عندما يصل مخزون الطلبات في ديوان الخدمة المدنية الى 323 الف طلب لمختلف التخصصات، فهذا يعني وجود ركود في الكثير من التخصصات التي لم تتحرك فيها طلبات التوظيف، الأمر الذي دفع الحكومة للاتجاه نحو تحريك التخصصات نحو مهن مطلوبة تتوافق مع احتياجات سوق العمل بهدف التخفيف من حدة البطالة. ويسعى ديوان الخدمة المدنية ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي في اطار خطة حكومية لمواءمة مخرجات التعليم-خريجي الكليات والجامعات- واحتياجيات السوق المحلي من التخصصات في خطة للحد من البطالة والخروج من دائرة التخصصات الراكدة والمشبعة في ظل الزيادة الملحوظة في مخزون ديوان الخدمة المدنية من طلبات التوظيف. وقال رئيس الديوان الدكتور خلف الهميسات لوكالة الانباء الاردنية (بترا)، إن الديوان ومن خلال التنسيق مع شركائه ودوره التوعوي يعمل على ارشاد الطلبة نحو التخصصات غير الراكدة أو المشبعة، وتلك المطلوبة في سوق العمل المحلي للتخفيف من مشكلتي الفقر والبطالة. وأشار الهميسات إلى أهمية التوجه نحو التخصصات التقنية والتطبيقية، والابتعاد عن التخصصات الأكاديمية وخصوصاً التعليمية والتربوية، لاسيما لمستوى دبلوم كلية المجتمع وتحديداً الاناث لوجود أعداد كبيرة من طلبات التوظيف لحملة هذه التخصصات في مخزون الديوان، لافتا إلى أن عدد الإناث المتقدمات بطلبات التوظيف يشكل حوالي 77 بالمئة من إجمالي المتقدمين، فيما تشكل مجموعة المهن التعليمية لوحدها من الإناث حوالي نصف إجمالي المتقدمين بطلبات توظيف في مخزون الديوان، والتي يصل مجموعها الى 323 ألف طلب حتى تاريخه من مختلف التخصصات الجامعية والدبلوم الشامل لكليات المجتمع، وتراوحت نسبة الطلبات المقدمة ضمن بقية المهن (الطبية والهندسية والمالية والادارية وغيرها) من 8 – 12بالمئة من اجمالي مجموع طلبات التوظيف التراكمي. وأكد توجه الحكومة نحو ايجاد فرص عمل للباحثين عنها والتخفيف من البطالة ، وفق آليات جديدة لتمويل المشاريع الصغيرة في المحافظات والاطراف النائية، والانتقال العلمي والمدروس لإحلال العمالة المحلية مكان الوافدة وبشكل لا يؤثر على القطاع الخاص، انسجاما مع التوجه في التوسع في إغلاق المهن أمام العمالة الوافدة، التي يمكن أن تشغلها عمالة محلية. ويحث الهميسات الجهات المعنية بسياسات التعليم العالي لإعادة النظر بسياسات ومعدلات القبول في الجامعات وكليات المجتمع بشكل دوري كل ثلاث سنوات كحد أقصى، بحيث ترتبط مع عدد من المتغيرات منها حاجة سوق العمل والتوزيع الجغرافي، وليس اعتمادا على المعدلات فقط، واعتماد مقياس مناسب يتم من خلاله رفع معدلات القبول للتخصصات التي تتسم بالركود والإشباع الشديد، وإعادة النظر بمعدلات القبول للتخصصات التي يحتاجها سوق العمل ولاسيما لكليات المجتمع، خصوصا في التخصصات التقنية والمهنية. ويشدد الهميسات على أهمية التوعية لتغيير الثقافة المجتمعية نحو الوظيفة الحكومية، وتشجيع طلبة الثانوية العامة والخريجين للتوجه نحو المهن والأعمال التي يوفرها سوق العمل، وفتح مشاريع إنتاجية صغيرة ومتناهية الصغر من خلال صناديق الإقراض الحكومية مثل صندوق التنمية والتشغيل ، الذي يوفر تسهيلات كبيرة لهذه الغاية، مشيراً أن نافذة صندوق التنمية والتشغيل في الديوان تعطى الأولوية في منح القروض للتخصصات الراكدة والمشبعة. ويقول أمين عام وزارة التعليم العالي والبحث العلمي /رئيس لجنة دراسة التخصصات العلمية الدكتور هاني الضمور، إن لجنة التخصصات العليا التي شكلت بقرار من رئاسة الوزراء، درست مع ديوان الخدمة المدنية والجهات ذات العلاقة واقع التخصصات العلمية خاصة من وجهة نظر وظائف حكومية، بحسب الراغبين من الطلبة الخريجين للترشح للالتحاق بوظائف حكومية ، والتخصصات الراكدة والمشبعة ومدى مواءمتها مع متطلبات سوق العمل، ووضعت خططها لهذه الغاية. ولفت الى قدرة الحكومة على استيعاب التعيين بنسبة لا تزيد عن 10% من المخزون الذي تجاوز 323 الف مرشح لوظائف حكومية، والتوظيف سنويا لا يكون أكثر من 7 – 10 %، من هناك علينا وضع التوجيهات لنوجد فرص عمل لخريجين قادرين على مواءمة متطلبات السوق محليا ودوليا. وحث الضمور، الجهات المعنية بسياسات التعليم العالي وما يتبعها من جامعات وكليات مجتمع ، ومؤسسات التشغيل والتدريب والنقابات المهنية ومؤسسات الاعمال، على كيفية وضع مجموعة من التوصيات التي يمكن ان نتحدث فيها عن مستقبل ابناءنا الخريجين وعن الوظائف المتاحة، وكيفية تحسين متطلبات سوق العمل. واشار الى أن اللجنة وضعت خطة إجرائية دعت فيها الى رسم سياسات التعليم العالي والرقابة على أعمال مؤسسات التعليم العالي، من حيث الالتزام بمعايير الاعتماد وغيرها، بالاضافة الى وزارة التربية والتعليم والنقابات المهنية وبعض مؤسسات الاعمال. واضاف الضمور، ان من التوصيات التي رفعت الى مجلس التعليم العالي وتتعلق بالجامعات الاردنية، ايقاف بعض التخصصات التي لا يحتاجها سوق العمل ولا القطاع الحكومي، وتطوير الخطط والبرامج الدراسية بما يتناسب مع سوق العمل، والتركيز على مادة التدريب العملي وما يسمى «مهارات التوظيف»، واشراك القطاع الخاص، في الخطط والبرامج، والتغييرات المطلوب استحداثها في الخطط الدراسية، والتركيز على معيار تصنيف الجامعات حسب الطلبة الذين يتوظفون بعد التخرج. وقال «لا مانع لدينا من وجود متعلمين ولكن متعلمين ومنتجين افضل» فقد اصبح التعليم العالي يهتم حتى بالطلبة الذين لم يحالفهم الحظ في الثانوية العامة، ليجد لهم فرصة لتطوير قدراتهم التوظيفية والمستقبلية. وأضاف أن الجامعات تدرك الواقع من خلال التنافسية سواء على الصعيد المحلي أو الدولي، إذ عليها أن توفر أعضاء هيئة تدريسية واستقطاب طلبة وتطوير خطط وبرامج دراسية افضل. وبين الضمور، ان قرارات صدرت بايقاف وتجميد بعض البرامج التي لم يعد طلبا عليها، حيث اوقفت جامعة البلقاء تخصصات على مستوى الدبلوم والتخصصات الانسانية. ويؤكد استاذ التاريخ الحديث في الجامعة الاردنية الدكتور مهند مبيضين أن ثقافة المجتمع مسألة أساسية في إصلاح منظومة القبولات الجامعية، وحسم مسألة تعدد القوائم الجامعية. وقال، يجب ان لا يترك الخيار 100% للطلاب أو الاهل، فحاجتنا في تخصص الشريعة تقريبا 500% وبنسبة 90% من طلاب الشريعة اناث» اذ يجب على القبول الموحد ان يتم رفع حاجة الدولة من هذا التخصص. ودعا لايقاف تخصص «معلم مجال» فهو غير مطلوب فالمسألة ليست تقنية برمجية والبرمجيات جيدة وهي انجاز اردني، ويجب أن تكون جيدة لسياسة القبول،مشيرا إلى أن برامج الاقامة والزمالة في دراسة تخصص الطب بالخارج مكلفة سواء «للطالب أو الدولة» من ناحية اقتصادية وسياسية وامنية. ويشدد على ضرورة دراسة السوق بشكل دوري، لان السوق متغير، واعادة الاعتبار والقيمة لدراسات الدبلوم المتوسط، حتى يتنافس في سوق العمل وتوفير مظلة امان. وقال إن الجامعات الاردنية لديها مشكلة في اعداد الطلاب فهو مخالف لمعايير هيئة الاعتماد وهي زيادة عن نسبة اعضاء هيئة التدريس، ولكن الجامعات لجأت للتوسع في القبول لتغطية العجز المالي لديها. ويقول الطالب حسن موسى ابو زهرة الذي تخرج هذا العام من الفرع العلمي،» كنت أرغب بدراسة الفيزياء أو الكيمياء وعند مراجعتي للتسجيل في الجامعة وجدت هذا التخصص غير مشبع، وهو متوفر في سوق العمل». ويضيف.. منذ الصغر وأنا أحب هذه التخصصات، كما ان تشجيع الاهل كان له دور مهم في توجيهي نحو التخصص الذي ارغبه، واتمنى أن احظى بفرصة عمل بعد التخرج ضمن هذا التخصص. وقال خالد مسعد الكيلاني والد طالب تخرج من المرحلة الثانوية هذا العام، ان المجتمع الاردني يتعامل مع واقع الدراسة الاكاديمية بعاطفة بحتة بخلاف واقع سوق العمل والشواغر المطلوبة في السوق. وقال إن ابني يرغب بدراسة الهندسة وانا أشجعه على ذلك ولكن معدله الدراسي لم يسعفه لدخول الهندسة، وبعد دراسة مستفيضة اتضح لنا أن الفرع الصناعي غير مؤسس من مواد أساسية تؤهله لدراسة الهندسة بسهولة، لانها من التخصصات المكلفة دراسيا وبنفس الوقت من التخصصات المشبعة في سوق العمل. وقال الطالب زيد خريج الثانوية العامة لهذا العام، كان همي أن ادخل تخصص الهندسة فسخرت كل طاقتي في التوجيهي ولكن معدل «79,2» لم يشفع لي بدخول الهندسة، ولم اج امامي غير خيارين اما اعادة الفصل الدراسي ورفع المعدل او اختيار تخصص اخر قريب على الهندسة» فاخترت البرمجيات بعد الاطلاع في القبول الموحد.. فتوافقت اجراءات القبول من التخصصات التي صدرت مؤخرا. ويرى ان الاختيار الصحيح لدى التخصص المتوفر في لجنة القبول الموحد.
أوائل - توجيهي أردني