقتين متصلتين ومتكاملتين وتؤثر احدهما بالاخرى. وتفتقد الالية المتبعة في عملية إختيار المعلمين للتأكد من الاهلية من حيث عدة محاور:الرغبة بالعمل في هذا المجال ومهارات التواصل مع الشريحة المستهدفة (الطلبة) وامتلاك القدرة على ايصال المعلومة، خصوصا وان هنالك تفاوتا في الاستجابة بين الطلبة، الى جانب الاهلية العلمية. وبحسب اسس القبول السنوية فإن غالبية التخصصات التي تحتاج وزارة التربية والتعليم لخريجيها للعمل كمعلمين، فإن معدل القبول فيها (65%) في الجامعات الرسمية و(60%) في الجامعات الخاصة، وهي الحد الادنى للقبول في الجامعات، في حين ان هنالك تخصصات الحد الادنى للقبول فيها يتراوح بين (70%-85%)، وغالبية هذه التخصصات لا تغذي مدارس وزارة التربية والتعليم. ما يؤشر الى ان «متطلبات استكمال التوجيهي و القبول الجامعي، تشجع الأفراد ذوي المهارات المنخفضة للانضمام إلى مهنة التدريس»، و لم تراع مدى تأثير ذلك على القدرة التأهيلية لخريج التخصصات عند التحاقهم بالعمل كمعلمين. وتشير احدى الدراسات الى ان (87%) من المتقدمين للعمل كمدرسين في وزارة التربية والتعليم تم تعيينهم عام 2009، وان متوسط معدل الثانوية العامة (التوجيهي) كان (65%)، وهو الحد الادنى للقبول في الجامعات الرسمية. ورغم اهمية خريجي برنامج التربية للعمل كمعلمين، فإن الحاصلين على معدل (65%) في التوجيهي يستطيعون الالتحاق بهذا التخصص في الجامعات الرسمية و(60%) في الجامعات الخاصة، في حين يُشترط كحد أدنى للتقدم بطلب التحاق، ليس قبول بكليات الطب وطب الأسنان ان يكون المعدل (85%) و(80%) لكليات الصيدلة والهندسة في الجامعات الرسمية والخاصة. وفي المحور المتعلق بإجراءات التعيين، فإن اوزان نقاط التنافس في التعيين تتجاهل غالبية متطلبات العمل كمعلم، إذ أن تخصص نصف نقاط الاختيار المستخدمة من قبل ديوان الخدمة المدنية تقريبا لسنوات الخبرة ومدة الانتظار، بينما تحظى المؤهلات الأكاديمية بنسبة 25% من النقاط. وفي ضوء ذلك، قد يمنح مقدم طلب يحمل شهادة بكالوريس من خريجي عام 2012 نفس النقاط لخريجي عام 2014 يحمل شهادة الدكتوراه، بإفتراض أن المرشحين متساوون في كافة الجوانب الأخرى. في حين تمنح عملية الاختيار المتَّبعة 10% تقريبا من النقاط الكلية للشغف لدى المرشحين نحو التدريس أو مُلائمتهم للعمل مع الأطفال، وذلك عند تقييم الدافع نحو مهنة التدريس أثناء المقابلة. وبحسب نتائج استبيان اجري عام 2015، فإن (37%) فقط من المدرسين في المدارس الحكومية أظهروا أنَّ السبب الرئيسي للانضمام إلى مهنة المعلم هو الرغبة في التدريس ، مقارنة بـ (58%) من المدرسين في المدارس الخاصة. فيما أفاد (25%) من المدرسين في المدارس الحكومية أن سبب انضمامهم إلى مهنة التدريس هو أن مهنة التدريس كانت هي الخيار الأفضل المتاح بالنسبة لهم فيما أفاد (18%) عدم وجود خيار أفضل. مقارنة دولية ففي سنغافورة: فإن الـ(30%) الاعلى من خريجي المدارس الثانوية مؤهلون للتنافس على مهنة المعلم، ويتم قبول(12.5%) من المتقدمين في «معهد التربية الوطنية»، إذ يخضعون لعملية، تتمثل في امتحانات تنافسية ومقابلات ، ويتم استعراض سجلاتهم الأكاديمية بصورة موسعة ومساهماتهم في المدارس والمجتمعات المحلية. في حين ان فنلندا، تعمل على تعيين الطلاب الذين يمثلون الربع الأعلى من الخريجين، ويتم قبول 10% من المتقدمين في برامج تدريب المعلمين، إذ تقيس أجراءات التوظيف الرغبة والدافعية لهذه المهنة إضافة إلى المؤهلات الأكاديمية. والمحور الاخير الذي يجب مراعاته قبل التعيين امتلاك المرشح للتعيين مهارات التواصل مع البيئة المدرسية في مختلف مكوناتها، وهنا يقول الرئيس التنفيذي لاكاديمية الملكة رانيا للتدريب هيف بنيان ان غالبية المعلمين الذي يخضعون للتدريب في الاكاديمية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم ليس لديهم مهارات في التواصل وغير مهيئين للتعامل مع الطلبة، رغم انه يمتلك المعلومات التحصيلية في مجال تخصصه، حيث يركز التدريب في الاكاديمية على تعزيز هذا الجانب من خلال اسس ومعايير قابلة للتطبيق بالغرف الصفية، تتمثل في ورشات عمل ومحاضرات وفعالية تطبيقية تدريبية. ويضيف بنيان ان التدريب يكون بالرغبة وليس بالاجبار، وان مدة الدروة سنتين، إلا انه لم يخف بعض الاحباطات والتي تتمثل في ان الوزارة ترى ان يكون التدريب بعد نهاية الدوام الرسمي (بعد الظهر)، حتى لا يؤثر على عملية التدريس، ولا ينعكس سلبا على الالتزام. واكد انه من خلال التقييم المستمر لعملية التدريب، فإن نتائج التدريب اثرت ايجابا على اداء المعلمين داخل الغرف الصفية، الى جانب ان المتدرب يحصل على شهادة معتمدة من وزارة التربية ويحصل بموجبها على «رتبة» وظيفية. ما اشار اليه الرئيس التنفيذي فيما يتعلق بملاحظة عدم الالتزام، تقود الى ضرورة ان تعيد الوزارة بالتنسيق مع الجهات المعنية من ديوان خدمة مدنية وجامعات النظر في إجراءات «انتاج المعلم»، بحيث تعتمد سياسة تكامل الادوار، وبما يضمن «منتج» مؤهل وقادر على الانخراط في سوق العمل مباشرة، لا اعتماد سياسة جزئية و»ترقيعية» لاحقة - الرأي .

اوائل - توجيهي .

أحدث الأخبار