مع وجود آلاف طلاب التوجيهي الراسبين الذين وصل عددهم على مدى الثلاثة أعوام الماضية بحسب تقديرات وزير التعليم العالي والبحث العلمي د. وجيه عويس، الى نحو 240 ألف طالب وطالبة، يبدر إلى الذهن تساؤل: ماذا سيكون مصيرهم؟
ومع إعلان نتائج الثانوية العامة للدورة الصيفية 2016، تبين أن نسبة النجاح في المسار الأكاديمي الشامل بلغت 40.1 بالمئة، وأن عدد الطلبة الذين يحق لهم الالتحاق بالجامعات الحكومية ممن حصلوا على معدل 65 بالمئة فأكثر، 27402 طالب وطالبة.
بيد أن أحداً لم يتحدث عن نسبة الرسوب البالغة 59.9 بالمئة، مما يعني إن عشرات الآلاف من الطلبة سيجدون أنفسهم أمام خيارات صعبة في ظل ارتفاع نسب البطالة وقلة فرص العمل، ناهيك عن البنى التحتية المتواضعة لمراكز التدريب المهني والتشغيل.
"السبيل" طرحت السؤال التالي على خبراء واخصائيين: "هؤلاء الطلاب إلى أين؟".
الخبير الدولي معن القطامين رأى أن نِسب الرسوب في "التوجيهي" أثرت على الجامعات الخاصة مما أدى لبروز مشكلتين، أحداهما قلة أعداد الطلبة المسموح لهم بإكمال دراستهم فيها، وبالتالي التأثير على دخلها، مما قد يؤدي الى الاستغناء عن بعض العاملين بها، وهي المشكلة الثانية.
وتساءل القطامين "الجامعات الخاصة إلى أين؟"، لافتاً إلى أن الجامعات الخاصة تشغّل الكثير من المواطنين، فإذا ما تفاقمت هاتان المشكلتان، سنتحدث وقتها عن انهيار منظومة التعليم الخاص في الأردن.
واضاف: "ما المانع من قيام الجامعات الخاصة بالتعاون مع الجهات المعنية بمنح الطلاب الراسبين فرصة الالتحاق بالجامعات، على أن تقوم الجامعة بطريقة ما بمنحهم شهادة اجتياز مرحلة الثانوية داخل الجامعة، أو إدخالهم في برنامج إذا نجحوا فيه يلتحقون بالدراسة الجامعية".
ولفت إلى أن المطلوب من وزارة التربية والتعليم إبداء المزيد من المرونة لإتاحة الفرصة أمام الطلبة الراسبين لإعادة تقديم الامتحان، بحيث يتم تأهيلهم بسرعة، أو ربما تستفيد وزارة التربية والتعليم بتشغيل المعلمين في إعطاء الطلبة دروسا خصوصية لتأهيلهم لامتحان يجتازون فيه "التوجيهي".
وبرأي الخبير الاقتصادي حسام عايش لـ"السبيل" فإن التوجيهي واحدة من آليات الفرز التي تتبعها الحكومات، من أجل إعادة تنظيم وترتيب الشباب بطريقة تسمح لها بمعرفة كيفية اتخاذ القرارات المستقبلية، وصولا الى المرحلة التي ينتظم فيها هؤلاء بالدراسة الجامعية وعند تخرجهم.
وأضاف "الرسوب يحسب بحسب متطلبات عديدة منها الاعتبارات الاقتصادية المستقبلية"، ولفت إلى أهمية تحويل هذه الفئة إلى القطاعات المهنية أو إقناعهم بأعمال وحرف يعمل بها وافدون، وبالتالي يمكن التقليل من معدلات البطالة ضمن هذا التفكير.
وأكد أن الرسوب مسؤولية يجب أن تتحملها الحكومة المتمثلة بوزارة التربية والتعليم، قائلاً "إن رسوب 40 ألف طالب، هي إدانة لنظام التربية والتعليم الذي أهمل تقديم المعلومات والتدريس الذي يسمح لـ 50 بالمئة من هؤلاء الطلبة الراسبين باجتياز الامتحان الذي يفترض أنهم تدربوا عليه طيلة 12 عاما دراسيا، حتى وقت الامتحان".
وشدد على خطورة تحول هؤلاء الشباب إلى كتلة ناقمة في المجتمع بسبب عدم حصولها على فرص إكمال تعليمها، مما يحولهم إلى كتلة ساكنة أو صامتة ربما تنفجر بأي لحظة، ويحولهم كذلك إلى مستهلكين، إلا إذا كانت هناك جدية في البحث عن فرص عمل لإحلالهم فيها محل العمالة الوافدة.
ومن ناحية أخرى بين عايش أن لامتحان التوجيهي في نتائجه النهائية مفاعيل اقتصادية تؤثر على المجتمع، وعلى مستقبله، وكيف ننظر إليه في السنوات المقبلة، لافتا إلى أن هناك خللا في النظام التعليمي، فهو لا يخرج طلابا قادرين على الالتحاق بسوق العمل، مطالبا بتوفير معاهد ومراكز تدريب لتنمية مهارات الطلاب وقدراتهم للانخراط في سوق العمل أو لتأهيلهم للحصول على فرص تعليم لاحقا، وعدم إهمالهم.
مدير المرصد العمالي أحمد عوض عبر عن أسفه لعدم جهوزية الأردن للتعامل مع هذه الفئة من الشباب، لافتاً إلى أن الأردن يفتقر إلى المراكز الشبابية ومراكز التدريب التقني التي تستوعب هذه الأعداد.
وذكر أن الحكومة أعلنت أنها ستستوعب ألفي شاب منهم، وتساءل "ماذا عن البقية؟".
وبرأي عوض فإننا ندور في حلقة مفرغة، الحكومة دائما غير جاهزة، وأضاف "غالبا ما يتحول هؤلاء الشباب لعمالة غير ماهرة بسبب عدم المقدرة على استيعابهم"، موضحاً أن العمالة غير الماهرة تعاني من تدني الأجور ومستوى ضعف الإنتاجية، وعدم وجود حماية اجتماعية لهم، وهم عرضة لتعاطي المخدرات وللإجرام والسرقة والذهاب نحو التطرف الفكري، واصفا هؤلاء الشباب بـ"القنبلة الموقوتة".
ووفقا للارقام الاحصائية ارتفع معدل البطالة للربع الأول من العام الحالي بمقدار 1.6 نقطة، بالمقارنة مع نفس الفترة من عام 2015، إذ بلغ 14.6 بالمئة، بمعنى أن معدل البطالة بين الذكور بلغ 12.7 بالمئة، مقابل 23.7 بالمئة للإناث، للربع الأول من العام الحالي، ويتضح أن معدل البطالة ارتفع للذكور بمقدار 1.7 نقطة مئوية، وارتفع للإناث بمقدار 1.6 نقطة مئوية.
وأشارت النتائج الإحصائية إلى أن 50.9 بالمئة، من إجمالي المتعطلين هم من حملة الشهادة الثانوية فأعلى، وأن 49.1 بالمئة، من إجمالي المتعطلين كانت مؤهلاتهم التعليمية أقل من الثانوي.
وتباينت نسبة المتعطلين حسب المستوى التعليمي والجنس، إذ بلغت نسبة المتعطلين الذكور من حملة البكالوريوس 22.2 بالمئة، مقابل 76.7 بالمئة، للإناث.
وسجل أعلى معدل للبطالة في الفئتين العمريتين 15-19 سنة و20-24 سنة، إذ بلغ المعدل 42.6 بالمئة و33.0 بالمئة، لكل منهما على التوالي.
أوائل - توجيهي أردني