أعرب رؤساء جامعات خاصة ومسؤولون فيها عن مخاوفهم من نتائج تراجع أعداد الطلبة في جامعاتهم، عازين ذلك إلى سياسة معدلات القبول، واستئثار الجامعات الرسمية بحصة الأسد من خريجي الثانوية العامة "التوجيهي" الذين يحق لهم الالتحاق بالجامعات. فقد فاقم انخفاض نسبة نجاح "التوجيهي" للدورة الصيفية الماضية، وتراجع أعداد الطلبة الحاصلين على معدلات تؤهلهم للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي، من معاناة معظم هذه الجامعات، بحسب القائمين عليها الذين أوضحوا لـ"الغد" أن "الأوضاع المالية لمؤسساتهم تزداد حدة وتعقيدا عاما بعد عام". وبحسب هؤلاء، فإن الجامعات التي لن تغلق أبوابها، ستقوم حتما بـ"تقليص كادرها الأكاديمي والإداري، وهو ما سينعكس سلبا على نسب البطالة في أوساط الأكاديميين"، مشيرين إلى سبب آخر تضافر مع الأسباب الأخرى وهو "معدل القبول المنخفض في نظام الموازي بالجامعات الرسمية الذي لم يدع للجامعات الخاصة إلا القليل من الطلبة الذين لا يغطون الطاقة الاستيعابية فيها". وبحسب نتائج "التوجيهي" للدورة الماضية بلغ عدد الطلبة الذين يحق لهم الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي "الجامعات الرسمية والخاصة وكليات المجتمع" 31868 طالبا وطالبة، منهم 27402 طالب قبلوا بالجامعات الرسمية وهم الحاصلون على 65 % فأكثر. وبالنتيجة، فإن الأرقام السابقة تعني حسابيا ان حصة الجامعات الخاصة وكليات المجتمع تدور حول فئة طلبة "التوجيهي" الحاصلين على معدل بين 60 - 65 % والذين يبلغ عددهم حوالي 4466 طالبا، قد يزيد قليلا إذا استنكف بعض الطلبة عن قبولاتهم في "الرسمية"، فيما يفضل آخرون الالتحاق بجامعات في الخارج، وهو "ما ينعكس سلبا على حصة الجامعات الخاصة من الطلبة سنويا، ويكرس تنافسا غير متكافئ بين الطرفين"، بحسب مسؤولي هذه الجامعات. لكن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الأسبق وجيه عويس، كان استبق هذه المخاوف عندما دعا عقب إعلان نتائج "التوجيهي" الجامعات الخاصة إلى "التوجه نحو التعليم التقني"، مشيرا إلى أن هذه الجامعات سـ"تتأثر سلبا بانخفاض أعداد الطلبة الذين يحق لهم الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي". إلا أن جامعة الاميرة سمية للتكنولوجيا شكلت حالة استثنائية بين الجامعات الرسمية والخاصة كونها "لم تتأثر بهذه المشكلة مطلقا لا العام الحالي ولا السابق"، بحسب رئيسها د.مشهور الرفاعي. وأشار الرفاعي لـ"الغد" إلى أن جامعة الاميرة سمية "تقبل 40 % فقط من الطلبة الذين يتقدمون اليها بطلبات للحصول على مقعد"، موضحا ان الجامعة "تأخذ طاقتها الاستيعابية كاملة من الطلبة قبل اعلان قائمة القبول الموحد". وبين أن جامعة الأميرة سمية هي الوحيدة التي "تجري امتحانات قبول للطلبة في كل التخصصات، ولا تقبل أي طالب يقل معدله في التوجيهي عن 70 %"، مشيرا الى ان الحد الأدنى لمعدل القبول في تخصصات الهندسة لهذا العام بلغ 91 % وهو "أكثر من الحد الادنى لمعدلات القبول في التخصصات الهندسية في العديد من الجامعات الرسمية ضمن البرنامج العادي بسبب إقبال ورغبة الطلبة الدراسة في جامعتنا". واعتبر الرفاعي ان إقبال الطلبة على التسجيل في الجامعة يعود لتميزها اذ أنها ومنذ تأسيسها العام 1991 "أكدت على التميز في البرامج والتخصصات وهو ما يقوله الواقع حيث ان ثلث تخصصات الجامعة غير موجودة في جامعات وطنية اخرى"، مستشهدا على ذلك بالقول ان "نسبة التوظيف بين خريجي الجامعة تبلغ 85 %، وهناك طلبة يحصلون على فرص عمل وهم ما زالوا في السنة الرابعة". وإضافة الى ذلك، "تتميز الجامعة ايضا بالتجهيزات والمختبرات والتدريب والبحث العلمي، إضافة إلى اساتذة من الكفاءات العالية أكاديميا وطلبة متميزين". وأشار الرفاعي الى ان جامعة الاميرة سمية هي الوحيدة من بين الجامعات الخاصة التي تمنح أكاديمييها إجازة تفرغ علمي، موضحا أن "مشكلة الجامعات الخاصة تتمثل في ان الطلبة يذهبون اليها بعد اعلان المقبولين ضمن البرنامجين العادي والموازي. ويذهب الرفاعي الى ان طلبة "يفضلون الالتحاق بالبرنامج الموازي في الجامعات الرسمية على الالتحاق بالجامعات الخاصة"، لكنه أشار إلى أن انخفاض اعداد الطلبة الذين يحق لهم الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي اثر سلبا على الجامعات الرسمية في البرنامج الموازي، وعلى الجامعات الخاصة فيما يتعلق بنوعية الطلبة، اذ ان معظم الذين التحقوا بالجامعات الخاصة هم من الحاصلين على معدلات بين 60 – 65 %. رئيس جامعة فيلادلفيا د.معتز الشيخ سالم، أكد بدوره أن "اعداد المسجلين في معظم الجامعات الخاصة لم يغطوا الطاقة الاستيعابية وهو ما جعل بعض القائمين على هذه الجامعات يعلنون عن نيتهم اغلاقها، فيما يتجه آخرون الى تقليص أعداد اعضاء الهيئتين الاكاديمية والادارية". وحذر الشيخ سالم من ان "خطورة تأثير انخفاض اعداد الطلبة الذين يحق لهم الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي ستظهر خلال عامين ان استمر الوضع على ما هو عليه"، منتقدا "عدم انسجام قرارات وزارة التربية والتعليم مع نظام الدراسة في الجامعات" خاصة قرار حصر "التوجيهي" بامتحان واحد في العام وهو ما يتعارض مع نظام القبول الفصلي للجامعات الرسمية والخاصة، وسيفضي الى جعل العديد من اعضاء الهيئتين التدريسية والإدارية في الجامعات بلا عمل بسبب تناقص أعداد خريجي "التوجيهي". وبرغم "تأثر الجامعة بانخفاض اعداد الطلبة الا انها لم تقم بإلغاء او عدم تجديد عقود أكاديميين وإداريين فيها، وحافظت على سمعتها الاكاديمية ومستوى خريجيها". من جهته أكد رئيس مجلس أمناء جامعة الشرق الأوسط والأمين العام لمجلس حوكمة الجامعات العربية د.يعقوب ناصر الدين التأثيرات السلبية لنتائج "التوجيهي" على الجامعات الخاصة، مشيرا الى ان "هذا سيؤدي إلى تباطؤ الإنفاق على الجامعات والاستغناء عن أعضاء في الهيئة التدريسية والإداريين، واختلال معادلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص". ودعا ناصر الدين الى تطبيق معايير الاعتماد العام والخاص على كافة الجامعات الأردنية دون استثناء، وإلغاء "الجامعات الخاصة الرديفة المتمثلة في البرنامج الموازي في الجامعات الرسمية". من ناحيته قال مدير العلاقات العامة والدولية في جامعة البترا علاء الدين عربيات انه ونتيجة استئثار الجامعات الرسمية بقبول أعداد كبيرة من الناجحين في "التوجيهي" بالبرنامجين التنافسي والموازي، فقد تضررت الجامعات الخاصة لانخفاض نسبة الطلبة الملتحقين بها، داعيا الجامعات الخاصة الى تكثيف الحملات الترويجية والتسويقية واستحداث تخصصات جديدة. ورأى عربيات ان تميز "البترا" أكاديميا وإداريا "وحصولها على شهادة ضمان الجودة كان من الأسباب التي خففت من تأثير الأزمة عليها".
أوائل - توجيهي أردني