الزرقاء- لم يكن حال المعلمين في مدرسة أم عطية الأنصارية ذات الفترتين بأفضل من حال طلابها، كلاهما يجمعهما بناء آيل للسقوط يخلو من المرافق التعليمية الأساسية، وبينما تتكدس الشعب الصفية بأكثر من 60 طالباً بعضها في بناء حديث نوعا ما ابتلع ساحة المدرسة، لا يجد معلموها غرفة للاستراحة أو تحضير الدروس فيضطرون للجلوس على السلالم (الدرج)، أو الجلوس في غرفة الإدارة الواقعة ضمن جناح آيل للسقوط. ويقول أهال ومجاورون، إن المدرسة شيدت قبل زهاء نصف قرن، وتضم ثلاثة أجنحة صفية وإدارية وساحة صغيرة للطلبة، لكن أوضاعها تردت بشكل واضح قبل عقدين، حيث كانت مدرسة للإناث حتى العام 2014 عانت خلالها المعلمات والطالبات من خطورة البناء وضيق المساحة إلى حد وضع المقاعد في الساحة الصغيرة وإعطاء الدروس في الهواء الطلق خشية انهيار البناء. وأضافوا، أن وزارة التربية استجابت نهاية العام 2014 لتحذيرات أهالي الطالبات والمعلمات من خطورة أوضاع المدرسة، وتقارير لجان السلامة العامة التي أكدت عدم سلامة البناء سيما بعد سقوط أجزاء من جسر البناء، فقررت نقل المدرسة إلى أخرى، لكن قرار النقل تم على عجل تحت ضغط الأهالي والمعلمات فلم تجد سوى اجراء تبديل بين مدرستين هما أم عطية الانصارية وسيبويه على أن يكون النقل مؤقتاً ولمدة لا تزيد على ستة أشهر. وافق أهالي الطلبة وإدارة مدرسة سيبويه على الانتقال لمدرسة أم عطية طالما أن النقل مؤقت لحين تشييد بناء حديث، ورغبة بإعطاء أولوية لحل مشكلة طالبات المدرسة، سيما أن اعداد الطالبات أكثر من الطلبة والبناء المستحدث في الساحة لا يكفي، لكن الستة أشهر انقضت وتلاها 18 شهراً إضافيا دون انشاء بناء جديد أو حتى مؤشرات على ذلك. ويحمل الأهالي وإدارة المدرسة المسؤولية على مديري التربية السابقين اللذين قطعا وعودا بإنجاز بناء جديد خلال ستة أشهر لكن الحقيقة كانت "ترحيل أزمات"، كما يقول ولي أمر أحد الطلبة وهو علاء خالد. وقال، إن الوعود التي قطعتها التربية ذهبت مع الريح، لنجد أنفسنا أمام نفس المشكلة التي واجهها أولياء أمور الطالبات والمعلمات قبل نقلهم إلى المدرسة الجديدة، موضحا أن أبرز هذه المشاكل هي تردي البناء وخطورة انهياره في أي لحظة، واكتظاظ الصفوف بالطلبة، وغياب المرافق التعليمية بل وأبسط من ذلك عدم وجود ساحة لطلاب المدرسة. واتفق معه في الرأي ولي أمر أحد الطلبة وهو طارق محمد بقوله، إن المدرسة بوضعها الحالي تشكل خطورة على حياة الطلبة، عدا عن كونها تفتقر لأبسط المرافق التعليمية كغرف الحاسوب أو مختبر العلوم، أو مكتبة، مضيفا أن الأهالي يدركون تماما أن ما يتلقاه الطلبة في هذه المدرسة "أدنى حدود التعليم"، غير أنه يبري ذمة المعلمين من أي تقصير تسببت به قرارات الوزارة غير المدروسة. ويقول أحد المعلمين، وفضل عدم ذكر اسمه، أن المدرسة تختنق بالطلبة وتكتظ صفوفها الثمانية بأكثر من 60 طالباً، كما تسبب بناء جناح جديد بابتلاع ساحة المدرسة، الأمر الذي سينعكس سلبا على مستوى تحصيل الطلبة، ويحد من قدرتهم على الانخراط في المجتمع المدرسي. "الغد" زارت المدرسة التي ما تزال تحمل اسم أم عطية الانصارية، والتقت مديرها علي المومني، الذي أكد صحة شكاوى أولياء الأمور والمعلمين، وقال إن مديري التربية السابقين أكدا أن النقل سيكون مؤقتا ولفصل دراسي بدأ من نهاية العام 2014 لحين تشييد بناء جديد، لذا بررت التربية رفضها إزالة اليافطة التي تشير إلى اسم المدرسة السابق ووضع الاسم الجديد. وقال المومني إن البناء القديم للمدرسة آيل للسقوط ويتم الآن إشغال بعض غرفه كغرفة للإدارة والسكرتاريا ومقصف لعدم وجود أي بديل، لافتا إلى وجود بناء حديث نوعا ما أضيف للمدرسة ويضم 8 غرف صفية مكتظة بالطلاب، بينما لا يوجد متسع لتشغيل مختبرات الحاسوب والعلوم، ومكتبة، كما تفتقر المدرسة إلى ساحة حيث ابتلع البناء المستحدث الجزء الأكبر من الساحة. في الجهة المقابلة قال رئيس قسم الأبنية في مديرية تربية الزرقاء الأولى المهندس محمد أبو علوان، إن بناء مدرسة أم عطية شيد في سبعينيات القرن الماضي، وفق نمط هندسة البلديات وقبل وجود كودات للبناء الأردني، كما تم إضافة بناء جديد قبل عشرة أعوام ضمن حرم المدرسة، موضحا أن البناء القديم شكل خطورة على حياة الطالبات بظهور تصدعات خطيرة، وانهيار جزء من جسر البناء. وأضاف، أن تربية الزرقاء ارتأت أن يتم نقل طالبات المدرسة إلى مدرسة سيبويه للذكور كونها أكثر سعة لاعدادهن، ونقل طلاب سيبويه إلى مدرسة أم عطية لان البناء المستحدث ضمن حرم المدرسة يكفي اعدادهم، كما اقترحت على الأهالي أن يكون نقل الطلاب إلى مدرسة القرطبي لكنهم رفضوا لانها بعيدة نوعاً ما وتشكل مشقة على الطلبة. وأوضح أن مشكلة المدرسة في طريقها إلى الحل، حيث تقرر هدم الاجنحة القديمة في المدرسة بالكامل وتشييد مكانها بناء رأسيا على عدة طوابق ضمن تصميم خاص يكفي حاجة المدرسة للخمسة عشر عاماً المقبلة، مضيفا أن وزارة الاشغال وهي الجهة المعنية ببناء المدارس طرحت عطاء البناء والذي لن تزيد مدة تنفيذه عن 18 شهراً. ونشرت"الغد" في أيلول(سبتمبر) الماضي تقريرا عن أوضاع المدارس الحكومية في الزرقاء، أجمع فيه تربويون أن قطاع التعليم في محافظة الزرقاء يرزح تحت مشكلات عديدة، أبرزها تردي البنية التحتية والمرافق المدرسية وارتفاع نسبة المدارس المستأجرة ونسبة المدارس التي تداوم بنظام الفترتين، ما يجعل منها "غير مستوفية" لشروط المرافق العامة، عدا عن افتقارها لأنظمة الصيانة، والإنارة والتهوية ما يؤثر سلبا على سير العملية التعليمية. وقالوا إن العديد من المدارس في محافظة الزرقاء التي تضم 3 مديريات للتربية والتعليم تعاني أوضاعا صعبة، وخصوصا في موضوع البناء المدرسي والمرافق التي يحتاجها الطلبة من أجل العملية التعليمية. كذلك تعاني من مشكلات مقارنة بباقي مدن المملكة أبرزها، ارتفاع نسبة الطلاب إلى المعلمين، وانخفاض نسبة النجاح في الثانوية العامة، وارتفاع نسبة التسرب، ما يستدعي التركيز على قطاع التعليم للحد من هذه المشكلات. وأظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن 2015 أن (2.4 %) من الأردنيين في محافظة الزرقاء في سن الالتحاق التعليمي بين عمر (6-15) سنة غير ملتحقين في التعليم، وأن (77 %) من الملتحقين الأردنيين في المدارس ملتحقون في مدارس وزارة التربية والتعليم. وكانت دراسة حكومية أجرتها محافظة الزرقاء ونشرتها "الغد" في العام، أظهرت ارتفاع نسبة المدارس التي تداوم بنظام الفترتين وتلك المستأجرة مع الأخذ بعين الاعتبار عدم ملاءمة غالبية تلك المدارس من الناحية التربوية، كذلك النقص في المرافق والتسهيلات التربوية في الأبنية المدرسية القائمة وخاصة المستأجرة منها. وطالبت الدراسة برصد أموال لبناء مدارس نموذجية متكاملة والاستغناء عن الأبنية المدرسية المستأجرة والتقليل ما أمكن من مدارس نظام الفترتين. وبحسب الدراسة، فأن واحدا إلى أربعة من سكان الزرقاء ما يزال على مقاعد الدراسة، وهي نسبة عالية مقارنة بسائر محافظات المملكة.
أوائل - توجيهي أردني