عمان - لأن التعليم التفاعلي ينمي قدرات الطفل، ومهارته العقلية ويساهم في تنمية تفكيره من خلال التجارب؛ فإن الخبراء طالبوا مرارا وتكرار بأن يكون معتمدا بكافة المدارس، وبأن يكون الطالب هو محور العملية التعليمية. ويأتي التعليم التفاعلي، ليكون بديلا عن التعليم التقليدي للطالب الذي يعتمد على التلقين والحفظ ولا يحاكي الإبداع والابتكار لدية. ويركز “التفاعلي” على الأدوات والوسائل البحثية باستخدام التكنولوجيا، وكسر جمود التلقين، وتفعيل العمل الجماعي والتعلم من خلال اللعب، وأن يكون باستطاعة الطالب ومن خلال أدوات بسيطة وأفكار معينة ان يستخدم كل حواسه في التعلم لتترسخ المعلومة في ذهنه وعقله، وهو ما أكدت عليه تجارب وخبرات عديدة مثل التجربة الفنلندية في التعليم. خبيرة المناهج الدكتورة روناهي مجدلاوي تقول إن المنهاج التفاعلي جزء أساسي يركز على أن يتعلم الطالب من خلال الاستمتاع والترفيه، ويكون متشوقا ومنجذبا للمادة التي يدرسها، بحيث يكون الطالب مرتبطا بجهاز يقدم له محتوى صوت وصورة، مبينة أن كل الدراسات والبحوث أثبتت أن التعليم التفاعلي ينمي الدماغ والمهارات العقلية، بحيث يجعل الشخص يفكر ويتعلم بالتجربة. وتضيف “اننا نفتقر للمحتوى العربي فيما يتعلق بالتعليم التفاعلي”، لافتة الى أن لها تجربة بمادة الجغرافيا، حيث جعلت الخرائط على شكل أحجية يقوم الطلاب بتركيبها ومجرد انهائها بشكل صحيح يستدل على الاجابة. وهذا النوع من التعليم لا يعني الاستغناء عن المعلم، وفق مجدلاوي، غير انه يكون عاملا مساعدا في الحصة، خصوصاً أن هذا النوع من التعليم يخلق تفاعلا واستمتاعا، كذلك من خلال استخدام التكنولوجيا التي توفر ما يسمى بالمختبرات الافتراضية وهي تجارب مفيدة جداً للطالب. ويمكن الاستعانة بهذه المختبرات الافتراضية للتعلم عن جسد الانسان بالأبعاد الثلاثية على سبيل المثال، كذلك في مادة الكيمياء وتفاعل المواد، والتعلم من خلال الصورة “الانيميشن”، وهي طريقة تحاكي حاجات المتعلم، مبينةً أن هذه المواد ستنمي الابداع والابتكار لدى الطالب. وتعتبر أن هذا النوع من التعليم قد يطور عليه اذا توفرت الفرصة، ولا يعتبر عبئا على الطالب والمعلم، انما تعلم كيفية استخدام المواد التكنولوجية كمواد ميسرة للطلاب الذين يبلغ عددهم في المدارس الحكومية والخاصة ووكالة الغوث 1,9 مليون طالب. وينبغي معرفة ما يمكن أن يقدم للطالب بطريقة مشوقة وممتعة بعيداً عن الكتاب المطبوع الورقي، وكيفية توظيف مواقع التواصل الاجتماعي التي يقضوا أمامها ساعات واستخدامها في التعلم. وتؤكد المجدلاوي على وجود كفاءات أردنية كبيرة، وهنالك الكثير من الأفكار، لكننا بحاجة الى إشعار الناس بأنه هم وطني يجب العمل عليه، خصوصاً وأنه أمر غير مكلف، وهناك فئة تستخدم التعليم التفاعلي لكن بمجهود فردي. لكن التطور يجب ان يكون على مستوى المدارس، من خلال خبرات وأهداف مخططة ومنظمة، تعد الطالب للحياة بشكل متكامل، تنمي لديه الجانب المعرفي والفكري والجسدي والاجتماعي والعقلي وتحاكي كل حاجاته، ليخدم وطنه وينافس على مستوى العالم. معلمة الرياضيات في مدرسة الكرك الثانوية للبنات نسرين بقاعين تحذر من ان يبقى المعلم على ذات نمطه التقليدي لأنه سيصبح والطالب غير مواكبين لأحدث طرق التعليم مع هذا الكم الهائل من التطور السريع. لذلك جاء التعليم التفاعلي ليجعل المعلم مرشدا والطالب هو الأساس والمحور بحيث يعمل بيده ويبحث عن المعلومة ويسعى لها. وتضيف بقاعين أنه من الصعب أن يتحقق ذلك التعليم بوجود غرفة صفية تقليدية، مبينة أنها كمعلمة دورها أن تحرك هذا الجمود الى تفاعل، وهو ما جعل طلابها يحصدون نسب نجاح عالية في المملكة من خلال التعليم التفاعلي الذي اتبعته معهم. وتضيف أنها كسرت الجمود في مادة الرياضيات وقوانينها وخلقت اجواء من التفاعل بين الأدوات التي قامت بتصميمها مع الطالب، مبينةً أنها بهذه الطريقة حققت عدة أمور منها أن حصة مدتها 45 دقيقة تمر بسرعة من دون ملل، ويكون هنالك حالة من الاستمتاع بنتائج ايجابية، فضلا عن اعجاب الطلاب بمادة الرياضيات، حيث قامت بربطها بحياتهم من خلال الأدوات التي صنعتها. وتشير بقاعين الى أنها كسبت ذلك من خلال دورات تلقتها في أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين، حيث تعرفت على أشياء جديدة وصممت وسائل يلعب الطالب بها ويتعلم في ان واحد، وهو الأمر الذي سيحقق ثباتا للمعلومة لديه، كونه بهذه الطريقة يرى المعلومة ويشعرها بيده من خلال مخاطبة حواسه. ويمكن استخدام التعليم التفاعلي بعدة طرق مثل الأدوات والوسائل أو من خلال رحلة معرفية ورحلة بحثية من خلال التكنولوجيا، وفق بقاعين التي تبين أن التعليم التفاعلي بحاجة الى أداة لكسر جمود التلقين. وفي ذلك تقول المشرفة التربوية في وزارة التربية والتعليم الدكتورة فاطمة عقل، إن التعليم التفاعلي هو عكس التعليم التقليدي والتلقين، حيث يكون محور العملية التعليمية هو الطالب، الا أن المحرك الأساسي للطالب هو المعلم الذي يجب أن يخطط ويعد لهذه الحصة، ويكون عمله خارج الفصل بنسبة 80 %، والدور الاكبر داخل الحصة هو للطالب، والمعلم يقوم بعملية تيسير وتنفيذ الحصة. وتذهب إلى أن مشاركة الطالب في عملية التعلم، ينعكس ايجابا على طريقة فهمه بعيداً عن التلقين والحفظ، مبينة أن ذلك سيحقق فائدة كبيرة للطالب من خلال امتلاكه مهارات التعلم، والمعرفة التي يحتاجها ويصبح شخصا قادرا على اصدار الأحكام، مما يجعل الابتكار والعطاء فيما بعد هو النتيجة لكل ذلك. وتشير عقل الى أن الطالب الذي يعتمد على التلقين مختلف عن الطالب الذي يتعلم بيده، لافتة الى أن التعليم التفاعلي يركز على الجانب التكنولوجي والحصص المحوسبة للطالب، كذلك أوراق العمل والعمل الجماعي، وعدة استراتيجيات يمكن استخدامها مثل الحقيبة التعليمية، وهي عبارة عن درس محوسب يحتوي أسئلة وأوراق عمل وتقييما في ذات الوقت. وكانت تجربة المعلمة حنان الحروب التي حصلت على جائزة “أفضل معلم في العالم”، اعتمدت على ابتكار منهجية إبداعية في التدريس تقوم على اللعب، لطلاب الصف الثاني الابتدائي في مدرسة (سميحة خليل) الحكومية في البيرة في الضفة الغربية المحتلة. واستخدمت الحروب اللعب بوسائل البسيطة كوسيلة للعلم وتغيير سلوكيات الأطفال وبناء الثقة معهم وغرس الأخلاق والقيم فيهم قبل تعليمهم، وساعدها في ذلك أنها “معلمة صف” تدرس جميع المباحث للطلبة وهو ما عاد بالنفع الكبير على الطلبة. وكانت قد قالت في مقابلة أجرتها مع “الغد” أن طفل اليوم يختلف عن طفل الأمس، فهو مطلع على كل شيء من خلال الانترنت ويجب محاكاته بالطريقة نفسها. ولفتت الى أن أسلوبها يعتمد على الاستفادة من حواس الطفل وتوظيفها، وأن لا يكون طفلا جامدا متلقيا للمعلومة فقط، بل مبادرا ومتحررا، وبين يديه أداة، كلعبة مثلا، تؤازره، وتساعده في أسلوبه وتفكيره، واكتشاف نفسه، ووضع الأهداف على قاعدة اللعب من خلال التعلم.
أوائل - توجيهي أردني