تعمل مؤسسة "فاركي" البريطانيّة، وهي منظمة غير ربحية، على تحسين مستوى التعليم في البلدان الأقل حظاً حول العالم. وإذا ما نجحت في مسابقتها الدولية لأفضل معلم أو معلمة الفلسطينيّة حنان الحروب، من بين ثمانية آلاف متسابق ومتسابقة، ففي ذلك عدة رسائل يمكن أن نصغي إليها، ونتعلّم منها. الرسالة الأولى، أنّ الإبداع في التعليم والتميّز فيه لا يُنتظر منهما أن يتمَّا في مدارس مستوفية الشروط، ولا في ظروفٍ معيشيّة ممتازة للمعلم والمعلمة. فمن المؤكّد أن المعلمة حنان لا تعلّم في مدرسة 5 نجوم، ولا تحصل على راتب مجزٍ يساوي جهودها، وليست في بلد آمن مستقر. بل هي على العكس من ذلك، في أسوأ البلدان حظاً من الإنسانية، إنه الاحتلال وترويعه اليومي للحياة وللطفولة. ومع ذلك وجدت المعلمة الباسلة طريقها إلى الإبداع في التعليم، قاد إليها اعترافاً دولياً ومكافأة مجزية (مليون دولار)، وهي ليست بشيء مقابل سعادتها بتحقيق رسالتها التربوية في أطفال ناجحين وسعداء، وسط حقل عريض من الدمار والتدمير اليومي. والرسالة الثانية، أنّ المعلمة البارعة ليست مأخوذةً بالأيديولوجيا لتقيد أطفالها بها، ولا بثقافة العنف والتعنيف لتردّ بها على عدو متربّص. بل إنّ هاجسها -كما قالت- كان دائماً أن تخلّص الأطفال من العنف الذي يتعرضون إليه خارج المدرسة، لتزرع مكانه الأمل، وتأخذهم منه إلى الجمال. وهذا يعني حرفيّاً أن لا مكان في صفّ هذه المعلمة لنصوصٍ تحرّض على الكراهية أو الانتقام، أو الجلوة للجد الأول أو الخامس، أو للتلذذ بعذاب المخالفين، أو التهديد والوعيد، أو التباهي بالشوفينية بأنّ قومها خير البشر، أو أن الذكر يفضل الأنثى بالدليل الفلانيّ، أو أن المرأة عورة يجب سترها وإن لم تفعل فهي كذا وكذا... فبمجرّد أن يكون الجمالُ وجهة هذه المعلّمة، فلا مكان لديها للقبح الذي نراهُ منتشراً انتشاراً مرعباً في التعليم الذي أصبح صنواً له. ولو كنتُ مكان وزارة التربية لأعددتُ دوراتٍ تدريبية لمعلمات ومعلمي الصفوف الثلاثة الأولى، للتدريب على طريقتها في التربية على الأمل والجمال، بدل ما هو قائمٌ من حماقات و"بلاوي". إنها رسالةٌ عظيمةٌ من حنان لكل معلمةٍ ومعلّم في فلسطين والأردن وكل بلد تعصفُ به أعاصير الحروب والدمار، فالأمل والجمال دائما معقودٌ بنواصيهما الخير - الغد .
اوائل - توجيهي أردني .