موقع الأوائل - درج في الوسط الاكاديمي ولدى صانعي القرار في القطاع التعليمي إدراج وصف على الهرم في قطاع التعليم بأنه «هرم مقلوب» اي ان مدخلات ومخرجات هذا القطاع على نقيض ومعاكس تماما للواقع الذي يجب ان يكون عليه، وكما هو واقع الحال في باقي الدول.
وبالعودة الى الارقام والاحصائيات، التي تتباين عند المعنيين، فإن واقع الحال، لا يشير الى أن الهرم مقلوب، كما أنه ليس بالهرم الطبيعي او المناسب لواقع متطلبات سوق العمل، إنما «هرم مشوه».
وتوضح الارقام ان الهرم الطبيعي يتطلب ان تكون القاعدة للهرم هي شريحة طلبة المدارس ( الفئة الاكبر)، يليها في تركيبة الهرم فئة طلبة وخريجي الكليات التقنية والتدريب المهني، وهي الفئة الثانية من حيث الشريحة الاكبر، تليها شريحة طلبة البكالوريس لتكون في المرتبة الثالثة من حيث الكم، وفي راس الهرم وقمته طلبة الدراسات العليا (ماجستير ودكتوراة).
وبحسب وصف الخبير الاكاديمي الدكتور تركي عبيدات، رئيس جامعة الزيتونة حاليا، فإن الفئات الثلاث الاولى للهرم، (طلبة المدراس ، والكليات التقنية والتدريب المهني والبكالوريس)، هي فئات تسعى من خلال التعلم والتعليم والتدريب للحصول عهلى فرصة عمل، في حين ان فئات الماجستير والدكتوراه تتجاوز هذا الهدف الى السعي نحو «التميز» في مجالاتها.
وهذا التوصيف، يشر الى أن اطلاق وصف «هرم مقلوب» على واقع قطاع التعليم، غير دقيق وغير صحيح، ولو كان هذا الوصف دقيقا، لكان الواقع «ايجابيا أكثر من اللازم» ، بحكم ان اصحاب التميز هم القاعدة يليهم باقي الفئات ابتداء من البكالوريس وانتهاء في راس الهرم بطلبة المدارس.
إلا أن الارقام والاحصاءات التي تتحدث عنها المؤسسات المعنية تشير الى أن شريحة طلبة البكالوريس توسعت بنسب مرتفعة على حساب شريحة طلبة الكليات التقنية والتدريب المهني، بسبب سياسات القبول في الجامعات وسياسات التوظيف، التي ولدت وبذات الوقت عززت لدى المجتمع ثقافة اجتماعية، تعتبر «الحصول على شهادة البكالوريس»، من متطلبات العيش ورسم المستقبل، ومع مرور الوقت تضخمت هذه الاعداد الى درجة عدم القدرة على استيعابهم في سوق العمل العام والخاص.
إدراك هذه الحقيقة، ومنذ سنوات، لم ينتج عنه اي إجراء حقيقي وواقعي لمواجهة هذا «الخطر الاجتماعي»، لاسباب متعددة، منها التوسع في عدد المؤسسات التعليمية التي تمنح درجة البكالوريس في القطاعين العام والخاص، ليصبح لدينا عشر جامعات رسمية و(19) جامعة خاصة، وجامعتان ذات طبيعة خاصة واقليمية وخمس جامعات مرتبطة باتفاقيات مع جامعات رسمية للتدريس، بحسب احصائية وزارة التعليم العالي المنشورة على موقعها الالكتروني.
يضاف الى عدد طلبة تلك الجامعات الالاف من الطلبة، الذين ذهبوا للالتحاق بالخارج بجامعات اجنبية، مستغلين شروط المعادلة، التي تسمح لهم الالتحاق بجامعات وتخصصات معينة، لا يستطيعون الالتحاق بها في الجامعات المحلية.
ورافق التوسع الكمي في عدد مؤسسات التعليم العالي التي تمنح درجة البكالوريس، انحسار وانخفاض في عدد كليات المجتمع، وتحديدا الخاصة منها، ما يوضح ان التوسع في «مؤسسات البكالوريس» كان على حساب «مؤسسات الدبلوم التقني والتدريب المهني».
وتؤكد دراسة حول «ازمة التعليم التقني في الاردن»،هذه الحقيقة بالارقام، إذ تشير الى ان عدد الجامعات الجديدة التي استحدثت خلال فترة عدة سنوات ماضية بلغت (7) جامعات مقابل عدم وجود او إنشاء كلية جديدة، خلال الفترة التي حددتها الدراسة ، والتي اظهرت ان خلال تلك الفترة أغلقت (6) كليات مجتمع و(10) كليات على وشك لاغلاق، مقابل عدم وجود اي جامعة اغلقت. وتشير الدراسة الى ان عدد خريجي الجامعات عام 2013 زاد عن (73) الف طالب وطالبة مقابل (6883) طالب تخرجوا من كليات المجتمع وتبين ان عدد طلبة في (23) كلية مجتمع يبلغ (12386) طالبا في حين ان الطاقة الاستيعابية تتجاوز الـ(17640) طالبا وطالبة.
وتحولت كليات مجتمع الى جامعات فرعية، من خلال طرح برامج على مستوى البكالوريس لتكون تلك البرامج هي الاصل والدبلوم هي الاستثناء، الى جانب التحايل على واقع الحال من خلال طرح برامج بكالوريس تحمل في مسمياتها «تطبيقي»، في وقت ما تزال التشريعات الناظمة لفئة «الدبلوم التطبيقي او التدريب المهني» تتعامل بأنهم بشكل «دوني» الى حد ما.
وتشير ارقام رسمية الى ان هنالك (58) الف طالب مقبولين بالجامعات الرسمية زيادة على الطاقة الاستيعابية لها، مقدرة ان يصل عدد طلبة في الجامعات الاردنية الى (450) الف طالب وطالبة مع حلول عام 2025، في وقت قدرعددهم في العام 2015 بحوالي (313.5) الف طالب وطالبة.
وبينت الدراسة ان عدد الذين يلتحقون بالجامعات كل بداية عام دراسي جديد بقرابة (44) الف طالب وطالبة في البرنامج العادي، رغم ان الجامعات الرسمية، قدرت نسبة الملتحقين في البرامج الموازية بحوالي (25)الفا من مجموع الطلبة.
ويرى مراقبون ان تصويب واقع الحال، يتطلب حزمة من الاجراءات التي يجب ان تنفذها جميع المؤسسات المعنية، بإعتبارها بالتضامن مسؤولة عن هذا الخلل، ابتداء من وزارة التربية والتعليم مرورا بوزارة التعليم العالي ومجلس التعليم العالي ووزارة العمل ومكونات سوق العمل في مختلف مجالاته الصناعية والتجارية.
اوائل - توجيهي أردني