أسبوع كامل غابته الطالبة أماني (اسم مستعار) عن مدرستها "رملة بنت أبي سفيان"، بسبب عدم تمكن والدها من شراء حذاء مناسب لها تذهب به إلى المدرسة. وبدورها، بادرت مديرة المدرسة، الواقعة في بلدة الحسا، نهلة الحجايا، بالاتصال مع عائلة الطالبة للسؤال عن غيابها، لتفاجأ بأن العائلة تنتظر راتب الأب، لشراء الحذاء حتى تعود الطفلة للمدرسة، وحينها جمعت المعلمات مبلغا ماليا لشراء الحذاء. "لم يكن حذاء جديدا إنما مستعمل، لكنه لائق ويفي بالغرض، ليست هذه الطالبة وحدها.. نواجه عدة حالات لطلبة في المدرسة يعانون من نقص في الملابس، والأحذية والتغذية، ويتم التعامل مع هذه الحالات بمبادرات من المعلمات والإدارة"، تقول الحجايا. وتتفقد المعلمات خلال فترة الفرصة يومياً ملابس وأحذية الطلبة، ويعملن على جمع مبالغ مالية لشراء أحذية مستعملة للأطفال في حال تبين ان أحذيتهم غير مناسبة. وحتى وقت قريب، كان الطالب في الصف الثالث مثنى (اسم مستعار) يرتاد مدرسته ببيجامة قطن داخلية خفيفة، وكانت الزي الوحيد الذي يمتلكه، فتدخلت المعلمات أيضا، وتمكنّ من جمع مبلغ لشراء بدلة رياضية للطفل. من جهتها، تقوم وزارة التربية والتعليم بتقديم مساعدات متفرقة غير ممنهجة لطلبة أقل حظاً في عدة مدارس، "لكنها لا تغطي حاجات الطلبة جميعا" كما تقول الحجايا. وتضيف: "هذا العام تلقت المدرسة 5 جاكيتات من الوزارة، ولم يكن العدد كافيا مع وجود عدد كبير من الطلبة الذين يحضرون إلى المدرسة بملابس لا تقيهم من البرد، فتم توزيع الجاكيتات على الحالات الأكثر سوءا". وتتابع أن "هناك احتياجات أساسية للطلبة يجب تحقيقها قبل السير في العملية التعليمية، فالكثير من الطلبة خصوصا في المناطق الفقيرة والأقل حظا، يعانون الجوع والبرد، ومن غير المنطقي التفكير في الأداء التعليمي لهؤلاء الطلبة وهم يعانون". ويتسبب البرد الشديد بجفاف بشرة الأطفال، وتحديدا اليدين، ويتحول ذلك أحيانا إلى تشققات وجروح، ويحضر غالبية الطلبة إلى المدرسة وهم يتضورون جوعا، وهو ما دفع الحجايا إلى تقديم موعد وجبة التغذية المدرسية إلى الحصة الأولى بدلا من الفرصة. وتعمل المدرسة على تخصيص ربع الساعة الأولى لتناول وجبة التغذية المدرسية المكونة من تفاحة وبسكويت بالتمر، لسد جوع الطلبة، لكن في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي تم وقف الوجبة، فكان له أثر سلبي على الأطفال. وفي هذا الصدد، تقول الحجايا: "توقف طفل في الصف الثاني عن الحضور إلى المدرسة لمدة 3 أيام بسبب عدم قدرة عائلته على تأمينه بمصروف ليشتري ساندويشة أو بسكويت من مقصف المدرسة، وبعد تدخل الإدارة عاد إلى المدرسة، وفي الأيام التي يعجز فيها عن الشراء من المقصف يتم تأمينه بمشتريات تصل حد 30 قرشا يوميا". وعادة ما يمتد الألم الجسدي، جراء الجوع والبرد، إلى الألم النفسي الذي يشعر به الطفل جراء الحرمان الناتج من سخرية باقي الأطفال من ملابسه. وترى الحجايا أن "تلقي الطلبة لجاكيت، أو حذاء أو تغذية لائقة، لا يساهم فقط بتأمين احتياجات أساسية، إنما يغرس قيم الانتماء للطلبة، وتحديدا في هذه المرحلة العمرية التي تعد مرحلة مهمة في تكوين الشخصية". لا دراسات لواقع الطلبة الفقراء حال طلبة مدرسة رملة بنت أبي سفيان الأساسية المختلطة في الحسا، وكذلك مدرسة البربيطة الأساسية في الطفيلة التي صدمت الرأي العام بواقع طلبتها الذين يحضرون إلى المدرسة بأحذية ممزقة وملابس مهترئة، لا يختلف كثيرا عن عشرات المدارس الأخرى التي يعاني طلبتها من الجوع والبرد واهتراء الملبس، وتحديدا تلك الواقعة ضمن تصنيف "الأقل حظا" و"جيوب الفقر". ولا تقتصر المشكلة على جيوب الفقر، بحسب معلمة في إحدى المدارس الحكومية في عمان، إذ إن "عددا لا بأس به من الطالبات في مدرستها، تعاني أسرهن من أوضاع اقتصادية صعبة، فيما تتعرض تلك الطالبات للاستهزاء من قبل زميلاتهن، فيؤثر ذلك على أدائهن المدرسي". وتتحدث المعلمة عن طالبات "انسحبن من المدرسة بسبب السخرية من فقرهن، وتستطيع أن ترى نظرة الانكسار في أعين الطالبات عندما تعجز أسرهن عن تأمينهن بالقرطاسية اللازمة أو وجبه طعام، رغم وجود زي مدرسي موحد، لكن يبقى الحذاء والجاكيت مجالات للمقارنة بين الطلبة". إحصاءات غائبة وبينما لا تمتلك وزارة التربية والتعليم معلومات إحصائية حول طلبتها من الفقراء، لكن نسبتهم بحسب آخر إحصائية للعام 2010، والتي نشرت في العام 2012، بلغت نحو 19 % من أطفال الأردن، فيما بلغت نسبة الفقر العامة في المملكة لذات العام 14,4 %. وبحسب التقرير القطري حول الأطفال خارج المدرسة في الأردن، والصادر عن وزارة التربية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة للعام 2014، "يتسيد الفقر قائمة أسباب انسحاب الأطفال من المدرسة، الأمر الذي يوجب إيجاد نظام متابعة لتأمين الحماية الاجتماعية للأطفال الأكثر فقرا، بما يضمن تلبية احتياجاتهم الأساسية من تغذية وملابس، وحمايتهم من التسرب المدرسي"، بحسب مختصين. ووفقا لذات التقرير فإن "الأطفال خارج المدرسة في الفئة العمرية من 5 إلى 15 عاما يبلغ عددهم 76757 طفلا، فيما يبلغ عدد الأطفال المعرضين لخطر التسرب لذات الفئة العمرية 53783 طالبا وطالبة". ومع وجود العديد من المبادرات لمكافحة البرد والجوع بين الأطفال، وتحديدا أطفال المدارس، لكن الإشكالية تكمن في ضعف التنسيق والتشبيك بين الجهات الحكومية المعنية من جهة، وضعف التنسيق الحكومي مع مؤسسات المجتمع المدني، لضمان وصول المساعدات لمستحقيها، من جهة أخرى. وتعتمد الإدارة الحكومية، في تحديد الفئات الفقيرة، على الأسر المستفيدة من المعونة الوطنية، أو الأسر التي تعيش في بؤر الفقر، في حين أن العديد من الأسر الأردنية هم من الفقراء الذي لا تنطبق عليهم شروط صندوق المعونة ولا يقطنون ضمن مناطق بؤر الفقر. وبحسب آخر إحصائية حول الفقر في الأردن للعام 2010، فإن نسبة الفقراء في الأردن تبلغ 14.4 %، لكن تقريرا للبنك الدولي صدر في العام 2015، بين أن نحو 18.6% من الأردنيين هم "فقراء عابرون" (أي أنهم عاشوا الفقر لمدة 3 أشهر في السنة)، ما يجعل مجموع الفقراء والفقراء العابرون 33% من السكان، فيما كشف التقرير القطري حول الأطفال خارج المدرسة عن أن 19% من الأطفال في الأردن هم من الفقراء. ومقابل ذلك، يقدم صندوق المعونة الوطنية دعما ماليا لنحو 90 ألف عائلة أردنية فقيرة يشكل مجموع أفرادها 270353 مواطنا، بدعم سنوي تبلغ قيمته 84 مليون دينار. ويشكل الأطفال ما نسبته 41 % من منتفعي الصندوق، بواقع 111130 طفلا فقيرا، لكن شروط الصندوق تبقى غير منطبقة خصوصا على العائلات التي يعمل معيلها أو يكون قادرا على العمل. وبحسب مسح دخل ونفقات الأسر الصادر عن دائرة الإحصاءات العامة للعام 2013، يوجد في الأردن 230 ألف أسرة أردنية يشكل قوامها 1.2 مليون مواطن دخلهم الشهري أقل من 350 دينارا. وتؤكد مديرة صندوق المعونة الوطنية، بسمة إسحاقات، اهتمام الصندوق بفئة الأطفال تحديدا، مشيرة في هذا السياق إلى المراجعة لمعادلة الاستهداف للعائلات المستحقة، بما يضمن شمول أكبر قدر ممكن من العائلات الفقيرة التي تعيل أطفالا. "على مدار سنوات، بقي عدد الأسر المستفيدة ثابتا بحدود 90 ألف أسرة، لكن التغيير الذي تم كان على عدد المستفيدين، ففي حين كان الصندوق يغطي نحو 230 ألف عائلة قبل 4 سنوات، ارتفع عدد المواطنين المستفيدين ليصل إلى 270 الفا"، وفق إسحاقات. وتتابع: "تعود زيادة عدد الأفراد رغم ثبات عدد الأسر، إلى شمول عدد الأطفال بالأسر المستهدفة بصندوق المعونة، في حين سابقا كانت تقتصر على الأسر الفردية من المسنين، أي نحو 45 % من المستهدفين، لكن المعادلة تغيرت اليوم بحيث أصبحت غالبية الأسر المنتفعة تضم 3 أفراد فأكثر، بحيث بات الأطفال يشكلون اليوم نحو 41 % من منتفعي الصندوق". الفقر والتسرب من المدارس بحسب التقرير القطري، فإن "الفقر عامل مهم يدفع الطلبة للتسرب من المدرسة، فرغم توفير الحكومة التعليم الأساسي المجاني، يعاني بعض أولياء الأمور من الفقراء أو ذوي الدخل المحدود، من تكاليف النقل والدفاتر والأقلام والطعام، وإن مثل هذه الأعباء تقلل من معدلات التحاق التلاميذ بالمرحلة الابتدائية، وكذلك تدفع التلاميذ للتسرب من المدرسة". ولا يتوقف أثر الفقر على الأطفال عند الانسحاب من المدارس، إنما يدفعهم ذلك للانخراط في سوق العمل، وغالبا ضمن إطار المهن الخطرة، فبحسب ذات التقرير فإن 70 % من الأطفال العاملين ينتمون إلى أسر تعاني من الفقر المدقع، فيما يكون 40% من آبائهم عاطلون عن العمل. كما يلفت التقرير إلى أن "الآباء الفقراء قد يشجعون أو يجبرون أبناءهم على العمل، وبالتالي التسرب من المدرسة، كما أن التغييرات في الأسرة كوفاة أحد الوالدين يمكن أن تجبر الأطفال على التسرب من المدرسة، من أجل كسب دخل خاص بهم وبأفراد عائلاتهم." ثقافة المساءلة تؤكد مديرة منظمة أرض العون القانوني سمر محارب ما ذهب إليه التقرير القطري حول حالة التعليم في الأردن، مشيرة في هذا السياق إلى مشروع أطلقته المنظمة حول تعزيز ثقافة المساءلة، للنهوض بالعملية التعليمية، متخذة من المفرق مكانا للدراسة. وتقول محارب: "توجد نماذج للعديد من الأسر التي قررت سحب أبنائها من المدراس، لعدم قدرتها على توفير قيمة المواصلات للذهاب والإياب من المدرسة، أو عدم قدرة الأسرة على تأمين أطفالها بـ"ساندويشة" تسد جوعهم خلال ساعات الدوام". وتضيف: "هناك عوامل عدة تتسبب بعدم وصول المساعدات، وتحديدا المتعلقة بالملابس والتدفئة والتغذية للأطفال المستحقين"، مبينة أنه "لا توجد آلية واضحة لتحديد الطلبة الأكثر حاجة والتبليغ عن احتياجاتهم، فرغم وجود عدد من المبادرات المحدودة بين المعلمين والمعلمات، لكنها تبقى محصورة وفردية". إلى جانب ذلك، تلفت محارب الى قانون وزارة التربية الذي "يمنع استقبال أي معونات من المجتمع المحلي والمدني، أو جذب التمويل أو إقامة فعاليات لرصد التمويل، ويربط القانون إقامة هذه الفعاليات بموافقة الوزارة". وتقول: "بكل تأكيد فإن رقابة الوزارة على التبرعات ضرورية، لكن المركزية في القرار تعد عاملا في ضعف إيصال هذه المعونات، ويضاف إلى ذلك، التخبط في مؤسسات المجتمع المدني لجهة تحديد الأولويات في تقديم الدعم والمعونات". وتزيد: "المطلوب إيجاد نظام رقابي يحوي بيانات ومعلومات تكون متاحة لتحديد الفئات الأكثر حاجة، وكذلك تحديد الأولويات، لضمان عدم حدوث ازدواجية أو وفر في تقديم خدمات معينة ونقص في خدمات أخرى". "وزارة التربية مسؤولة عن البيئة المدرسية والمناهج والتعليم، فيما تبقى مكافحة الفقر من المهام الرئيسية لوزارتي التنمية الاجتماعية والتخطيط، لكن الأهم هو إيجاد شبكة للتنسيق بين الوزارات المختلفة، لحماية الأطفال من الفقر، وصون حقهم في التعليم اللائق، والأهم الحفاظ على كرامتهم الإنسانية"، وفق محارب. بدوره، يشدد مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، على أهمية تعزيز وسائل التحقق من العائلات الأكثر فقرا، فيقول: "فيما غالبية الفقراء من العاملين، فإن تعليمات صندوق المعونة تشترط أن لا يكون منتفعها من العاملين أو القادرين على العمل، وبالتالي لا يمكن اعتبار بيانات الصندوق مرجعا للأسر الأردنية الفقيرة". ويتابع عوض: "نحو 52% من الأردنيين يتلقون أجورا دون 400 دينار شهريا، وغالبية هؤلاء هم المعيلون الأساسيون لأسرهم، وبالتالي فهم من الفئات الفقيرة غير المشمولة بالمعونة". ويزيد: "نحن نعاني من فجوة وعدم تنسيق بين مؤسسات الدولة عن أماكن وجيوب الفقر، والجهات التي تقدم المساعدات للفقراء". ويلفت إلى أن "آخر دراسة حول الفقر كانت في العام 2010"، معتبرا أنه "ليس من المنطقي الاستمرار في الاعتماد على نتائج دراسة قديمة في التعامل مع قضية الفقر، خصوصا مع الكم الهائل للمتغيرات التي عاشها المجتمع الأردني نتيجة أزمات المنطقة". مطالبات بقاعدة بيانات ويرى عوض أن هناك حاجة ماسة لتفعيل دور مديري المدارس والحكام الإداريين في تحديد العائلات الفقيرة، والتي تحتاج إلى المعونة، وماهية المعونة التي تحتاجها الأسر". ويتابع: "قد تكون معرفة احتياجات الأسر من داخل منازلهم أمرا أكثر صعوبة، لكن تحديد احتياجات الأطفال من قبل مديري المدارس والمرشدين التربوبين يبقى الوسيلة الأكثر نجاعة في الوصول إلى الفئات المستحقة وتلبية احتياجاتها". في مقابل ذلك، تمتلك تكية أم علي، وهي جمعية خيرية معنية بمحاربة الجوع الغذائي، أوسع قاعدة بيانات للعائلات الفقيرة في المملكة، بحسب مدير عام التكية سامر بلقر. ويقول بلقر إن التكية "تقدم معونات وطرودا غذائية شهرية لنحو 18 ألف أسرة، لكن في المقابل تمتلك التكية قاعدة بيانات لنحو 80 ألف عائلة من الأشد فقرا وعوزا في الأردن، كما تتضمن تلك القاعدة تحديدا لاحتياجات تلك الأسر، سواء كانت تعليما، أو صحة، أو سكنا، أو صيانة مسكن، أو مستلزمات طبية وغيرها". وتسعى التكية، ضمن الطرود الشهرية التي تقدمها للعائلات التي تعاني من الفقر الغذائي، إلى تضمين مواد غذائية مناسبة للأطفال في سن المدرسة، حيث يتضمن الطرد "بسكويت الويفر، والحلاوة، والحمص، التي يمكن للطلبة أخذها إلى المدرسة لتكون بمثابة وجبه طعام، إلى جانب الجيلو باعتباره نوعا من الحلويات المفضلة"، وفق بلقر. وفيما يقتصر عمل التكية على توفير الأمن الغذائي، فإن بلقر يلفت إلى أن "الأسر المستفيدة من التكية لديها احتياجات أخرى، ومن هنا تشبك التكية مع نحو 17 منظمة وجمعية في الأردن، عبر تقديم قاعدة البيانات التي توفر الاحتياجات الأخرى". كما يلفت إلى "ارتفاع أعداد المواطنين الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي، إذ وصل في العام 2016 إلى 5 بالألف، فيما كانت النسبة في العام 2012 حوالي 3 بالألف، كما ارتفعت نسبة الأسر الهشة إلى 5,4 %، مقارنة مع 2,1 %". ويرى بلقر أن "عدم القدرة على تأمين الطعام ينعكس على كل احتياجات الاسرة، إذ تعاني تلك الأسر من مشاكل كالتدفئة والملابس والعلاج والتعليم والمواصلات، ويتطلب حل هذا التحدي التشبيك بين مؤسسات المجتمع المدني بين بعضها البعض أولا، وبين المؤسسات والمواطنين بالدرجة الثانية". مبادرات لدعم الطلبة تؤكد مديرة التعليم العام في وزارة التربية والتعليم الدكتورة خولة أبو الهيجا، ما ذهب إليه بلقر، وتقول: "يوجد العديد من المبادرات والجمعيات التي تسعى لتقديم المعونة للطلبة الأكثر حاجة وضعفا، وغالبا ما تراجعنا هذه الجمعيات، لكن الإشكالية تكمن في ضعف التبليغ من قبل مديري المدارس أنفسهم". وتتابع: "نعمل على تشبيك الجمعيات مع المدارس الأكثر حاجة، وقد تم توزيع المعونة في أكثر من مرة، لكن التحدي يبقى في حث مديري المدارس على التبليغ عن هذه الحالات، إلى جانب ضمان أن تكون المعونة التي ترغب مؤسسات المجتمع المدني بتطبيقها متناسبة وحاجة الطلبة". وتضيف: "نشترط أن تنسق الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني مع الوزارة لتقديم المساعدات، ليس الإجراء بقصد التعقيد أو البروقراطية، إنما لضمان أن تكون هذه المساعدات خاضعة للرقابة والإشراف، وأن تلبي الاحتياجات المطلوبة". وحول وجود قاعدة بيانات للطلبة الفقراء لدى الوزارة، توضح أبو الهيجا: "لا توجد لدى الوزارة قاعدة بيانات خاصة للطلبة الأكثر فقرا، إنما يتم الاعتماد على التقارير الإحصائية الصادرة من وزارة التخطيط، في تحديد جيوب الفقر". وتبين: "استنادا للتقرير، تعمل الوزارة على تغطية نحو 350 ألف طالب وطالبة من مناطق جيوب الفقر، ببرنامج التغذية المدرسية، ورغم ذلك يوجد العديد من الطلبة الفقراء والمحتاجين الذين يقيمون في مناطق خارج هذه الجيوب، والمطلوب هنا المبادرة من قبل مديري المدارس للتبليغ عن هذه الحالات، لتلبية احتياجات الطلبة، سواء كانت الاحتياجات ملابس أو قرطاسية أو دروس تقوية أو غيرها". ويوصي التقرير القطري حول الأطفال خارج المدرسة، للحد من تسرب الأطفال من الأسر الفقيرة، بضرورة تقديم الدعم المادي والمواصلات لطلبة المدارس الابتدائية الفقراء، في محاولة للحد من عبء التكلفة المرتفعة على أسرهم. ويقترح تنفيذ هذه البرامج من خلال برنامج المساعدات النقدية المشروطة التي يديرها صندوق المعونة الوطنية للأردنيين وصندوق الزكاة بالنسبة للجنسيات الأخرى. معونات صديقة للطفل تشير مديرة صندوق المعونة الوطنية بسمة إسحاقات إلى برنامج جديد باشر الصندوق نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بتطبيقه، ويتعلق بالمعونات الإضافية، اعتمادا على مؤشرات من ضمنها عدد أفراد الأسرة على مقاعد الدراسة، وعدد الأبناء دون سن 18، ومدى بعد المنزل من الخدمات، وتحديدا التعليمية والصحية، وتوفر خدمات المياه والكهرباء، وعدم وجود بيت ملك، وحاجة أحد أفراد الأسرة للرعاية الصحية. وتلفت إلى أن نسبة من الأطفال في المناطق النائية يصعب عليهم التوجه إلى مدارسهم سيرا على الأقدام، بسبب بعد المسافة، مشيرة إلى أن بعد المسافة بين المنزل والمدرسة والحاجة للمواصلات، يعد أحد المؤشرات للحصول على المعونة الإضافية. وتؤكد أن "هناك حسبة محددة للمعونة الإضافية قد تصل إلى حد 90 دينارا". وتضيف أن صندوق المعونة الوطنية يعتزم إبرام اتفاقية مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، لتقديم المساعدات للطلبة الفقراء من منتفعي الصندوق، بما يضمن استمرارهم على مقاعد الدراسة ويحفظ كرامتهم. وتبين أن من شروط الانتفاع من الصندوق ضرورة أن "يكون الأبناء في عمر المدرسة على مقاعد الدراسة". كما تنص تعليمات المعونات المالية لرعاية وحماية الأسر المحتاجة، على "ضرورة التزام الأسرة بإرسال أبنائها للمدارس وعدم التسرب منها، على أن يحسم ما نسبته 25 % من إجمالي المعونة المستحقة للأسرة عن كل فرد يثبت رسميا تسربه من المدرسة، أو عدم التحاقه بها عند السن القانوني المحدد لذلك، ويستثنى من ذلك غير الملتحقين بالدراسة لأسباب صحية، على أن يتم إثبات ذلك بموجب تقرير طبي صادر عن المرجع الطبي المختص المعتمد". وترى إسحاقات في هذه التعليمات "تشجيعا للأسر على إبقاء أبنائهم على مقاعد الدراسة، وعدم الزج بهم في سوق العمل"، لكنها في ذات الوقت تقر أن المعونة "لا تغطي سوى أبسط احتياجات الأسر". وتضيف: "كما كان الحال في مدرسة البريبيطة، حين شكل التحرك المجتمعي مبادرة إيجابية لجهة سد حاجة أطفال البربيطة من الملابس، توجد حالات أخرى في مناطق من المملكة تعاني من الوضع ذاته، وبوسع الصندوق أن يشكل مرجعية للوصول إلى هذه الأسر". ودعت الجمعيات وفاعلي الخير لمراجعة الصندوق للوصول إلى الحالات الأكثر حاجة، وخاصة الأطفال وطلبة المدارس، كون الصندوق يمتلك قاعدة بيانات واسعة لمنتفعيه تحدد الاحتياجات الخاصة بهم".

أحدث الأخبار