: الحياة النيابية في الأردن
بدأت الحياة النيابية في الأردن منذ تأسيس الإمارة؛ إذ شُكلت خمسة مجالس تشريعية في المدة ما بين عام 1929م حتى الاستقلال عام 1946م ، وتميزت تلك المجالس التشريعية بالنشاط السياسي، ومراقبة أداء الحكومات ومساءلتها، والتفاعل مع القضايا الوطنية والقومية.
أولا : تطور الحياة النيابية في الأردن بين عامي (1946 – 1967م)
شهد الحياة النيابية بعد الاستقلال مجموعة من المستجدات القانونية، والسياسية والاجتماعية الداخلية والخارجية نتيجة نكبة فلسطين عام 1948م ، واتحاد ما تبقى من الأراضي الفلسطينية مع الأردن بوحدة الضفتين عام 1950م الأمر الذي استدعى إعادة النظر في قانون الانتخاب، لضمان مشاركة الفلسطينيين في الضفة الغربية بالانتخابات.
وبدأ الأردن يقطف ثمار التطور الدستوري والنيابي عندما أجريت الانتخابات في عام 1956م ، بمشاركة الفعاليات السياسية كافة على اختلاف اتجاهاتها، وشهد المجلس النيابي الرابع ظهور أكبر كتلة ائتلافية حزبية عندما حصل مرشحو الأحزاب على (26) مقعدا من أصل (40) مقعدا شُكلت على إثرها حكومة سليمان النابلسي، وهي أول حكومة حزبية ائتلافية باسم الحكومة الوطنية.
وواجهت الحياة النيابية في المدة ما بين عام (1946 – 1967م) مجموعة من التحديات أثرت في التجربة الديمقراطية الأردنية، من أهمها الحروب الإقليمية، وتداعيات القضية الفلسطينية؛ ما أدى إلى حل معظم المجالس النيابية قبل انتهاء مدتها الدستورية.
واستمرت الحياة الديمقراطية في الأردن بالرغم من كل التحديات المحيطة بالأردن حتى 15 نيسان عام 1967م ، حيث جرى انتخاب آخر مجلس نيابي يجمع الضفتين الشرقية والغربية، وبعد حرب حزيران عام 1967م ، والاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية تعطلت وظيفة السلطة التشريعية، وتأجلت جلسات مجلس الأمة، لذا مُدّدت فترة المجلس النيابي التاسع لأكثر من مرة استنادا إلى أحكام الدستور، ولم يجرِ انتخابات نيابية بعد انتهاء المدة القانونية للمجلس، وبقي معطلا حتى عام 1984م ، واستمرت في تلك المدة اجتماعيات القيادة الهاشمية مع فئات الشعب ومشاركتهم في صنع القرار والبحث عن إيجاد صيغ بديلة للمجلس النيابي، ومن أبرز تلك الصيغ مشروع الاتحاد الوطني الأردني 1972م ، والمجلس الوطني الاستشاري عام 1978م.
ثانيا : المجلس الوطني الاستشاري الأردني (1978 – 1984م)
نتيجة للظروف الإقليمية المحيطة التي منعت المجلس النيابي من الاستمرار ، ولكن لا تنقطع الحياة النيابية في المملكة، فقد لجأت المملكة لمواجهة هذه الظروف، إلى إنشاء المجلس الوطني الاستشاري بوصفه حلا مؤقتا لسد الفراغ الدستوري، وإتاحة الفرصة للمشاركة الشعبية، وتحمل المسؤولية في صنع القرار، لذلك وجه الملك الحسين بن طلال رسالة ملكية إلى رئيس الوزراء بتاريخ 13 نيسان 1978م ، دعا فيها الحكومة إلى وضع قانون مؤقت يُنْشَأ بموجبه المجلس الوطني الاستشاري بوصفه صيغة تأخذ بالحسبان معطيات الأوضاع الاستثنائية التي مر بها الأردن ، بهدف تبادل الرأي والمشورة، ومناقشة السياسات العامة، والنظر في القوانين والتشريعات جميعها، وأكدت الرسالة المكلية أن المجلس ليس بديلا عن الحياة النيابية الانتخابية ولا المؤسسات الدستورية، والتي ستعود في الحين الذي تسمح به الظروف لإجراء انتخابات نيابية.
وصدرت الإدارة الملكية بدعوة مجلس الأمة التاسع للاجتماع بدورة استثنائية عام 1984م بعد إعلان حل المجلس الوطني الاستشاري لتعديل بعض مواد الدستور، ليصبح بالإمكان إجراء انتخابات فرعية لملء المقاعد النيابية الشاغرة بوفاة ثمانية نواب من أعضاء المجلس النيابي التاسع في المدة ما بين عامي 1974 – 1984 م حيث أجريت انتخابات تكملية لملء المقاعد الشاغرة، وسمي هذا المجلس بالمجلس النيابي العاشر، واستمر يمارس أعماله ونشاطاته السياسية حتى عام 1988م حيث حُلّ المجلس، ودُعي لإجراء انتخابات جديدة.
المجلس الوطني الاستشاري مجلس معين بإرادة ملكية ، وبتنسيب من رئيس الوزراء كانت مدته عامين، وجاءت تركيبة المجلس ممثلة لشرائح المجتمع، وفئاته السياسية والاجتماعية والاقتصادية كافة. |