فيما أكد خبراء تربويون أهمية النهوض بالتعليم المهني، لكي يتناسب مع احتياجات سوق العمل الأردني، اعتبروا ان قرارا لوزارة التربية والتعليم حول التعليم المهني، يقضي بتقليص تخصصات التعليم الثانوي الصناعي، “غير مدروس، ويفتقر لإجراءات تطبيقية على أرض الواقع بشكل جيد”. وأوضحوا، في حديث لـ”الغد”، أن المدارس المهنية التابعة للوزارة “غير مؤهلة لاستقبال طلاب تعليم مهني، وتفتقر لتجهيزات ومعلمين مؤهلين، وبالتالي لن تكون قادرة على تدريبهم بشكل عملي جيد”. ودعوا إلى زيادة أعداد الطلبة المتوجهين لهذا النوع من التعليم من خلال العمل على مسارين متوازيين هما: توفير أساتذة مؤهلين ذوي خبرة مبدعين في هذه المجالات، وتوفير مدارس مؤهلة ومجهزة بالتجهيزات اللازمة. وأكدوا أهمية التريث لمدة عام أو عامين لتجهيز البنى التحية والمدارس وتوفير معلمين مؤهلين وبرامج تجريبية، لمثل هذا النوع من التعليم، وضرورة دعم سياسات التمويل وتنظيمها، بحيث يمكن تحسين وتطوير البرامج الرسمية في التدريب والتعليم المهني والتقني. وكانت “التربية” قررت مؤخرا تقليص تخصصات التعليم الثانوي الصناعي من 25 إلى 10 تخصصات، ونقل بقية التخصصات إلى مؤسسة التدريب المهني للتدريب عليها وفق برامج التدريب المطبقة لدى المؤسسة. كما قررت تحويل الاقتصاد المنزلي إلى التعليم الثانوي التطبيقي، وتحويل الطلبة الضعاف الذين تقل علاماتهم عن 50 % للتلمذة المهنية، وأولئك الذين تتراوح معدلاتهم ما بين 50 % و59 % إلى التعليم الثانوي التطبيقي، ومنع تحويل أي طالب من التطبيقي أو التلمذة المهنية لدى مؤسسة التدريب المهني إلى فروع التعليم الأخرى في أي مدرسة حكومية أو خاصة. وقال هؤلاء الخبراء إن هذا القرار يحتاج لمتطلبات سابقة قبل تنفيذه على ارض الواقع ابتداء من العام الدراسي 2016/ 2017 كتوفير مدارس مهنية مزودة بالتجهيزات المطلوبة، فضلاً عن معلمين مؤهلين يمتلكون الخبرات الكافية لتدريب الطلبة. لكنهم أشادوا بالوقت نفسه بإجراء وزارة التربية الأخير والمتعلق بهيكلة التعليم المهني وتخصصاته. وقال وزير التربية والتعليم الأسبق فايز السعودي إن التوجه نحو التعليم المهني يجب أن يكون مرتبطا بتقويم قدرات وإمكانات الطلبة في مرحلة سابقة، وتوجيههم للعمل المهني من الصف الثامن أو التاسع كما يحدث بالدول المتقدمة. وأضاف إن توجيه الطلبة في هذه المرحلة العمرية نحو التعليم المهني، ضروري لتوفير خريجين لسوق العمل الأردني، وبالتالي الترشيد في تكلفة التعليم على هؤلاء الطلبة عندما يواصلون تعليمهم الأكاديمي. لكن السعودي أوضح أن هذا القرار يحتاج لمتطلبات سابقة كالقدرة على تحديد وكشف القدرات والميول واستعدادات الطلبة مبكرا من الصف الثامن أو في مراحل دراسية مبكرة، وضرورة توفير البنى التحتية في وزارة التربية والتعليم، فضلاً عن إكساب الطلبة المهارات المهنية المتنوعة وفقا لحاجاتهم في السوق. وأعرب عن اعتقاده بأن قرار وزارة التربية “سابق لأونه، وغير مدروس”، إذ يجب أن يكون لدى الوزارة القدرة على “تشعيب” الطلبة وفقا لقدراتهم المهنية بشكل جيد، وهذا بحد ذاته يحتاج إلى اختبارات ومختبرات ومعلمين مؤهلين، ووسائل تعليمية متنوعة. وأكد السعودي أهمية أن يكون هناك تعاون بين القطاعين العام والخاص بخصوص تأهيل جيل يكتسب مهارات وتعليم مهني. وأشار إلى أن قرارات وزارة التربية منذ ثلاثة أعوام حول هذا الموضوع “جلها إدارية، تحتاج إلى إجراءات تطبيقية على أرض الواقع، ولم تأخذ بعين الاعتبار حاجات سوق العمل الأردني، والظروف المدرسية”. وقال إن هذا الموضوع تشترك به وزارتا التربية والعمل والقطاع الخاص، لافتاً إلى ضرورة التنسيق بين هذه الجهات الثلاث للبدء في إعداد طلبة يقبلون على التعليم المهني عن قناعة. وتساءل السعودي حول مدى “جاهزية”، مؤسسة التدريب المهني لاستقبال مثل هؤلاء الطلبة. بدورها، أكدت مديرة الدعم المؤسسي لمزودي التدريب في مشروع تطوير القوى العاملة بالأردن نادرة البخيت أن المدارس المهنية التابعة للوزارة “غير مؤهلة لاستقبال مثل هؤلاء الطلاب، وتفتقر لتجهيزات ومعلمين مؤهلين، وبالتالي عدم مقدرتها على تدريبهم بشكل عملي جيد”. وشددت على أهمية تنظيم سياسات واستراتيجيات التعليم والموارد البشرية، حيث “يفتقد القطاع لأنظمة مرنة لمعلومات سوق العمل، تساعد راسمي السياسات والتشريعات واصحاب القرار على اتخاذ قرار مدعوم بالمعلومة السلمية، لتصيحح مسار التعليم العام والجامعي”. كما أكدت البخيت أهمية ضبط جودة مخرجات مزودي التعليم والتدريب، والتأكد بأن مخرجات هذه البرامج، تعكس احتياجات سوق العمل، داعية إلى دعم سياسات التمويل وتنظيمها، بحيث يمكن تحسين وتطوير البرامج الرسمية في التدريب والتعليم المهني والتقني. ونوهت لضرورة أن تستند قرارات التمويل لتلك البرامج إلى معايير واضحة حول نجاعتها برفع قدرات المتدربين، ومواءمة المخرجات لاحتياجات سوق العمل سواء الداخلي أو الخارجي. وأشارت البخيت إلى أهمية دعم وتعزيز دور القطاع الخاص في التعليم والتدريب المهني والتقني، عبر مأسسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وتقديم الدعم والحوافز لجذب القطاع الخاص، لإنشاء وإدارة مؤسسات التعليم والتدريب المهني. وفي دراسة أجراها نيلسن من مؤسسة التمويل الدولية والبنك الإسلامي للتنمية العام 2011 حول أصحاب العمل الإقليميين، تبين “أن 10% فقط من أصحاب العمل بالأردن، كانوا راضين عن المهارات التقنية”، بينما أعرب 16 % فقط عن رضاهم عن المهارات الشخصية للخريجين المهنيين، في حين كانت معدلات الرضا لدى صاحب العمل بالسعودية تزيد على هذه النسب ثلاثة أضعاف. من ناحيته، شدد وزير التربية والتعليم الأسبق ابراهيم بدران على ضرورة ان يتطور التعليم المهني التقليدي الى تعليم تكنولوجي متقدم، بحيث يكون خريج هذا المسار ليس مجرد عامل مهني بالمعنى التقليدي، وإنما شخصا قادر على استخدام التكنولوجيا والبرامج الحديثة والأدوات الجديدة، كون سوق العمل بحاجة لهذا النوع من الأشخاص القادرين على استخدام التكنولوجيا. وقال إن الطلاب يتوجهون إلى التعليم التكنولوجي لسببن، أولهما: زيادة الإقبال على هذا النوع من التعليم المتقدم الذي يعطي الطالب فرصة لاستخدام مهاراته وقدراته الإبداعية، وثانيهما: أن هذا العلم هو المطلوب حاليا في سوق العمل. وأضاف بدران “نحن لا نريد تعليما تقنيا تكنولوجيا لطلاب لم يحققوا علامات جيدة في المسار الأكاديمي، وإنما نريد طلابا متميزين يرون لأنفسهم مستقبلا ناجحا بهذا النوع من التعليم”. وبين أن الإقبال على التعليم المهني حاليا لدينا “ضئيل، لا يتجاوز عدد الطلبة فيه 18 ألف طالب”، داعياً إلى زيادة أعداد الطلبة المتوجهين لهذا النوع من التعليم من خلال العمل على مسارين متوازيين هما: توفير أساتذة مؤهلين ذوي خبرة مبدعين في هذه المجالات، وتوفير مدارس مؤهلة ومجهزة بالتجهيزات اللازمة. وأشار بدران إلى ضرورة التريث لمدة عام أو عامين لتجهيز البنى التحية والمدارس وتوفير معلمين مؤهلين وبرامج تجريبية، لمثل هذا النوع من التعليم، مشدداً على ضرروة الاستفادة من خبرات الدول التي نجحت في التعليم التكنولوجي مثل المانيا وسنغافورة وكوريا وسويسرا. من جانبه، أوضح مدير إدارة الانتاج والتعليم المهني بوزارة التربية نواف الدغمي لوكالة الأنباء الأردنية “بترا” امس، أن الوزارة قامت بإعادة هيكلة تخصصات العمل المهني في الفرع الصناعي حيث تم تخفيض 25 تخصصاً إلى 10 تخصصات فعالة تتواءم مع التطور التكنولوجي في سوق العمل. وأضاف أن الوزارة أبرمت مع وزارة العمل ومؤسسة التدريب المهني اتفاقية لاستقبال طلبة في التعليم الثانوي الشامل المهني والتعليم الثانوي التطبيقي، حيث يركز الأخير على المهارات العملية أكثر من النظرية ويؤهل الطالب لإمكاناته الذهنية والعملية وتأهيله بشهادة تخفف من البطالة وأعداد غير الناجحين. وأشار إلى أن “التربية” أتاحت فرصة لـ6 آلاف طالب للالتحاق بمؤسسة التدريب المهني خلال 3 أعوام أي 2000 طالب كل عام يخضع فيها الطالب للتدريب مدة عامين ثم يمنح بعدها شهادة تسمى الكفاءة المدرسية، تؤهله للدخول إلى الدبلوم الفني دون أن يتقدم لشهادة الدراسة الثانوية العامة “التوجيهي”. كما بين أن الوزارة أعدت مسارين للتعليم المهني، الأول المسار الجامعي الذي يقوم على دراسة مواد علمية تتناسب مع نوع التخصصات، والثاني مسار سوق العمل من الثانوية العامة تكون فيه المواد مخففة وتقدم الطالب إلى كليات المجتمع.
أوائل - توجيهي أردني