حاتم العبادي - رغم الحديث الواسع المقيم لقطاع التعليم في شقيه «العام والعالي»، في إطاره التشخيصي او العلاجي، إلا انه في «العلاجي» يخلو من تحديد نقطة بداية في عملية الاصلاح المطلوبة، لتجنب عمليات «الترقيع» المتبعة، التي شوهت صورة القطاع. ويرى مراقبون ان عملية الاصلاح في التعليم يجب ان تتناغم مع طبيعة القطاع من حيث مدخلاته ومخرجاته، والتي تشكل فيما بينها حلقات متكاملة لبعضها البعض. وتتطلب عملية الاصلاح توسيع الحلقات لتشمل مرحلة ما قبل التعليم في المراحل الاساسية، تتمثل في حلقة مرحلة «التعليم المبكر»، إذ تنبع اهمية هذه المرحلة من حيث طبيعة الشريحة المستهدفة كما ونوعا في إصلاح وتطوير التعليم. وبحسب دراسات فإن نسبة شريحة السكان في الاردن تحت سن (6) سنوات تقدر بحوالي مليون طفل، في حين ان عدد الاطفال الملتحقين بالمرحلة التمهيدية الاولى (kg1) زهاء (27.6) الف طفل مقابل (130) الف طفل غير ملتحقين وفي مرحلة (kg2) ملتحق بها (90) الف طفل مقابل (57) الف غير ملتحق، في حين ان زهاء (700) الف طفل ممن هم في مرحلة «الحضانة» غير ملتحقين بحضانات مقابل زهاء (40) الف طفل ملتحق بحضانات. ويعكس حجم تلك الارقام أهمية الاهتمام بهذه الشريحة، فإجمالي حجم الشريحة يحاكي زهاء مليون طفل، منهم (887) الف طفل خارج خدمة «التعليم المبكر» في مراحله الثلاث، بينما (152) الف يحصل على هذه الخدمة، بظروف متباينة. ورغم الجهود التي بذلت لتعزيز الاهتمام بتعليم هذه الفئة من الاطفال طيلة الفترة الماضية، إلا ان التحديات والمعوقات ونقص الامكانات حالت دون تمكين الجميع من الحصول على فرصة التعليم المبكر، الذي له تأثيرات مهمة في صقل شخصيتة وتوجيهها نحو الممارسات الفضلى، بما ينعكس ايجابا في المراحل المتقدمة من التعليم. وتتمثل التحديات والمعيقات في أكثر من جانب، اولها تجاوز الفهم الخاطىء بأن هذه المرحلة «ترفيهية» وليس لها انعكاسات على شخصية الطالب وتنمية التفكير والتمييز، وهذا يغذيه واقع الكثير من الحضانات التي تعتمد الشكل من حيث القائمين والادوات التعليمية والمساحات والبرامج. وتشير نسب الالتحاق بالتعليم المبكر في الاردن الى انها «متدنية» مقارنة مع دول متوسطة الدخل، إذ لا تتراوح النسب بين (60%) لمرحلة التمهيدي الثانية (kg2) و(28%) لمرحلة التمهيدي الاولى (kg1)، وبحدود (2%) لمرحلة الحضانة. ويستدعي هذا الواقع تطوير التشريعات بما يلبي تحقيق متطلبات برامج تنمية وتعليم الطفولة المبكرة، بما يجعلها ( التشريعات) قادرة على التقييم والرقابة والمحاسبة والمساءلة. وفي شق ثان، يستدعي تطوير هذه المرحلة ان تكون هنالك سياسات وبرامج تستهدف تنمية الكوادر البشرية بحيث تكون مؤهلة للتعامل مع هذه الفئة، التي يصفها مراقبون بأنها «مهمة» و»خطيرة» في حال الاعداد او الاهمال لها، ما يتطلب تطوير مهارات العاملين حاليا وتوفير مناهج ملاءمة وقادرة على مخاطبة هذه الفئة العمرية. ويتطلب تحقيق متطلبات بيئة للتعليم المبكر في مختلف جوانبه، توفير التمويل اللازم، الى جانب ايجاد تشريع يوجب الزامية الحاق الاطفال في مراحل التعليم المبكر، وتوفير مصادر دعم حكومي لبعض الشرائح، التي تحتاجها، كما هو حال المستفيدين من المعونة الوطنية - الرأي .
اوائل - توجيهي .