عمان- أكد خبراء ومختصون أهمية وجود المرشد التربوي في المدارس وضرورة تفعيل دوره الحقيقي، خصوصا في ظل وجود ظاهرة العنف بأشكاله كافة وازدياد الضغوط النفسية والاقتصادية والثقافية التي يعيشها المجتمع في الوقت الحالي.
وكان وزير التربية والتعليم د. عمر الرزاز، أكد في تصريحات سابقة، أهمية دور المرشد التربوي وضرورة تفعيل دوره الحقيقي في المدارس على اعتبار أن العملية التربوية مكملة للعملية التعليمية.
من جهته، يؤكد المشرف التربوي محمد السلايطة، أهمية دور المرشد التربوي في المدرسة في حال تم تفعيل دوره الحقيقي، مبينا أن السبيل الوحيد في تفعيل دور المرشد بتأهيله بدورات حقيقية وفعالة في علم الاجتماع وعلم النفس بشكل خاص حتى يتمكن من تأدية دوره على أكمل وجه، فضلا عن إلزامه بلقاءات فردية مع طلبة محددين، أو لقاءات جماعية مع صفوف بشكل يومي بحيث لا يقل الوقت عن ساعتين باليوم حتى يكون أدى خدمة للطلبة.
ويشير السلايطة إلى ضرورة إشعار الطالب بسرية شكواه، حتى يتمكن من البوح عما في داخله ومشاركة المرشد التربوي مشاكله التي تواجهه في حياته، مشددا من جهة أخرى على أهمية تفعيل دور البيت باعتباره مكملا للمدرسة.
ويجد أن غياب دور الأب الناصح والمرشد لأبنائه يفقد الطالب بوصلته والتوجيه المناسب، مؤكدا ضرورة إيجاد قنوات حوار بين الأهل والأبناء بالطريقة التي يستوعبها الأبناء، ويفهمونها ويفكرون فيها وهو ما يسمى في علم النفس بـ”التقمص العاطفي”، بحسب سلايطة.
ويؤكد دور وزارة التربية والتعليم، وعدم الاكتفاء بمرشد واحد في المدارس التي يزيد عدد طلابها على 300 طالب حتى يتمكن من القيام بدوره بأكمل وجه.
ويردف “يجب أن تكون هناك التقاءات دورية خارج ساعات الدوام تجمع أولياء الأمور والمرشدين لتقديم خدمة للطلبة وتوجيههم في خضم الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها معظم الأسر”، مبينا أن وجود التوجيه المناسب سيساعد الطالب على أن يكون إنسانا صالحا في المجتمع.
رئيسة قسم الإرشاد في وزارة التربية والتعليم سوزان العقرباوي، تشير إلى دور المرشد الذي يتمثل بأكثر من مهمة تتعلق ببناء شخصية الطالب من النواحي الاجتماعية والنفسية، متابعة أن الإرشاد عملية مكملة للتعليم.
وتضيف أن دور المرشد في المدرسة يقوم على ملاحظة المشكلات السلوكية للطلبة داخل الغرفة الصفية، حصص الفراغ وأثناء الخروج للفرصة، عندها يقوم المرشد بدراسة الحالة.
وتبين أن دراسة وضع الأسرة المادي والاجتماعي هي أول الأمور التي يأخذها المرشد بعين الاعتبار عند متابعة أي حالة من الطلاب، ساعيا لتعديل سلوكه من خلال البرامج التربوية.
وتقوم الوزارة، بحسب العقرباوي، بتطبيق مبادرة “معا نحو بيئة آمنة”، تتناول العنف في المدارس بأشكاله كافة والتي تم تجديدها مع بداية العام الحالي بعد انتهاء برنامجها مع نهاية العام الماضي.
تقول “النتائج الإيجابية للمبادرة دفعتنا لتمديدها مرة أخرى والسعي لديمومتها”، بحيث لم تقتصر على العنف الموجه من المعلمين وإنما تناولت حالات العنف الأسري، العنف الموجه من الطلاب إلى طلاب آخرين.
وجاء العمل بهذا المشروع لتفعيل الإطار الوطني في مواجهة العنف الأسري تحت مظلة المجلس الوطني لشؤون الأسرة وبالتعاون مع بقية الوزارات.
كما تعمل الوزارة، وفق عقرباوي، وبالتعاون مع المجلس الوطني لشؤون الأسرة على مشروع تدريب وتأهيل المرشدين التربويين من خلال تدريبهم على آليات وإجراءات التعامل مع حالات العنف الأسري، والكشف عنها، إلا أن المشروع ما يزال ينتظر التمويل من قبل وزارة التخطيط.
وتضيف “أن “الوزارة” ممثلة بالفريق الوطني بالمجلس الوطني لحماية الأسرة تهتم بجميع المواضيع التي تتعلق بحماية الأطفال من العنف الأسري، كما تركز على تدريب المرشد بكيفية استخدام التدابير الإيجابية في حال أظهر الطالب سلوكا غير مرغوب فيه داخل الغرفة الصفية، كما سيتم إضافة محاور جديدة للمبادرة”.
وتسعى الوزارة إلى تفعيل دور المرشد لتربوي في مدارس المملكة كافة من خلال تعيين مرشدين في مدارسها، خصوصا تلك التي تحتوي على 300 طالب فأكثر؛ حيث يعمل 1982 مرشدا تربويا تحت مظلة وزارة التربية والتعليم حتى نهاية العام 2016.
وتسعى الوزارة، بحسب عقرباوي، ومع تزايد العنف في المجتمع، إلى زيادة عدد المرشدين في المدارس الكبيرة وتعيين مرشدين في المدارس التي تخلو من مرشد، بحيث يتم تغطيتها بشكل كامل في المملكة.
وحول خلو بعض المدارس الخاصة من المرشد التربوي، توضح عقرباوي لـ”الغد” أنه لا يوجد قانون أو نص يلزم المدارس بضرورة وجود مرشد تربوي فيها بدليل خلو بعض المدارس الحكومية من المرشد، إلا أنها تؤكد ضرورة وجوده في المدرسة لأنه أكثر قربا من الطلاب من المعلم الذي يملك دفاتر العلامات بيديه والمدير الذي يملك السلطة، فضلا عن أن وجوده يريح المدير من التواصل المباشر مع الطلبة.
“دور المرشد مهم جدا في المدارس وأهميته لا تقل عن أهمية المعلم والمدير”، بحسب المرشدة التربوية في مدارس وكالة الغوث نعمة البيطار، خصوصا مع ارتفاع نسب العنف في المجتمع والذي ينعكس سلبا على الطلبة في المدارس والجامعات.
وتشير إلى أن أساس التوازن في العملية التربوية مع منظومة الأخلاق لدى الطلبة هو وجود المرشد الفاعل في المدرسة والذي يقوم بتحقيق التناسق للمخرجات التربوية ليس على المستوى الأكاديمي فقط وإنما على المستوى القيمي والأخلاقي للطلاب.
وتردف “المرشد في المدارس يعمل على التواصل مع الطلبة من خلال معرفة خصائصهم النمائية وحاجاتهم والعمل على تحقيق هذه الحاجات من خلال الأنشطة الفاعلة والتواصل مع الطلبة في مساعدتهم على حل مشكلاتهم المختلفة على الصعيد الأكاديمي والأخلاقي والتربوي والاجتماعي”.
وتؤكد البيطار دور المرشد التربوي في مساعدة الطلبة على اجتياز مراحل مهمة في حياتهم نحو تحقيق الذات والثقة بالنفس والشعور بالمسؤولية اتجاه المدرسة والبيت والعمل والمجتمع والوطن.
والمرشد حلقة وصل بين الإدارة والطلاب للعمل على دعمهم وتيسير سبل التعاون بين أفراد وطاقم المدرسة، كما يعد حلقة الوصل بين الطلاب وأهاليهم لتعزيز نقاط القوة وتمكين وتوفير دعم ورعاية نفسية لكلا الطرفين للوصول الى أفضل مستوى من تحقيق المصلحة الفضلى.
وتبين البيطار أن المرشد شريك في إنشاء هذا الجيل من خلال عمله مع الطلاب والمعلمين والمجتمع الذي يقوم بدعم وتدريب الطلبة، وإكسابهم مهارات حياتية، قد يغفل عنها المنهاج في كثير من الأحيان في ظل ما يحدث في مجتمعنا من ضغوط نفسية واقتصادية وثقافية وانفتاح على مصادر التعلم الالكتروني وسهولة تطبيع الطلاب والطالبات بمدخلات المجتمع التي لا غنى عنها في الوقت الحالي.
ويعد المرشد الاجتماعي، كما تقول البيطار، فاعلا مهما جدا لإدارة وتنظيم السلوكات غير المقبولة في المجتمع أو “حتى غير المقبولة في دستورنا الإنساني”.
وتجد البيطار أن على الوزارة تفعيل هذا الدور من خلال تأهيل المرشدين وتدريبهم على مختلف العناصر التدريبية في الإرشاد النفسي لتمليكهم مهارات تتعدى إعطاء حصص توجيه جمعي.
وتتابع “تحقيق الراحة النفسية للمرشدين بعمل جلسات رعاية ذاتية لهم للتفريغ الانفعالي وتزويدهم بأدوات للقياس وتدريبهم عليها والاهتمام بالجانب المادي وإعطائهم علاوة صعوبة مهنة، فضلا عن متابعتهم من قبل قسم الإرشاد بشكل دوري ووضع منهاج دعم نفسي يدرس ويؤهل الطلبة على مهارات الاتصال والمهارات الاجتماعية، وهذا يجعل عملية الإرشاد منظمة وموحدة في كل المدارس وليست عشوائية”.
أوائل - توجيهي أردني