السوق الأوروبية المشتركة / الاتحاد الأوروبي
أدّت المآسي التي تعرّضت لها أوروبا في الحربين العالميتين: الأولى والثانية، وتراجع مكانتها أمام مكانة الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، إلى دفع مجموعة من الدول الأوربية إلى التقارب والتعاون الاقتصادي، وفي عام 1957م وقّعت هذه الدول معاهدة في روما أدّت إلى قيام ما عُرف بالسوق الأوربية المشتركة.
1- تطوّر نشأة السوق الأوروبية المشتركة / الاتحاد الأوروبي
يمكن تقسيم مراحل نشوء مراحل السوق الأوروبية، التي تحوّلت إلى الاتحاد الأوروبي، إلى المراحل الآتية:
المرحلة الأولى : إنشاء منظّمة التعاون الاقتصادي الأوروبي
يبدأ تاريخ الوحدة الأوروبية مع نهاية الحرب العالمية الثانية؛ إذ كات أوروبا تعاني – آنذاك – مشكلات اقتصادية كبيرة، فسارعت الولايات المتحدة وأعلنت عن مشروع مارشال لإنقاذ أوروبا اقتصاديا. لذا، فقد تم إنشاء منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي في عام 1948م لإدارة المشروع، وتنظيم تقديم المساعدات الأمريكية للدول الأوربية.
المرحلة الثانية : نشأة جماعة الفحم والصُّلب الأوربية
اقترح وزير الخارجية الفرنسي روبير شومان إنشاء جماعة الفحم والصُّلب الأروبية التي كانت الخطوة الحقيقية تجاه الوحدة الأوروبية، وقد تمّ التوقيع على معاهدة إنشاء هذه الجماعة في عام 1951م من قِبل ست دول أوروبية هي: فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، ولوكسمبورج، وهولندا. وتهدف المعاهدة إلى إنشاء سوق أوروبية ، مشتركة في الفحم والصُّلب عن طريق إلغاء قيود الاستيراد والتصدير، وقيود التجارة، وتطوير السياسات المشتركة للدول الأعضاء في صناعات الفحم والصُّلب.
المرحلة الثالثة: نشأة الجماعة الاقتصادية والجماعة الأوروبية للطاقة الذرية
دفع نجاح جماعة الفحم والصُّلب الأوروبية الدول الأوروبية السّتّ إلى أن تنشئ عام 1957م منظمتين أخريين، هما:
أ- الجماعة الاقتصادية الأوروبية: التي ركّزت في معاهدة إنشائها على الوحدة الاقتصادية، وتمثّلت أهدافها في إنشاء سوق أوروبية مشتركة لتقريب السياسات الاقتصادية للدول الأعضاء، وإيجاد مُناخ اقتصادي مناسب لعمل السوق الأوروبية المشتركة.
ب- الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية: وقد شكّلت هاتان المنظّمتان الجديدتان، مع جماعة الفحم والصُّلب الأوروبية، ما سُميّ بالمجموعة الأوروبية.
المرحلة الرابعة : تأسيس الاتحاد الأوروبي
بدأ استخدام مصطلح "الاتحاد الأوروبي" في 1 تشرين أول 1993م ، حيث دخلت معاهدة ماستريخت حيّز التنفيذ. ولتتعرف التطوّرات التي أدّت إلى نشأة الاتحاد الأوروبي، اقرأ النص الآتي، ثمّ أجب عن الأسئلة التي تليه:
..... مع سقوط الاتحاد السوفييتي، وانهيار كتلة دول المعسكر الشرقي، وسقوط جدار برلين، انتعشت الآمال من جديد بتحقيق شعار الوحدة الأوروبية، بعد أن هيّات هذه التطوّرات المُناخ الأمني، والاقتصادي، والسياسي، والاجتماعي لإنشاء أوروبا جديدة. وتُرجمت هذه الفكرة بداية عبر توقيع عدد من الاتفاقيات اللتي توّجتها اتفاقية ماستريخت في عام 1992م؛ إذ اتفقت اثنتا عشرة دولة على إصدار عملة موحدة، وبناء نظام أمني ودفاعي مشترك ومتكامل مستقبل ... وقد دخلت المعاهدة حيّز التنفيذ في عام 1993م، وجرى تطوير هذه الاتفاقية في أمستردام في عام 1997م، واتّفق آنذاك على السماح بانضمام أعضاء جُدد من أوروبا الشرقية والوسطى. سمير صارم، اليورو، 1999م، بتصرف |
* استخرج من النص التطوّرات الدولية التي أدت إلى تحقيق الوحدة الأوروبية.
* في أي عام تم التوقيع على اتفاقية ماستريخت؟ وما مضمونها؟
* ما التطوّرات التي تضمّنتها اتفاقية أمستردام (1997م)؟
* اذكر أكبر عدد ممكن من المفاهيم المرادفة والمضادة لمفهوم الوحدة.
* اقترح عناوين مناسبة للنص.
2- أهداف الاتحاد الأوروبي
قامت الدول الأوروبية بإنشاء السوق الأوروبية المشتركة (الاتحاد الأوروبي)؛ لتحقيق مجموعة من الأهداف، من أبرزها ما يأتي:
أ- وضع أسس للاتحاد الوثيق بين شعوب أوروبا.
ب- تشجيع التقدّم الاقتصادي والاجتماعي، وتحقيق مستوى عالٍ من التوظيف، وتنمية متوازنة ومستمرة.
ج- تأكد الهُوية الأوروبية على المستوى الدولي من خلال تنفيذ سياسة خارجية وأمنية دفاعية مشتركة.
د- تقوية حقوق مواطني الدول الأعضاء ، وحماية مصالحها.
هـ- تنمية التعاون الوثيق في شؤون العدالة والشؤون الداخلية.
و- الحفاظ على الاتحاد وتنمية كمنطقة للحرّية والأمن والعدالة.
3- توسيع الاتحاد الأوروبي
كان عدد الدول الأعضاء في بداية الأمر ست دول أوروبية، هي : فرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، وهولندا، وبلجيكا، ولوكسمبورغ، ثم انضمّت بريطانيا، وإيرلندا، والدنمارك، واليونان، ومن ثم انضمت إسبانيا والرتغال، وفي عام 1995م انضمذت النمسا، والسويد، وفنلندا ليصبح عدد الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي (15) خمسة عشر عضوا.
شهد الاتحاد الأوروبي في الأول من أيار 2004م أكبر خطواته نحو التوسّع بانضمام عشر دول جديدة إلى عضويّته، هي : (قبرص، وجمهورية التشيك، وإستونيا، وهنغاريا، ولاتفيا، وليتوانيا، ومالطا، وبولندا، وسلوفاكيا، وسلوفينا)، كما انضمّت رومانيا وبلغاريا إلى الحلف في 1/1/2007م ، وبذلك أصبح عدد الدول الأعضاء (27) سبعة وعشرين عضوا.
4- أهميّة الاتحاد الأوروبي
* الاتحاد الأوروبي اليوم هو أكبر شراكة سياسية واقتصادية في العالم؛ إذ يشكل 38% من التجارة الحرة. ومع إمكانية حرّية الحركة للبضائع والخدمات والأفراد فإن هذا الأتحاد يوفّر الفرص لمواطنيه جميعهم البالغ عددهم أكثر من (500) خمسمئة مليون نسمة.
* تأثير الاتحاد الأوروبي في عدد من الدول النامية من خلال عقده اتفاقيات شراكة متوسطية مع عدد من الدول العربية، من مثل الأردن التي عقد معها اتفاقية في عام 2002م. وتهدف هذه الشراكة إلى تحرير التجارة بين دول البحر المتوسط وأوروبا، فضلا عن التزام الشركاء في دول البحر المتوسط بتطبيق التجارة الحرّة بين دول المنطقة.
* تقديم نموذج ناجح لتطوير التعاون والتكامل بين الدول، والوصول بها إلى الوحدة، بالتخطيط العلمي، والإدارك التام لأهمية هذه الوحدة.
* تم تحقيق الوحدة الاقتصادية الشاملة في 1 كانون الثاني 2002م ؛ إذ حلّت الأوراق النقدية والعملة المعدنية لليورو محل العملات الوطنية. ويرى بعضهم أن اليوروسيكون الأداة الفاعلة الوحيدة التي ستغيّر وجه أوروبا من خلال:
- إسهامه في تدعيم الاندماج الاقتصادي بين أعضائه.
- تشكيل كتلة صُلبة داعمة لتحقيق طموح الوحدة السياسة الأوروبية.
- أما على المستوى الدولي فمن المنتظر أن يشكل الاتحاد الاقتصادي والنقدي الأوروبي إحدى الدعامات الرئيسة للنظام المالي العالمي، من خلال تحول اليورو إلى وحدة نقد دولية ذات دور رئيس في المعاملات المالية لأسواق المال العالمية، وكذلك المصارف المركزية.
رغم الإنجازات الكبيرة التي حققها الاتحاد الأوروبي، في المجال الاقتصادي خاصّة، فإنه ما زال يعاني مشكلات عدّة منها: البِطالة، التي تُعد نقطة الضعف الرئيسية في الاتحاد الأوربي، والتوتّرات الاجتماعية، ومشكلات الأجانب، وتنامي التوجّهات القومية التي شكّلت عوائق مهمة أمام مسيرة اليورو، ولربما كانت سببا في إعادة إحياء الشعور القومي والوطني في كل دولة من دول الاتحاد الأوروبي .