عبثا حاولت الأم معرفة ما يزعج ولدها حينما عاد من مدرسته حزينا باكيا، وبعد إلحاح علمت أن السبب ليس درجة امتحان قليلة ولا نتيجة خصام مع صديق عزيز وإنما السبب هو ما قد حصل ساعة الدرس!! فيعد أن أنهى حل المسألة الرياضية بدقائق معدودات كان زملاؤه ما يزالون يستنسخونها من السبورة وكلما حاول رفع يده معلنا انتهاء الحل، كانت المعلمة تأمره أن ينتظر حتى ينتهي الجميع ، فبدأ يتكلم مع من يجلس بجانبه محاولا مساعدته وتنهره ثانية ... وهكذا إلى انتهى الأمر به بإرساله ‘إلى الإدارة لينال عقابا لكونه تلميذا مشاكسا داخل الصف، حالات أخرى تحدث يوميا في فناء المدرسة أثناء الفرصة والتي هي أقل من الساعة الزمنية بكثير وعليه أن ينجز خلالها أمورا عديدة. لذا نرى التلاميذ بالحيوية والنشاط وممن ضاقوا ذرعا ببعض الحصص المملة، يركضون مسرعين وقد يصطدمون مع أحد الصغار ويوقعونه أرضا فتأخذهم المعلمة المراقبة إلى الإدارة لينالوا العقاب لأنهم مشاكسون، هناك حالة الطفل الذي يأتي إلى المدرسة من عائلة تتميز بالانضباط شديد داخل الأسرة لدرجة مبالغ بها فيجد المسكين في الفرصة متنفسا ليفعل أمورا حُرم منها في منزله فيوصف بأنه طفل مشاكس.
أحيانا ولادة طفل جديد في الأسرة وإهمال طفل الابتدائية الذي يقوم ببعض الحركات جذبا للانتباه مما يبدو بها طفلا مشاكسا، بعضهم يتمتع بشخصية قيادية ويجب السيطرة على الآخرين فيجعل من نفسه معلما أو قائدا للصغار الذين بدورهم يشكونه إلى المعلمة.
من الممكن جدا تلاقي مثل هذه الحالات بقليل من الوعي وملاحظة الفروق الفردية التي يؤكدها علماء النفس والاجتماع والتربية، والرجوع إلى البطاقة المدرسية لمعرفة ظروف الطفل العائلية وما استجد فيها من وفاة ، طلاق ، ولادة طفل ، سفر أحد الوالدينن وحتى الانتقال إلى دار أخرى فإنه يؤثر على حالته النفسية ويحيله إلى طفل مشاكس داخل المدرسة.
يمكن للمعلمة تهيئة مسائل وتمارين إضافية خارج المقرر لدروس الرياضيات والقواعد أو أية مادة أخرى وتشغل بها الطفل سريع الحل، كذلك يمكنها أن تجعله مساعدا لها بجلوسه قرب التلميذ الضعيف ليساعده ويشرح له وقت تكون هي منشغلة مه أطفال آخرين، فإذا أحسّ أن المعلمة تعامله كفرد بالغ محب للآخرين فإنه سيحاول أن يكون كذلك. أما في الساحة فيمكنها أن تجعل منه مراقبا على النظافة أو مسؤولا عن إخراج التلاميذ من الصفوف.. والمكتبة المدرسية يمكنها أن تستقطب وتمتص كل هدولاء بتوزيع الأعمال المكتبية ليعرفوا من خلالها على تلاميذ مولعين بالمطالعة ويقلدوهم ويتأثرون بهم كما قد تحصل بينهم صدقات حين تكلفهم المعلمة بعمل جماعي، كإعداد الأرشيفات والنشرات الجدارية.. أمّا في حال كون الطفل مشاكسا دون سبب ظاهر حينئ يمكن للمعلمة الرجوع إلى كتب علم نفس الطفل والتربية للإطلاع على حالة مماثلة وكيفية علاجها، وإذا تعذر ذلك تتصل بذويه لتقف على الأسباب كي لا تعده بعد ذلك طفلا مشاكسا.. ولا ينال عقابا لا يستحقه.
مي شبُر