أن التطور السريع في كل نواحي الحياة والتطور التكنولوجي غير المسبوق يفرض على العالم سمات وخصائص ومعطيات جديدة اهمها سرعة التجاوب مع هذا التغير وديناميكة التحسين والتطوير. وفي الاردن تم ادراك ذلك فكانت الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية بمثابة انطلاقة نحو أفق أوسع ورؤية ورغبة حقيقية بتطوير قطاع التعليم.
أن عملية وضع استراتيجية جديدة وتحويلها بشكل سريع الى برامج عمل قابلة للتنفيذ هو الطريق نحو إحداث الأثر والتغيير والاصلاح المرجو. لم يزل العلم والتعليم هو أهم طرق التغير والتطوير وسرعة مواكبة تغيرات العصر.
حقائق مهمة ومعلومات قيمة وردت في كلمة جلالة الملكة رانيا العبد الله في حفل أطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية. لقد احببت كل كلمة قالتها جلالة الملكة رانيا في كلمتها حيث تضمنت توصيات شاملة لكل عناصر العملية التعليمية من الاهتمام بالطالب والمناهج وتطوير اعضاء الهيئة التدريسة وتحسين البيئة الصفية وربط التعليم بالمستجدات العالمية بما وصفته عالمية التعليم وأردنية الهوية.
وليس ذلك غريباً على الاردن الذي اعتنق مقولة ونظرية رائدة أرساها جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه وهي «الانسان اغلى ما نملك» نعم لا أهمية للموارد المادية أن لم يتوفر قوى بشرية متعلمة مدربة تحمل القدرات والمهارات والكفاءة اللازمة للبناء والإعمار. أن التعليم هو اداة المجتمعات لتلبية كافة الاحتياجات، وهو المنارة التي يهتدي بها البشر الى الطريق القويم الذي سيسلكونه في هذه الحياة.
لقد كان التعليم ولا يزال هو الحاضنة الأولى للابداع فالعلم يصقل ملكة الابداع ، كما يطور وينمي الموهبة، وينمي الادراك وينقي العقل ويساعد الفرد على التفكير المنطقي كما يهذب النفس، مع ادراك حقيقة انه لا يمكن لأي أنسان أن يكون متعلماً ومتمكناً من المعرفة أن لم يتحل بالصفات التي تؤهله أن يكتسب العلم وابرز هذه الصفات هي المثابرة والصبر والرغبة والجدية في طلب العلم.
نعم في العصر الحديث التعليم أهم مصدر من مصادر تطوير الاقتصاد وتطوير المجتمعات لذلك أجتهد المختصون وتم إيلاء جل الاهتمام لتطوير قطاع التعليم مع عدم اهمال حقيقة أنه لايمكن تحقيق تقدم أو الوصول للاهداف دون العمل على رفع مستوى التعليم بالمجتمع من خلال تبني طرق حديثة في التعليم وأخر التطورات التكنولوجية.
أن رسم استراتيجية واضحة المعالم تحمل شعار التعليم للجميع ، هو اول الخطوات في الاتجاه الصحيح كما أن عملية تحليل المشاكل والتحديات وتوضيح اسبابها هو ما سيساعد على الحل وعلى التركيز على الفرص المستقبلية المتاحة.
أن وضع البرامج التي تضمن المعالجة حتماً سيكون له اثر مستقبلي وخصوصاً أذا تم التنسيق بين مؤسسات التعليم وبين القطاعات الفاعلة والمصانع وسوق العمل. أن البنية التحتية للتعليم أولوية، وبناء شراكة مؤسسية مع القطاع الخاص فكرة رائدة لطالما سمعنا بها نرجو ان تتعدى حدود توقيع الاتفاقيات. أما محور التعليم المهني ورغم أهميته ولكن نأمل أن يعطى مزيد من الدراسة والتحليل لسببين الاول أننا لا نعتبر بلداً صناعياً وبالتالي عملية التحول نحو التعليم المهني يجب أن يواكبه تطور صناعي أو بمعنى اوضح توجه نحو صناعة التكنولوجيا فلم يعد مقبولاً أن نبقى مستخدمين للتكنولوجيا علينا الاتجاه اولاً نحو تصنيع التكنولوجيا لتصبح فكرة التعليم المهني والفني مجدية حقاً للمتعلمين وللمجتمع خاصة أن جميع القطاعات ومعظم الاجهزة والسلع تعمل بالتكنولوجيا كالسيارات والمعدات الاخرى.
بالاضافة الى ما سبق علينا أن لا نهمل حقيقة أن التعليم المهني يحتاج موهبة وقدرات ابداعية خاصة ولا جدوى من تحويل من اخفق اكاديمياً نحو التعليم المهني لان المهني بالاصل قدرات فنية ومواهب ابداعية.
واخيراً لابد من تكاتف الجهود في ميدان العمل وأن يؤمن كل فرد اننا جميعاً معنيون بإحداث التغيير وأن لكل شخص دوره الفاعل في تنفيذ وإنجاح الاستراتيجية بما في ذلك الاسرة الصغيرة. نأمل أن تتحول محاور الاستراتيجية الى برامج عمل فاعلة تحُدث الأثر المرجو وتثمر الخير والتطور والفلاح لإبنائنا وشباب المستقبل.
د.اسمهان الطاهر "الرأي
أوائل-توجيهي أردني