وقف خبراء ومسؤولون في قطاع التعليم العالي على التحديات التي تواجه القطاع خصوصا في مجال الحوكمة والتعليم التقني والتطبيقي.

جاء ذلك خلال الملتقى الاول الذي نظمته الجمعية الاردنية للعلوم التربوية بعنوان (اضاءات ورؤى لقضايا ساخنة في التعليم العالي الاردني).

وقال الدكتور عدنان بدران رئيس الوزراء السابق ورئيس مجلس أمناء الجامعة الاردنية «ان دولٌا افَتقَرتْ إلى الخامات الطبيعية، والمياه، إلا أنَّ التعليمَ لديها تميزَ بالجودةِ والمواءَمة، وكانَ القاطرةَ الحقيقيةَ للفكرِ والتحليلِ، والدراسةِ والاستقصاءِ، وحَلِّ المشكلات، مما أدى إلى الاختراعِ والابتكار، إذ شكَّلَّ الخريجونَ في تلك الدولِ اللبناتِ الرئيسة لمحركاتِ النمو الحقيقية في توفيرِ فرصِ العمل، ونما الدخلُ الإنتاجيُّ المحليُّ ليضاهي الدولَ الكبرى».

واوضح بدران «ان سبب نهضَة تلك البلدانُ تشبثها بالتعليم بمنهجية تبني العقولَ الخلاقة لمجابهة التحديات، التي صنعت التنمية، وبذلك قَضَوْا على البطالةِ بين خريجيها، بينما ارتَفَعتْ بين الشباب لتصلَ إلى 25% من نسبةِ العاطلينَ عن العملِ».

واشار الى اسباب تدني واقع التعليم من خلال تساؤلات طرحها: «هل هي السياسة الارتجالية والمتخبطـة في الجامعات؟ هل هـي الحاكميـةُ والإدارةُ السيئة لمواردِ الجامعات البشرية والمادية من قبل رؤساءٍ غيرَ أكفياء، أم هي سلبٌ لصلاحياتِ مجالسِ أمنائها، تلك المجالسُ التي أصبحَتْ ديكوراً لتزيين مباني إدارات الجامعات، دون مضمون فاعل».

وتابع « هل هي سياسةُ القبول التي فُرضت على الجامعات من خارج حرمِها الجامعي، والقفزُ فوق الجدارة والكفاءة، أم هي تعودُ بشكلٍ عامٍ لتسييس الجامعاتِ من قبل الحكومات، والحدِّ من استقلاليتها، أم يعود الإجهاضُ إلى نقصٍ في موارد الجامعات المالية بسبب سلب مخصصاتها من قانون الرسوم الإضافية للجامعات من قبل خزينة الحكومة، كما سُلبت أيضاً مخصصاتُ البحث العلمي من رسومٍ 1% من أرباح الشركات، التي كانت تعود لُصندوقِ البحث العلمي تحت شعار وزارة المالية «.

وقال الدكتور راتب السعود رئيس الجمعية الاردنية التربوية «ان اصلاح التعليم العالي وتطويره في حالة مستمرة وعجلة دائمة الحركة ولولا المؤتمرات والندوات والمحاولات لاصبح التعليم العالي في وطننا كبركة ماء آسنة».

واضاف السعود «ان حجم الانجاز مذهل، فعلى الصعيد الكمي وخلال عمر الدولة الاردنية القصير ارتفع عدد الجامعات، إذ هنالك عشر جامعات حكومية وضعفها من خاصة وضعفي الجامعات من كليات المجتمع والمعاهد «مبينا ان الجامعات تحتضن ما يزيد عن 33000 طالب وطالبة يقوم على تدريسهم 13000 عضو هيئة تدريس وقد تخرج من هذه المؤسسات عشرات الالوف الذين بنوا الوطن لا بل ودولا عربية اخرى عديدة».

وفي الجلسة الاول للملتقى بعنوان «الحاكمية الجامعية» تحدث الدكتور بدران د. هاني الضمور امين عام وزارة التعليم العالي والدكتور تركي عبيدات رئيس جامعة الزيتونة وادار الجلسة د.محمود الوادي رئيس جامعة الزرقاء ومقررها د. صالح الروابية.

وعرض بدران في ورقته النقاشية الحاكمية الجامعية مركزية استراتيجية التعليم العالي الوطنية والتي بين خلالها من يضع السياسة الاستراتيجية ومن يقوم على متابعة تنفيذ السياسة الاستراتيجية، مطالبا بلامركزية لتنفيذ السياسة الوطنية.

وقدم الدكتور الضمور ورقة بعنوان «الرؤية الجديدة لمفهوم الحاكمية واستقلالية الجامعات ضمن الخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي « اشار فيها الى الحاكمية والادارة الجامعية في قطاع التعليم العالي والتي حددها في مجلس التعليم العالي وهيئة الاعتماد واللجنة العليا للبحث العلمي ومجالس الجامعات ومجالس العمداء ومجالس الكليات ومجالس الاقسام مبينا التحديات التي تواجه الجامعات.

واشار الى الخطة الاستراتيجية لقطاع التعليم العالي للاعوام من من 2014 – 2018 مبينا الاهداف الاستراتيجية ضمن محاور الحاكمية والادارة الجامعية لافتا أن الهدف تعزيز استقلالية الجامعات ونظام الادارة الحاكمية والتي ترتبط بالتمويل وسياسة القبول والاعتماد والجودة والتعليم التقني والتطبيقي ووقف هجرة الكفاءات.

وقدم رئيس جامعة الزيتونة د. تركي عبيدات ورقة عمل عن «الحاكمية في تشريعات التعليم العالي بين النظرية والتطبيق» ولخص ورقته «ان التعليم العالي حقق في العقود الثلاثة الماضية من القرن الماضي مكانة مرموقة ولكن هذه المكانة بدات تتاثر خلال السنوات العشر الماضية لاسباب منها تدني نوعية الخريج والتغيرات المستمرة في تشريعات التعليم العالي والاختيار غير المناسب للقيادات الاكاديمية وعدم التطبيق الكامل لمرتكزات الحاكمية.

ودعا الى تطبيق الحوكمة الرشيدة التي تركز على الاداء المؤسسي والتخطيط الاستراتيجي وضمان الجودة من مجالس الحاكمية في التعليم العالي وحسب المهام والتشريعات.

وفي الجلسة المسائية الثانية والتي عنوانها «تطوير التعليم التقني والتطبيقي»عرض رئيس جامعة البلقاء التطبيقية د. نبيل الشواقفة (التعليم التقني واقع وطموحات) واشار الى تعريف التعليم التقني والذي يساهم في الصناعات الانتاجية وبين مراحل تطوره وانه يوجد في الاردن 41 كلية وجميعها تابعة لجامعة البلقاء.

وأكد ان الجامعة اوقفت التخصصات الانسانية والتربوية في كلياتها وطرحت بدلها مجموعة من التخصصات التقنية الجديدة تناسب تطور سوق العمل.

واشار الى الصعوبات التي تواجه التعليم التقني في الاردن واهمية التمويل وشحه وتضارب التشريعات مبينا خطة التطوير المستقبلية واهمية التوسع في توفير برامج التعليم التقني.

وقدم رئيس جامعة الطفيلة التقنية الدكتور شتيوي العبدالله ملاحظات حول التعليم والتعليم التقني منذ بدايات الخمسينيات والنظرة التاريخية وتوزيع قوة العمل الاردنية في عام 2010 وما هي الرسالة الاساسية لهذه الكليات مستعرضا مشاكل التعليم التقني وابرزها مشاكل التمويل والتدريب وعدم السير بالحلول.

وقدم رئيس الجامعة الالمانية الاردنية الدكتور د. نظير ابو عبيد عرضا عن التعليم التطبيقي ضمن المفهوم الالماني والذي يركز على الشراكة بين الجامعات وقطاع الاعمال حيث تقوم الجامعات بالشراكة مع الشركات باستحداث مراكز للبحث والتطوير تنعكس مخرجاتها على التنمية الاقتصادية لدولها حيث تكون هذه المراكز مختبرات واقعية للاكاديميين من اجل تطوير المعرفة التي تؤدي الى رفع سوية الاداء التصنيعي والانتاجي لهذه الشركات كما وانها تشكل مراكز تدريب للطلبة يتعرفون من خلالها على بيئات الاعمال التي سيلتحقون بها بعد تخرجهم.

اليوم الثاني للملتقى التربوي ناقش «اهمية المساءلة والنظام التربوي» والمساءلة والشفافية في الجامعات الاردنية» و»سياسات التعليم العالي ودور الجامعات»، إذ قدم الدكتور اخليف الطراونة الرئيس السابق للجامعة الاردنية والدكتور محمد ابو قديس رئيس الجامعة العربية المفتوحة والدكتور عبدالرزاق بني هاني رئيس جامعة جرش اوراقا نقاشية.

وعرض الدكتور الطراونة في ورقة عمل بعنوان «المساءلة والنظام التربوي» مفهوم المساءلة والاسباب التي تدعو الى تطبيقها مبينا ان مفهوم المساءلة مرتبط بعملية الاصلاح الاداري وان المساءلة تختلف عن مفهوم الرقابة ، وبين معايير المساءلة واهدافها وانها تسعى الى التحسين المستمر.

واوضح قوة المساءلة واهميتها وآلياتها وفوائدها مؤكدا اهمية المساءلة في الجامعات ،كمبدا يحكم كل عمل وكل سلوك يمارس.

وتحدث ابو قديس حول «المساءلة والشفافية في الجامعات الاردنية» مبينا ان الشفافية تسهل عمليات تقييم الاداء وتوفر الوقت والتكاليف وتجنب الارباك والفوضى في العمل وتعمل على تطوير وظائف الوحدات الادارية وترسخ قيم التعاون والعمل الجماعي.

واشار الى ان الشفافية نوع من انواع الرقابة على العمل التي تمارس من خلال السلطة التشريعية والصحافة ومؤسسات المجتمع المدني ، واشتملت ورقته النقاشية على تعريف المساءلة ومبادئها ومؤشراتها والمتابعة القانونية والادارية.

وبين الدكتور عبدالرزاق بني هاني الفرق بين السائل والمسؤول وصفة وحدود كل منهما مشيرا الى معنى البيرقراطية وكيف تنشأ المسؤولية والمساءلة لافتا الى مفهوم استقلالية الجامعات الاردنية ومجالات المساءلة والاثار المباشرة للنظرية البيروقراطية والمساءلة والاستقلالية.

وتناولت الجلسة الرابعة «سياسات التعليم الجامعي الخاص في الاردن»، حيث تحدث الدكتور ابراهيم بدران وزير تربية وتعليم اسبق حول سياسات التعليم العالي ودور الجامعات الخاصة مستعرضا من خلالها اعداد الجامعات في الاقطار العربية والاجنبية والتعليم في الاردن ومشكلات التعليم التشريعية والادارية والعلمية الاكاديمية والاقتصادية والحاكمية الادارية والسياسات الحكومية واعضاء هيئة التدريس ومؤسسات التعليم العالي.

وتطرق الدكتور يعقوب ناصر الدين رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الاوسط الى انواع الشركات المالكة للجامعات الخاصة والقضايا والتحديات التي تواجه التعليم الجامعي الخاص وسياسات التعليم الجامعي المؤثرة سلبا على مسيرة الجامعات الخاصة وعلى مبادئ حوكمة الجامعات والسلبيات الناتجة عن عدم تطبيقها.

وقدم الدكتور في الجامعة الاردنية سلامة طناش ورقة عمل حول سياسة التعليم الجامعي الخاص في الاردن، عرف من خلالها سياسة التعليم الجامعي ومجموعة القواعد والمبادئ القانونية التي تنظم العلاقة بين الجامعات ومؤسسات المجتمع المدني واستعرض سياسة التعليم الجامعي الخاص في الاردن وأدار الجلسة الدكتور مروان مولا رئيس جامعة البتراء ومقررها ايمان الزبون.

وأوصى المشاركون بالتأكيد على النهج اللامركزي في إدارة الجامعات، مع أعطاء مجلس التعليم العالي حق الولاية العامة والبحث في آلية لاختيار رؤساء الجامعات لجهة منح مجالس الأمناء وأعضاء هيئة التدريس دورا رئيسا فيها.

ودعوا الى إعادة النظر في سياسة القبول الموحد بما يخدم الطالب والجامعة وإعادة النظر في الأدوار التي تتولاها المجالس في التعليم العالي، بما يحقق إستقلالية الجامعات والارتقاء بمستوى التعليم العالي.

واكدوا ضرورة تفعيل المساءلة من قبل مجلس التعليم العالي على مجلس الأمناء بتنفيذ واجباته والصلاحيات المخوّل بها والوقوف على كافة الاختلالات التي تعاني منها حاكمية قطاع التعليم العالي، ومعالجتها.

وشددوا على تعزيز مشاركة القطاعات الإنتاجية والخدمية ودعمها في توفير خدمات تدريبية متنوعة للطلبة في مواقع العمل وبناء علاقات شراكة فاعلة بين مؤسسات التعليم العالي التقني والجهات المماثلة للقطاعات الاقتصادية وإيلاء التدريب أهمية قصوى ,والاهتمام بتمويل التعليم التقني. 

ودعوا الى السير بالإجرات التنفيذية للخطة الاستراتيجية للتعليم العالي، وتحديدا المتعلقة بالتعليم التقني والعمل مع ديوان الخدمة المدنية والقطاع الخاص لاعادة النظر في سلم رواتب خريجي الدرجة المتوسطة ودفع رسوم الطلبة المقبلين على التعليم المتوسط، وإعطائهم منحاً تغطي بعض نفقات السكن والمعيشة من أجل زيادة الإقبال على هذا النوع من التعليم.

واوصوا بفتح قنوات حوار مع قطاع الاعمال بما يمكن الطالب بالعمل والتدريب في سوق العمل أثناء الدراسة وبضرورة توفير المخصصات المالية اللازمة للجامعات واعتماد المساءلة مبدأ لتحكيم ووضع منظومة للمساءلة من ضمنها رسالة الجامعة وأهدافها وصولاً إلى جودة التعليم وتحقيق متطلبات السوق (القيمة المضافة).

 

اوائل - توجيهي أردني