يقول "برتراندرسل" في كتابة - في التربية - (ينبغي أن يقتصر تعليم الأدب في السنوات الأولى من عمر الطفل على حفظ أدوار للتمثيل، وما يبقى بعد ذلك يكون عبارة عن مطالعة اختيارية لقصص جيدة الكتابة يحصل عليها من مكتبة المدرسة).
إن الأطفال في سن الثالثة فما بعد يجدون في التمثيل متعة وهم يفعلونه من تلقاء أنفسهم ولكنهم يسرون أكبر السرور عندما تهيأ لهم وسائل للقيام به أكثر اتقانا واستعدادا لأن الطفل الذي يشترك في تمثيلية أو المسرحية عالقة بذهنه زمنا طويلا عن طريق ابتهاجه وسروره، فالأدب الجيد هو الذي يدخا السرور على النفس وإذا لم يستطيع الأطفال أن يظفروا منه بهذا السرور فلن يستطيعوا الظفر منه بفائدة تذكر.
فلو علمنا أن ثقافة الطفل تعني الكتب والمجلات والمقالات التي يقرؤها والأفلام التي يشاهدها والأغاني الخاصة به لأدركنا أهمية المسرحية التي يكون للطفل فيها دور يحفظه ويقدمه منتشيا أمام زملائه في المدرسة وأمام والديه في البيت، ولأدركنا قيمة أن يكون النص قد وضع بإتقان وفهم نابع من تجربة ثرية وهادفا للتحلي بالقيم النبيلة.
يستطيع المربي بحكم تعايشه اليومي بين الأطفال أن يخلق في كل يوم فكرة مما يشاهده ويلمسه من ممارسات فعلية من تلامذته، وأن يقدمها بعد التهذيب والتأكيد على الهدف من وراء تقديمها بتعزيز المبادئ السامية للحياة من صدق وأمانة وإخلاص ووفاء وتعاون، وانتصار الخير على الشر في نهاية كل نص كي يجعل الطفل يعيش بأمان وثقة بعالمه لا أن تعمل تلك النصوص على تشويش فكره وخياله بالقسوة والجبروت والسيطرة وتعلب الأشرار الأقوياء على الطيبين الضعفاء، أو اختلاق الشخصيات الأسطورية الخارقة، التي تجعله يتشكك بقابلياته، لأننا بذلك نلغي الأمور المبهجة التي تبعث السرور.
دورنا كمربين أن نجسد للطفل من خلال المسرحيات المدرسية والأخلاق الفاضلة، فلو غرست فيه منذ نعومة أظفاره لبقيت أساسا متينا يبني عليه حياته المستقبلية. كما على المربي توزيع الأدوار بالإنصاف دائما بين تلامذته وأن لا يستأثر أطفال معدودون بجميع الأدوار وبكافة المناسبات بحجة توافر الرغبة والقابيلة لديهم، لأننا نهدف من وراء ذلك إزالة الخجل عند بعضهم وتأكيد الثقة بالنفس عند البعض الآخر، ثم من خلال حفظ الأدوار لمعظم الطلبة نرسخ عندهم ما نهدف من وراثه لجميع الأطفال.
فقد عرّف النقاد الأدب بأنه (المكتوب والمنطوق من الكلام الجميل الذي يمنح المتعة والفائدة معا).
مي شُبَّر