"بمعدات بسيطة وتكلفة قليلة يمكن أن نتوقف عن شراء المقاعد المدرسية أو تخفيض كلفة صيانتها 80 %، والأهم تنمية حس الطالب بالمسؤولية تجاه بيئة المدرسة وممتلكاتها"، هكذا يلخص المعلم المهندس مصطفى الدسوقي ببساطة مبادرته " مدرستي مسؤوليتي"، التي أطلقها في عدد من مدارس الزرقاء واستهدفت في البداية صيانة المقاعد المتهالكة أو التالفة تماماً، والتي نجحت حتى الآن بإعادة تأهيل 1500 مقعد. ويضيف مدرس مادة علم الصناعة والرسم الصناعي في المدرسة الثانوية الشاملة للبنين "تعييني مدرساً لمادة التربية المهنية في مدرسة ياقوت الحموي العام 2008 كانت نقطة البداية للمبادرة، فسبع سنوات في المدارس الحكومية كانت كفيلة بأن تكشف لي عن طريقة تعامل الطلبة الخشنة مع المقعد المدرسي ومن ثم الإجراءات الرسمية لصيانته أو إتلافه واستبداله بآخر جديد، حيث ان متوسط سعر المقعد الواحد الجديد يقدر بـ31 دينارا". ويقول المدرس الحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة والتصميم الداخلي والدبلوم العالي في الإدارة المدرسية "تبين أن المقعد المدرسي وإن تم تخريبه وإخراجه من الخدمة فإنه لا يكون تالفاً تماما، فعادة ما يتم إتلاف الألواح الخشبية فيه، بينما مادته الأساسية من الحديد سليمة، ويمكن بسهولة إعادة تأهيله بأقل التكاليف". ويضيف أنه في أحسن الأحوال تقوم المدارس باستئجار مهني لصيانة المقاعد بتكلفة عالية لا تتناسب مع كلف المواد المستخدمة أو الجهد الذي يبذله" صيانة المقعد الواحد في السوق المحلي تتراوح بين 5 إلى 6 دنانير مع المواد، بينما تبلغ تكلفة صيانة المقعد داخل المدرسة ضمن المبادرة بين 120 إلى 190 قرشا فقط، تشتمل على كلفة المواد وحوافز الطلاب والمعلمين المشاركين، ما يوفر على مديريات التربية والمدارس زهاء 80 %. ويقول: "حددت هدفاً على المدى البعيد وهو تنمية حس الطالب بالمسؤولية تجاه بيئة المدرسة وممتلكاتها، وإيجاد حل للشكاوى الدائمة والمتكررة التي تستمر على مدار العام الدراسي والمتعلقة بالمقاعد الدراسية، وعليه قررت بعد نقلي للعمل في المدرسة الثانوية الشاملة بدء مشروعي بتجربة إعادة تأهيل بعض المقاعد المعدة للإتلاف، بسبب وجود مشغل فني فيها، وكانت النتائج ممتازة. ويضيف وفر لي مدير المدرسة ومدير تربية الزرقاء الأولى الدعم والتسهيلات التي احتاجها للانطلاق في تنفيذ المبادرة على نطاق أوسع لتشمل كافة مدارس المديرية، حيث طلب مدير التربية من مديري المدارس التعاون التام معي، ومن ثم خصص سيارة من ملاك "التربية" لتنقلاتي بين مدارس المديرية لمعاينة وحصر المقاعد التي تحتاج إلى صيانة. ويوضح الدسوقي أن العديد من المقاعد تتعرض لتخريب أو سوء استخدام من جانب بعض الطلبة، فيتم تخزينها في مستودع المدرسة أو في إحدى ساحاتها، إذ ان آلية العمل في المدارس تقوم على إخبار المعلم لمدير المدرسة بأن المقعد أصبح غير صالح للاستخدام، فيعمد المدير إلى إرساله إلى المستودع، ويتكرر الأمر حتى يمتلئ المستودع، وتبدأ المخاطبات الرسمية بين المدير ومديرية التربية لإتلافها ومخاطبات رسمية أخرى لتزويد المدرسة بمقاعد جديدة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على نوافذ وأبواب الغرفة الصفية. ويقول، كانت بعض المقاعد تحتاج إلى مواد بسيطة وجهد غير كبير وهو ما مكنه من تأهيلها في المدارس ذاتها، في حين كانت شاحنة من التربية تتولى نقل المقاعد التي تحتاج إلى جهد وعمل أكبر إلى المدرسة الشاملة لصيانتها ومن ثم إرجاعها، حيث تمكن منذ بدء العام الدراسي، وبمساعدة طلبة القسم المهني بصيانة نحو 1500 مقعد في جميع مدارس مديرية تربية الزرقاء الأولى عادت جميعها كأنها غير مستعملة من قبل. ويرى الدسوقي نجاح المبادرة، بأن بعض الطلبة المشاركين فيها سبق لهم التورط بتخريب أو إتلاف بعض المقاعد، فأخضعهم حينها إلى عقوبة اجتماعية مخففة لإصلاح سلوكهم ومن ثم تثقيفهم وتوعيتهم بضرورة التغيير والاحساس بالمسؤولية تجاه بيئة المدرسة وممتلكاتها، وكانت النتائج باهرة بحيث أصبحوا جزءا فاعلاً في المبادرة وحث الطلبة على العناية أكثر بمرافق وأثاث المدرسة. ويقول إن مبادرة "مدرستي مسؤوليتي" تتضمن عدا عن إعادة تأهيل المقاعد الدراسية، صيانة الأبواب والنوافذ في المدارس، وتجميل المرافق كالغرف الصفية والباحات، موضحاً أنها تتضمن 4 مراحل تشمل عقد دورات لتنمية حس الملكية عند الطالب تجاه بيئة المدرسة وممتلكاتها، وإجراء الصيانة العامة للمرافق والاثاث، وتدريب المعلمين على أعمال الصيانة والمتابعة، إضافة إلى الاهتمام بالجانب الزراعي في المدرسة لما له من مردود مالي وجمالي وتعليمي واستغلال للمساحات المهملة في المدارس. ولا يخفي الدسوقي الذي يدعو إلى تقنين المحافظة على مرافق وأثاث المدرسة ووضع عقوبات رادعة بحق المخالفين، خشيته من أن يحبط "منتفعون" من إتلاف اللوازم الحكومية مبادرته بحجة عدم جدواها، ويقول عنهم إنهم أصحاب نشاط اقتصادي غير منظم يعمل في مجال شراء اللوازم الحكومية التالفة وإعادة بيعها في الأسواق أو مجال الصيانة. ويتطلع الدسوقي، إلى توسيع مبادرته وتعميمها وتوثيق ما يتم صيانته من المقاعد والأثاث المدرسي بسجلات رسمية من أجل تحديد المسؤوليات وضبط العملية، ويأمل أن تقوم الوزارة بتأمين (هنجر) ضمن أي مدرسة صناعية كون المساحة والأماكن متوفرة، من أجل تجميع المقاعد التي تحتاج لصيانة وعمل الصيانة اللازمة لها من قبل المهنيين المختصين، إضافة إلى عمل جدول زمني على مدار العام الدراسي وبرنامج محدد من أجل زيارة المدارس وتحديد المشكلة والوقت وتكلفة الصيانة للمقاعد.
أوائل - توجيهي أردني