امان السائح .. لا يمكننا الا ان ننظر بكل جدية الى ما ستقدمه توصيات اللجان المنبثقة عن اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية الـ 18 ،من اجل تحريك بوصلة السكون في ملفات اصبحت في حكم «المحاذير» التي لا يمكن الحديث عنها او نقاشها ، وستقدم تلك اللجان عبر توصياتها ودراسات معمقة وموثقة ورقمية اسباب وموجبات التغيير ، وربما فتح القضايا بشكل اعمق لطرحها على ساحة البحث والنقاش والاهم التنفيذ . اللجنة الوطنية لتنمية الموارد البشرية التي عمل وطيلة العام رئيسها د. وجيه عويس على رسم ملامح التحرك ، عبر اسس واضحة تحاكي واقع التعليم منذ ان تخط قدم الطالب الحضانة في مرحلة « الطفولة المبكرة « ، ومواصلته للتعليم العام وما يتعلق بتفاصيله من تدريب المعلمين وتاهيلهم ، والمناهج الدراسية ، والاهم امتحان الثانوية العامة ، وقضايا لها علاقة بالتعليم الموازي ، والحاكمية ، واستثناءات القبول ، التي فتحت بوابات كبيرة لعدم العدالة بقضايا مختلفة ،والحديث عن اسس القبول بالجامعات الرسمية ، وقطاع التعليم المهني والتدريبي والتقني ، وما تم الحديث عنه من محور العمالة في الاردن، وتعليم اللاجئين السوريين الذي اصبح امرا مقلقا وهاما ورئيسيا في ملفات المدارس الاردنية ، في بوتقة كاملة وشاملة لم تترك صغيرة او كبيرة الا وادخلتها في دائرة البحث والدراسة والتقصي.
تنمية الموارد البشرية في حالتها الكاملة ، ستقدم الشهر المقبل وبرعاية ملكية سامية ، تصورا كاملا لكل التفاصيل الخاصة بالعمل المؤسسي التعليمي بالاردن ، وستعرض حالة من الارقام والحقائق لا يمكن لاحد ان يتجاهلها ، لا بل وعلى اصحاب القرار والسلطة التنفيذية ان تتبنى هذا العمل المتكامل وتخضعه لقراءة تحليلية تتناسب والجهد المعمول فيه ، وتحوله الى قرارات تطبق على ارض الواقع.
اللجنة التي شكلت بارادة ملكية وبخطاب موجه من جلالة الملك عبدالله الثاني تحدث بعد ان وصلت الامور الى حد الوجع في خطاب التعليم العام والعالي بالاردن ، وكعادة جلالته الذي لا يقرا الواقع فقط بل يقدم صورة لمستقبل منظور ، وجاء جلالته قبل العام تقريبا ليضيئ واجهة التعليم بالاردن ويقرع جرس العمل نحو المراجعة والتحليل واجراء اللازم ، ووجه جلالته بتشكيل اللجنة لرسم استراتيجية شاملة وهامة تقدم مخرجات للنظام التعليمي من اولى خطواته وحتى التخرج من الجامعة والدخول الى سوق العمل لتكون هنالك خارطة عمل والية تطبيق جاهزة وهامة.
اللجنة فتحت ملف « المحظورات والمحاذير» وتحدثت عن استثناءات القبول وتحدثت عن التعليم الموازي ، ووصلت الى قناعة بان الثانوية العامة ركن رئيسي بتقييم القبول للدخول بالجامعات ، لكنه لا يمكن ان يكون الوحيد ، ويجب ربط هذه التفاصيل بقياس رئيس لقدرات الطالب ورغباته بدراسة اي تخصص بالجامعة ، ليكون مبدعا بتحصيله وراغبا ، وان يكون بالاساس قادرا على مواصلة سنوات دراسته بلا عقبات ومطبات.
اللجنة ومن خلال تقارير 18 عنوانا رئيسيا ، ستكون واضحة وحاسمة ودقيقة وستقدم حقائق رقمية ربما ستكون صادمة لكنها داخل الواقع.
الموازي .. قصة الالم في الجامعات ، فعندما تقول الارقام ان 66% بالاردنية مواز ودولي ، و78% بالتكنولوجيا ايضا مواز ودولي ، و47% باليرموك ، و50% الهاشمية ، و49% البلقاء التطبيقية ، فتلك ارقام مفزعة ، حيث اصبح طالب الموازي يدفع رسوم الجامعة لثلاث او اربع طلاب يدرسون بالجامعة ، وفرض الموازي ايضا لم يأت جزافا بل قدمته عجوزات مالية ضخمة بالجامعات وغياب حكومي عن مساعدة تلك المؤسسات الوطنية.
اللجنة قدمت حلولا للموازي من خلال خيارين، الاول يعمل على الغاء الموازي تدريجيا خلال السنوات العشر القادمة بحيث يطبق الالغاء على الاردنيين الجدد اعتمادا على سيناريو مالي يوضح الايرادات التي ستفقدها الجامعات جراء ذلك حيث تظهر الارقام ان ايرادات الموازي والدولي تشكل ما نسبته 51% من اجمالي الايرادات ، وهي نسبة تستحق التوقف والدراسة.
والارقام تقول ايضا ان عدد الطلبة يبلغ 226000 ،منهم 55000 مواز و 11000 طالب غير اردني ، ووفقا للدراسة فانه سيتم تخفيض طلبة الموازي بمعدل 5550 سنويا على مدى 8 سنوات بما نسبته 12.5% سنويا اي حوالي 44000 طالب ، وبذات الوقت لن يتم المساس بغير الاردنيين ، كما تشير الارقام ان النقص بدخل الجامعات سيكون 17 مليون دينار سنويا وسيزداد بذات الرقم سنويا ليصل الى 136 مليونا وهو الواجب ان تقدمه الدولة ، وعندها سيكون عدد الطلبة 181600 وهو قريب من الطاقة الاستيعابية.
وتقدم اللجنة خيارا بمجانية البرنامج العادي ، عبر ارقام توضيحية ستعرضها اللجنة والوصول الى ارقام طلاب تتواءم مع الطاقة الاستيعابية التي حددتها هيئة الاعتماد ، ليصل التعليم الى عدالته عند الحديث ايضا عن تطبيق اسس واضحة وعادلة للاستثناءات ، واجراء ترتيب اكاديمي واضح لاسس القبول بالجامعات تعتمد الرغبة والقدرة. وتدعو الاسس التي ستوصي بها اللجان الى اجراء تعديل تشريعي يلزم الالتحاق برياض الاطفال بعد ان اظهرت الارقام ان هناك 700 الف طفل غير ملتحقين برياض الاطفال مما يؤثر على قدرتهم الاستيعابية والاكاديمية ، وربط هذه المرحلة بمعلمات مؤهلات قبل التعيين واعتماد منهاج شامل يعتمد على استراتيجية تتناسب والاطفال.
كما ستكون التوصيات حاسمة فيما يتعلق بمرحلة التعليم المدرسي من خلال تصنيف المعلمين الى معلم لمرحلة ما قبل المدرسة ، ومعلم التعليم الاساسي ، واخر للتعليم الثانوي ، ووجود برنامج تدريبي لكل مرحلة ، وربط ذلك بتصميم منظم للمناهج وتقييم اداء المعلمين وتوظيف تكنولوجيا المعلومات بالمناهج.
وتاتي مرحلة الجامعة لتطرح توصياتها بضرورة تحويل المقاعد الى منح وفصل قائمة العشائر عن قائمة المدارس الاقل حظا ، وزيادة المنح للتعليم التقني ،وزيادة فرص تنمية الموارد البشرية في المحافظات خارج العاصمة ، وزيادة مخصصات صندوق دعم الطالب ، والاهم الغاء الموازي وتغيير مفاهيم القبول وعدم حصرها فقط بعلامة الثانوية العامة.
ملف اللجنة التي ستقدم في الايام القادمة تصورات حاسمة وريادية ومختلفة ترسم ملامح التعليم بالاردن للمستقبل ، لا بد ان تحمل بعدا تفاهميا وتفهميا ، وحسا ادراكيا يتناسب وحجم الارقام ، وحجم الاداء وحجم الخبرات التي وضعت في تلك الاوراق ، التي رسمت ملامح غير عادية لقضايا كانت تبدو محظورة والحديث عنها خط احمر ، بانتظار اعلان واضح وتفصيلي لعمل اللجنة ، والاهم ان تجد لها طريقا للتنفيذ والاصغاء الصحيح.
اوائل - توجيهي أردني