تشكل البيئة المدرسية مفتاح نجاح تجربة التعلم بالنسبة للطلاب و عاملا مهما في العملية التعليمية. فحين تقوم المدرسة بدورها الحقيقي في المجتمع، فإنها تقوم بتشكيل شخصية الفرد وتعليمه، وبالتالي فإن ذلك ينعكس جليا على المجتمعات ويصبح التعليم عنوانا بارزا لها. فمتى كان التعليم جيدا، أصبح المجتمع متقدما والعكس صحيح. فالمدارس هي التي تبني المجتمعات، ولكن ماذا عن تعليمنا العربي؟ خلال تجربتي الممتدة لعقد من الزمن، لم أجد طالبا واحدا يحب المدرسة!! ووجدت أن الأسباب كثيرة منها:
1- أسباب خارج المدرسة
أ – أسرية تعليمية
تتمثل في ضعف المستوى التعليمي للأم والأب، وهذا مايجعلهم في حالة تأهب ورهبة لامبرر لها، مماينعكس على نفسية أبنائهم حيث يغيب التخطيط والترتيب للدراسة طوال فترة الإجازة. كما أن سطحية التفكير وضحالة المستوى الثقافي لبعض أولياء الأمور ربما تعصف بمستقبل الأبناء، حيث بالإمكان تفادي ذلك بقليل من التفكير والتخطيط، كون الأسرة هي اللبنة الأولى في المجتمع. كما أن غياب القدوة الصالحة والرقابة على الأبناء يسمح لهؤلاء بتكوين علاقات مشبوهة خارج المنزل.
ب- أسرية اجتماعية
عندما ينعدم التسامح والحب والود بين الزوجين، وتصبح المشاحنات واختلاف الرأي واللامبالاة دَيْدَن الأسرة، فإن الطفل يحرم من مقومات البيئة التي يفترض أن تحميه، فيصبح منطويا بين زملائه وحزينا منفردا تتلقفه الصحبة السيئة وعدوانيا يروح عن نفسه من خلال اختلاق مشاكل مع زملائه في المدرسة وخارج المنزل. وبالتأكيد سوف يبحث عن بيئة تحميه، ويحاول أن يتكيف بالطريقة التي تخرجه من هذا المأزق مما يجعله جاهزا لاقتراف جرائم أيا كان نوعها من خلال بوابة الشارع.
ج- أسرية اقتصادية
إن المصروف المدرسي (فسحة الطالب) أحد عوامل التركيز بالنسبة للطالب في مدرسته، فالتفاوت بين مصروف الطالب وزميله في الفصل يجعله ينفر من كل مواقف المقارنة التي يمكن أن يواجهها. كما أن الطالب الذي يخرج للمدرسة ولايجد مايسد به جوعه طوال ثماني ساعات في المدرسة، لايمكن أن يدخل الفصل للتعلم وهو خاوي البطن. فالأسرة التي لاتملك دخلا اقتصاديا مستقرا وكافيا، ولاسكنا مريحا، ولا طعاما يكفي حاجة الأسرة، ودخلا يؤمن لهم حاجاتهم الضرورية من ملبس ومأكل ومشرب سيعرض بلا شك المتتلمذين من الأسرة لمشاكل تخص مستوى التحصيل الدراسي.
2- أسباب داخل المدرسة
أ- المبنى المدرسي المستأجر ومكوناته
من الصعوبة بمكان أن يتلقى التلاميذ تعليمهم داخل مطبخ أو صالة معيشة في المبنى المدرسي المستأجر، حيث أنه مصمم لغير هذا الغرض ولايمكن أن تستخدم التقنيات التعليمية فيه بالشكل الذي نطمح إليه. كما أن نقص الصالات التعليمية والفناء المدرسي والملاعب الرياضية، وكذلك ضعف الإضاءة وعدم ملاءمتها للقراءة وصغر حجم الغرف غير المهيئة يجعل الطالب يضيق به المكان وينفر منه. فبعض المواد التعليمية تحتاج إلى إجراء التجارب في مختبر مخصص لها، وهذا مالايتوفر في المبنى المستأجر وبالتالي لايمكن أن نتحدث عن البيئة المدرسية المثالية التي ستمكن الطالب من أن يتلقى تعليما جيدا.
ب- سلبية المعلمين
متى يكون المعلم سبباً في البيئة المدرسية غير المحببة للطلاب؟
لا شك أن المعلم هو إحدى الركائز الأساسية في العملية التعليمية، لدى يجب أن يكون مهيئا نفسيا و مُكَوَّنا علميا بما فيه الكفاية للتدريس. فبعضهم اختار هذه المهنة من أجل لقمة العيش فقط وهذا يتنافى مع طبيعة المهمة الأساسية للمعلم، فغالبا ما يتصف هذا النوع من المدرسين ب:
- عدم قدرتهم على إدارة الصف، حيث أن من لايستطيع إدارة صفه لايستطيع غالبا إدارة شؤون أبنائه في المنزل.
- عدم توفير مناخ يسوده الود والاحترام والعلاقات الطيبة، فلك أن تتخيل معلما مثلا يشرح لتلاميذه الذين هشمو ا للتو زجاج سيارته خارج المدرسة.
- عدم وجود خبرات تعليمية كافية تتمثل في التخطيط التعليمي الفعال واستخدام الاستراتيجيات الحديثة في التدريس