وضع المنهج أو المنهاج المدرسي (والجامعي أيضاً) ليس مهمة سهلة ليدخل عليها أو يتدخل فيها كل عابر سبيل، حتى وإن كان جامعياً أو خبيراً تربوياً غير متخصص في المناهج، أو لم يكتسب خبرة فيها. ويمكن -طبعاً– طلب رأي هذا وذاك وآراء غيرهما، كممثلين لقطاعات المجتمع المختلفة، بما في ذلك قطاع التلاميذ والتلميذات في المدرسة (والطلبة في الجامعة) والمعلمين والمعلمات في المدرسة، والأساتذة والأستاذات في الجامعة. من أجل وضع منهاج تربوي لموضوع معين، يمكن الاسترشاد بالمعايير التالية: • الاهتداء أو الالتزام بالأهداف العامة للتربية والتعليم في الدولة وفي المرحلة، والأهداف الخاصة بالتعليم والتعلّم بكل موضوع وصفٍ، بشرط أن تكون قابلة للتحقيق (Achievable) وذات مصداقية (Believable) وفي حدود التصور أو الإمكان (Conceivable)، كما تقول الأستاذة والمستشارة التربوية روبين جي. فوغجارتي في تلخيصها لها بالحروف "ABC". • يمكن تقسيم أهداف التعليم الخاصة بالمناهج ككل، إلى ثلاثة أقسام كبرى؛ كما فعلت جمعية مديري المدارس بأميركا في رؤيتها لأهداف التعليم في القرن الواحد والعشرين، وهي: الأهداف الأكاديمية، بما فيها من أهداف فرعية؛ والمهارات الأساسية اللازمة بما فيها تنوع؛ والسلوكات بما فيها من تفاصيل. • الاطلاع العميق والدقيق على نتائج البحوث فيما يخص كل منهاج أو موضوع، بما في ذلك الكتب والمقابلات والمقالات والتوصيات التربوية قبل وضعه. • يجب الاتفاق مسبقاً على نوع المنهاج: معلوماتي (ماذا) عفا عليه الزمن يقوم على التلقين والحفظ والاسترجاع والنسيان؛ أم عملياتي (كيف) يقوم على المعرفة والأداء وتنمية مختلف عمليات التفكير. • يجب أن يخاطب المنهاج المرحلة العمرية للطفل/ة أو التلميذ/ة، وأن يتجاوب مع حاجاتهم النفسية والاجتماعية. • يجب أن يجعل المنهاج التعلم عند المتعلمين قضيتهم الأساسية (Cause)، لا مجرد واجب مفروض عليهم من الأسرة والمدرسة والمجتمع، فتتحول المدرسة إلى مركز اعتقال نهاري لهم. إذ يفشل المنهاج إذا لم يرغب المتعلمون في تعلّم ما يُعلمون. • يجب أن يكون المنهاج قابلاً للاستخدام أو الاستفادة منه في المواقف الجديدة؛ فلا يكون غير ذي صلة بحياة المتعلم اليومية والمستقبلية. إذ السؤال الدائم الذي يخطر على بال المتعلم الذي قد يسأله للمعلم: ماذا أستفيد من هذا المنهاج؟ ماذا آخذ منه معي بعد تخرجي من المدرسة؟ تقول الأستاذة والمستشارة التربوية فوغجارتي: إنه السؤال الأكبر في المدرسة الذي يجب أن تحوم المناهج والتعليم فيها حوله. • يجب أن يكون المنهاج حساساً للفروق الفردية بين المتعلمين؛ ليس بمعنى التفاوت في الذكاء أو في القدرات العقلية، فكلهم يلتحق بالمدرسة وهي مكتسب للمهارة اللغوية وكثير من المهارات الحركية والعاطفية، ولكن برؤية كل واحد منهم كشخص فريد يحتاج إلى انتباه خاص يطلق طاقاته ويشبكه بالمنهاج. • يجب الربط بين المنهاج ومدة الحصة، وعدد الحصص الأسبوعية والسنوية، بحيث لا ينشأ فراغ أو فائض منها. إن الكثير من الوقت يضيع في الروتين والشكليات. إنه يضيع عمداً أحياناً. • يجب تبني فلسفة معينة في تعليم التفكير؛ بمنهاج مستقل أم من خلال المناهج المختلفة؟ أم بكلا الأمرين؟ • يجب بناء المنهاج على نظريتين: واحدة نفسية اجتماعية علمية خاصة بالتعلّم؛ وأخرى تربوية متكاملة معها خاصة بالتعليم (أساليبه). • يجب أن يبين المنهاج مدى حاجة المعلمين والمعلمات الذين سيعلمونه إلى الإعداد قبل الخدمة، أو إلى التهيئة له. • يجب تجريب المنهاج قبل إقراره النهائي وحسب ما خُطِطَ له. • كما يجب تقييمه سنوياً بعد إقراره على يد مقيمين أكفاء، مثلهم مثل واضعي المناهج، وليس الاعتماد على الملاحظات والانطباعات العابرة. وقد يكون التقييم تاماً أو بالعينة. وأخيراً لا آخراً نقول: إن المعايير أكثر من ذلك، وإن التلاميذ والتلميذات في المدارس والطلبة في الجامعات يستطيعون تأليف كتبهم المدرسية والجامعية في عصر الإنترنت، وأولاً بأول وحسب المنهاج المقرر بإشراف المعلم /ة والأستاذ/ة. إن دافعيتهم لهذه التجربة قد تكون عظيمة، وأثرها لا يمحى. أفلا من تجربة لها؟ أم أننا بانتظار أن يسبقنا أحد إليها لنتبعه؟ والخلاصة هي إنه ليس بالمنهاج أو الكتاب وحده يتعلم التلميذ/ة، بل بالمعلم أخيراً؛ فأرسل معلماً حكيماً ولا توصه.