كان "خالد" طالبا جديدا ، في الصف الحادي عشر، جاء نقلا من إحدى المدارس وكان هادئا، مؤدبا، متفوقا بالدروس جميعها، جاءني يوما يشكو سوء معاملة زملائه له ، وأكد بأنه يساعد الضعفاء منهم دراسيا ويزور من يمرض ويحاول التقرب منهم، لكنهم كما أوضح لي رغم كونهم طلاب صف واحد إلا أنهم يشكلون شللا وجماعات، ولم تسمح له أية شلة أن ينضم إليها لأنه غريب حسب تعبيرهم.
ذات يوم كنت في ذلك الصف ودخل "خالد" متأخرا بضع دقائق ولم يجد مكانا، ظل واقفا لحظات ثم جلس على حافة الشباك يستمع للشرح دون اعتراض أو شكوى من الذي جلس مكانه. توقفت عن الشرح لأني شعرت أن ما حصل كان عن تعمد وترتيب مسبقّ تركت (خالدا) جالسا على حافة الشباك دون أن أعلق بشيء بل قلت لهم:
- قرأت يوما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جالسا بين أصحابه ودخل "علي" كرم الله وجهه ولم يجد مكانا للجلوس التفت يميا وشمالا ليجد مكانا له. فتحرك أبو بكر الصديق رضي الله عنه وقال : (هنا يا أبا الحسن وأزاح نفسه قليلا وجعل لعلي مكانا).
فابتسم صلى الله عليه وسلم وقال : (إنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذووه) بعد أن أنهيت حديثي معهم وقبل أن سأل عن شرح معناه ، سارع بعضهم بإزاحة نفسه وجعل مكانا لزيد بينما وقف ممثل مجلس الطلبة واعتذر نيابة عن الصف لكل من بدر منهم إزاء زميلهم الجديد.
ثم رحبوا به وأجلسوه بينهم بمودة واحترام.