المؤلف:
ندى
مقالات الأوائل
مفهوم الدراسة الجامعية بات يتخذ معنىً مقلوباً أو خطاً مخالفاً للغاية التي من أجلها انشئت هذه المؤسسات، والتي يفترض أنها تستهدف تقديم مخرجات واعية متخصصة قادرة على تحمل المسؤولية، بيد أن الواقع يوضح أن الهدف الرئيسي للعديد من الطلبة أصبح بعيداً كل البعد عن الهدف الأسمى لوجود الجامعة، وباتت الاهتمامات السطحية، مثل «الكشخة» وغيرها، هي الطاغية على تصرفاتهم، فالتعليم الجامعي أصبح وكأنه أمر واقع تفرضه ثقافة المجتمع على أبنائنا من أجل أن يكون لهم مكانة اجتماعية لا أكثر ولا أقل، فقط ليردد ويقول: «أنا جامعي!»، وبسبب هذا المفهوم للتعليم الجامعي، لا عجب أن تكون مخرجات جامعية ليس لديها سوى القشور والسطحيات في تخصصاتها العلمية المختلفة"... هذا ما توصلت اليه صحيفة الراي الكويتية عما اصبح عليه التعليم الجامعي في بلادها. ورأت الصحيفة في تحقيق موسع عن واقع التعليم الجامعي في الكويت انه "فيما يعتبر الهدف الأساسي من وجود مؤسسات التعليم العالي إعداد جيل متسلح بالعلم والمعرفة والثقافة اللازمة، لمواكبة الحياة ومواجهة تحدياتها المستمرة، وتأهيل الطالب للحصول على وظيفة مناسبة، بات هذا الهدف الجوهري في وقتنا لا يلقى أي اهتمام لدى البعض من أبناء الجيل من الجامعيين الذين غدت الدراسة الجامعية في نظرهم مجرد «كشخة ومظهر وبرستيج»، ومسميات يتفاخرون بها أمام أقرانهم، على الرغم من وجود عدد كبير من الطلبة جادون في دراستهم. واضافت الصحيفة أن ضعف الدافع والرغبة في الدراسة، والتذمر المستمر من الدوام، والبحث عن الشهادة بأقل جهد مبذول، والاهتمام المبالغ في اللباس و«الكشخة»، كلها مظاهر بتنا نتلمسها من قبل بعض الطلبة في الكويت في مختلف مؤسسات التعليم العالي، والتي تؤكد أن مفهوم الدراسة الجامعية بات يتخذ معنىً مقلوباً أو خطاً مخالفاً للغاية التي من أجلها انشئت هذه المؤسسات، والتي يفترض أنها تستهدف تقديم مخرجات واعية متخصصة قادرة على تحمل المسؤولية، بيد أن الواقع يوضح أن الهدف الرئيسي للعديد من الطلبة أصبح بعيداً كل البعد عن الهدف الأسمى لوجود الجامعة، وباتت الاهتمامات السطحية، مثل «الكشخة» وغيرها، هي الطاغية على تصرفاتهم، فالتعليم الجامعي أصبح وكأنه أمر واقع تفرضه ثقافة المجتمع على أبنائنا من أجل أن يكون لهم مكانة اجتماعية لا أكثر ولا أقل، فقط ليردد ويقول: «أنا جامعي!»، وبسبب هذا المفهوم للتعليم الجامعي، لا عجب أن تكون مخرجات جامعية لا ليس لديها سوى القشور والسطحيات في تخصصاتها العلمية المختلفة. واستقصت الصحيفة آراء الطلبة، فرأى الطالب محمد الفضلي، أن بعض الطلبة يتخذون الدراسة الجامعية وسيلة «للكشخة» أمام الناس دون أدنى اهتمام لتحصيلهم العلمي، فالجامعة بالنسبة لهم مجرد سنوات تمضي من العمر يتحصلون في نهاية المطاف من خلالها على شهادة بأقل المتاعب، لتضمن لهم مستقبلاً وظيفياً قد يكون في بعض الأحيان أفضل من مستقبل غيرهم من الذين أجهدوا أنفسهم في سبيل تحصيلهم العلمي. وبين الفضلي، أن «قلة الوعي لدى بعض الطلبة في انحراف تركيزهم خلال حياتهم الجامعية نحو أمور هامشية لا معنى لها سببه ضعف الرقابة الأسرية وضعف الدافع الذاتي لدى الطالب نفسه. فالطالب الذي لا يجد الجامعة سوى أنها مكان للفسحة والتنزه، لا شك أنه يعاني من خلل كبير في معرفة أهدافه وأولوياته في الحياة»، مشيراً إلى أن «المرحلة العمرية للطالب الجامعي هي من أهم المراحل التي يمر بها الإنسان، فهي مرحلة بناء الذات وصقل الشخصية على كافة المستويات، خصوصاً على المستوى الفكري والذي يفترض أن ينمو بشكل رصين متأصل على أسس علمية سليمة، لكن ما نجده من الطلبة من إهمال لهذا الجانب وتركيزهم على الكشخة والسطحيات أمر يبعث على الأسى ولا يقدم لنا مؤشرات إيجابية للمستقبل». واوضح الفضلي، «هناك القليل من الطلبة الذين يثابرون ويجتهدون في نمو تحصيلهم العلمي والاهتمام بالبحث والمعرفة، وفي المقابل نجد أن هناك من لا يهتم أصلاً في حل واجباته وإعداد مشاريع تخصصه العلمي، ويعتمد على اللجوء إلى مدرسين ومعاهد معينة تساعده في ذلك، ولا شك أن هذا الأمر له أثر كبير في تراجع المجتمعات وتخلفها عن اللحاق بالركب». من جانبها، قالت الطالبة فرح منصور، إن «حب المقارنة والغيرة من الآخرين سمة طاغية تطبّع عليها العديد من أفراد المجتمع، إذ يكاد أن يكون أي سلوك أو تصرف نقوم به، سببه ودافعه الأهم، هو تقليد الآخرين والغيرة منهم، وهذا الأمر لا شك بأنه بات خلال هذه الأيام ينسحب أيضاً حتى على مستوى التعليم الجامعي»، مبينة أنه من حق كل إنسان أن يطمح إلى الحصول على تعليم عال ليطور نفسه وينمي المجتمع، ولكن ليس الهدف منه هو «الكشخة» ومجرد مسميات، أو أخذ شهادات وهمية للحصول على وظائف ليست من حقهم. من جهته، قال ثنيان الرشود إنه «مؤسف جداً أن نجد هذه النظرة القاصرة والسلبية تجاه مفهوم الجامعة لدى عدد من الطلبة والذين يتصورون بأن الدراسة الجامعية ليست سوى مسميات يحظى بها الطالب أثناء الدراسة وبعد التخرج ليتفاخر بها أمام أقرانه!». وأضاف الرشود، إن «الغالبية العظمی من الطلبة يحتاجون إلی الشهادة الجامعية للتوظيف، والأهم من هذا الشيء للزواج، لأن الكثير من الأسر ترفض المتقدمين لبناتهم وذلك لأنهم لا يمتلكون شهادة جامعية لأن الشهادة الجامعية تضمن في الوقت الحالي علی الأقل الحد الادنی للمستقبل الوظيفي للشاب». وتابع الرشود، أن«الاهتمام بالدراسة قل بشكل جداً ملحوظ لان غالبية الطلبة أصبح لديهم علم مسبق بأن الجزء الأكبر مما سيتعلمونه لن يطبقوه على أرض الواقع أثناء عملهم بعد التخرج»، مبيناً أن«هذا النوع من الطلبة من الصعب أن يقدم لمجتمعه شيئاً من التقدم والإزدهار، إلا أننا في المقابل لا يمكننا أن نبخس الطلبة المجتهدين الذين يبحثون ويثابرون من أجل إيجاد المعلومة للاستفاده منها». وقال علي نوري، إن«قلة من الناس في وقتنا الحاضر من يهتم في التحصيل العلمي واختيار التخصص المفيد الذي يفيد نفسه والمجتمع، وللأسف أصبح البعض يبحث عن المظاهر وعلى (الهبة) في الدراسة، سواء كان ذلك داخل أو خارج الكويت، وبالتالي أصبح هناك إهمال كبير في الدراسة وبات الأغلبية يسعون إلى الحصول على الشهادة بأي طريقه سريعة، حتى لو استدعى ذلك أن يدفع مبلغا ماليا كي يحصل عليها ليتفاخر بها، وهناك من يريد أن يدرس أي شيء!، من دون بذل أي جهد يذكر لكي يتحصل في نهاية المطاف على وظيفة براتب مقارب لمن اجتهد وتعب على نفسه». وأشار نوري، إلى أن «البيئة المجتمعية وطبيعة التربية هما عاملان رئيسيان في إيجاد مثل هؤلاء الطلبة الذين يفكرون بهذه الطريقة في دراستهم الجامعية، وهذا الأمر لا يخفى على الجميع كون أن حب المظاهر والتفاخر أمام الآخرين أصبح ديدن الكثير من أفراد المجتمع، والمصيبة الأكبر أن هذه المظاهر وهذا التفاخر ليس قائماً على أساس حقيقي بل هو قائم في الغالب على الغش والتحايل على الناس!». من جانبها، ترى أسرار مهند، إن «النظام الموحد في التعليم العام في المدارس والذي أدى في السنوات الاخيرة إلى رفع نسبة النجاح بشكل كبير جداً عن السابق، انتج لنا مخرجات غير مؤهلة تماماً ولكنها تدخل في التعليم الجامعي، حيث بتنا نلحظ الكثير من الطلاب والطالبات الذين لا يهتمون بدراستهم بسبب ترسبات البرمجة السلبية التي تبرمجوا عليها خلال دراستهم في النظام الموحد، والذي ولّد لديهم شيئاً من الأريحية واللامبالاة في الدراسة، ورسخ لديهم فكرة أن النجاح يأتي بأقل مجهود دون الإهتمام بمستوى القيمة المعرفية التي يكتسبونها». وشددت أسرار، على أهمية أن يفهم الطالب الغاية التي من أجلها سميّ طالباً، فهو من المفترض من خلال دراسته الجامعية أن يكون طالباً للمعرفة والحقيقة وليس طالباً للمظهر والكشخة، والمسميات الوظيفية التي لا يستحقها، مشيرة في الوقت عينه، إلى أن سوق العمل أيضاً له دور كبير في هذه المسألة خصوصاً في ظل فوضى الوظائف التي في الغالب لا تتناسب مع تخصصات الخريجين، وبالتالي لا يجد الكثير من الطلبة أن هناك أهمية في التركيز على الدراسة، وإنما المسألة في نهاية المطاف مجرد شهادة سيتوظف بها الخريج في عمل لا يمت بأي صلة في تخصصه العلمي. من جانبه، أشار مساعد الصقر إلى أنه في الآونة الاخيرة تحول هدف الدراسة الجامعية لدى الكثيرين من طلب العلم إلى طلب «الكشخة والبرستيج»، وهو أمر لا يلام عليه الطلبة وإنما يلام عليه المجتمع، فالمجتمعات الخليجية عامة والمجتمع الكويتي بشكل خاص أصبح جل اهتمامه «الكشخة والبرستيج» حيث اصبح الطالب يبحث عن وظيفة ليتحصل على اسم يليق بكشخته او ان يدرس في جامعة يتفاخر بها أمام الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي. ورأى الصقر أن من أهم الأسباب التي أدت إلى تحول هدف الدراسة إلى هدف شكلي هو مواقع التواصل الاجتماعي التي منحت الناس بأن يظهروا بصور مغايرة عن حالتهم الحقيقية، والكثير منهم يحاول دائماً أن يسد النقص في نفسه بمحاكاة وتقليد الآخرين في الجامعات التي يدرسون فيها وتخصصاتهم. بدوره، أوضح علي الفضلي أن المشكلة تقع بالدرجة الأولى على أولياء الأمور الذين غرسوا في أبنائهم هذه الثقافة، وهم دائماً يحاولون أن «يكشخوا» بأبنائهم ليتباهوا بهم أمام الناس في حصولهم على شهادات الهندسة أو الطب أو درجة الدكتوراه، وبالتالي يبني الطلبة طموحاتهم على حسب طموح آبائهم، وبالتالي نجد العديد من الطلبة غير قادرين على مواصلة دراستهم في مثل هذه التخصصات ويضطر أغلبهم إلى تغيير تخصصهم الدراسي. وتابع بقوله: أفضل حل لهذه المشكلة أن يكون هناك ندوات توعوية تقدم في المدارس لتوعية الطلبة حول كيفية رسم مستقبلهم التعليمي في الاتجاه الصحيح وليس بغرض «الكشخة» أمام الناس!. بدورها قالت رئيسة قسم الفلسفة في جامعة الكويت الدكتورة شيخة الجاسم «يجب ألا نعتبر الدراسة «كشخة» أو «برستيج»، بل هي شيء أساسي في حياتنا اليوم بسبب تطور المجتمع، وبات الإنسان لا يستطيع أن يتحصل على وظيفة إذا لم يكن لديه شهادة جامعية، فإقبال الطالب على الجامعة ليس لأنه يحب يعلم فقط، بل لكي توافر له حياة كريمة». وتابعت «الإنسان مضطر لأن يتعلم ويكمل دراسته الجامعية، ومن الطلبة من يحب العلم ويطمح دائماً للتحصيل العلمي، لكن الكثير تفرض عليه طبيعة الحياة التوجه إلى الدراسة الجامعية، لأنه بدون الشهادة الجامعية لا يتحصل على الوظيفة التي يريدها». - الراي - الكويت أوائل-توجيهي أردني