محمد السنيد - اسيل بنت الجنوب توفي والدها وهي في الصف الرابع الابتدائي عندها كان قد تقاعد رحمه الله من الجيش العربي برتبة وكيل، وعانت اسيل مرارة اليتم و جور الظروف التي عاشتها واسرتها. وتحملت والدتها عناء الرعاية والتربية و متابعة اطفالها ودراستهم وكانت الى جانبهم ترعاهم و تحفزهم للدراسة، ولم تستسلم تلك البدوية المثابرة لتحديات الواقع الجديد بتحملها اعباء جديدة بغياب الاب المفاجيء بل حملت على عاتقها مسؤلية عظيمة في التربية والرعاية، وتكللت بنجاح ابنها والتحاقه بالدراسة الجامعية و نجاح ابنتها اسيل بامتحان التوجيهي و بتفوق على مستوى المملكة وذرفت اسيل دموع الفرح بين يدي والدتها وهي تهدي لروح والدها نجاحها وانجازها. بلدة الحميمة في اقصى الجنوب المهمش احتضنت هذه الفتاة المثابرة حيث يمكن لمن يزور هذه القرية ان يلمس مستوى الحرمان والتهميش، فاسيل كانت تمشي وزميلاتها طالبات مدرسة الحميمة الثانوية للبنات لمسافة تزيد عن (5 ) كم يوميا ذهابا وايابا للوصل الى مدرستهن المدرسة التي لا يوجد بها تدفئة في فصل الشتاء تقيهن البرد، وجل ما في هذه المدرسة كادر تدريسي تديره ادارة منتمية ومخلصة ومحبة لعملها و وطنها رغم عدم وجود حضانة لاطفالهن في المدرسة . كان حلم اسيل دراسة الطب لتكن اول طبيبة في هذه القرية الا ان عدم توفر الفرع العلمي في مدرستها حرمها من تحقيق حلمها رغم المطالبة بفتح فرع علمي في المدرسة من قبل الطلبة والاهالي دون مجيب . اسيل لم تحصل على الدروس الخصوصية بل اعتدمت على نفسها ومعلماتها في المدرسة وحصلت على معدل (94 ) في منطقة صنفت من المناطق الاقل حظا و في الحقيقة الاكثر تهميشا من قبل الحكومات المتعاقبة و لم تصلها مبادرة مدرستي ذائعة الصيت حسبما افاد شقيق اسيل الاكبر راضي حيث عبر لي عن استيائه من احدى المحطات التلفزيونية التي حاولت استخدام انجاز شقيقته لاهانتهم واهانة اهل الحميمة من خلال فتح باب التبرع لدعمها حيث بادر ذوي اسيل بالاتصال بالقناة و طلبوا منها التوقف فورا عن هذا العمل المسيء و طالبوا بحق ابنتهم من الدولة باتمام دراستها وحصولها على حقها اسوة بغيرها بحياة كريمة. اسيل بنت الوكيل لقنت المتصيدين في الماء العكر درسا في العفة عفة الاردنيين الفقراء اغنياء النفس الذين سموا بكرامتهم وعفتهم على ثروات الاثرياء فالف تحية الى بنتنا اسيل و الى الجنوب واهله القابضين على جمر الوطن وقساوة الظروف و التهميش من ذوي السلطة .