- حالة من البهجة والفرح تحتل قلوب الطلبة وهم يهمون بشراء المستلزمات المدرسية للعام الدراسي الجديد والتي تتوزع ما بين الدفاتر والأقلام والألوان والأدوات التي يحتاجونها في الغرف الصفية وحتى في لحظات الاستراحة.
وعلياء محمود من بين هؤلاء الطلبة الذين يبحثون عن مستلزمات متميزة للعام الجديد؛ إذ تفضل شراء الأقلام والمساطر وكل مستلزماتها المدرسية ذات الألوان الزاهية، فهي من وجهة نظرها تشدها لمتابعة الكتابة.
وتقول علياء "أنا وصديقاتي نحاول أن نكون أكثر تميزا بهذه المستلزمات المدرسية، فتكون أقلامنا مختلفة، ومن المهم جدا أن تكون خطوطها جميلة وتساعد على أن يكون الخط جميلا".
أما حلا عباس ذات العشرة أعوام فتشعر بفرح شديد عندما يخبرها والداها بالاستعداد للذهاب لشراء القرطاسية، موضحة "أشعر بفرح غامر، وخصوصا عندما أذهب إلى أحد المولات فهي تحتضن مستلزمات أكثر تنوعا وكل ما يخطر بالبال موجود وبأنواع كثيرة".
ولأنها تحب القرطاسية الملونة، وأهلها يحبذون القرطاسية ذات الجودة الأعلى، تتفق حلا مع أهلها على أن يبحثوا عما تريده مع مراعاة الجودة التي يريدونها لكل ما يخص مستلزمات الفصل الدراسي المقبل.
ويبين أبو محمد وهو أب لثلاثة أطفال، أن شراء القرطاسية أمر متعب للغاية بالنسبة له، كونه يجد صعوبة في إرضاء جميع أبنائه، فمنهم من يريد الأدوات والقرطاسية بلا ألوان وتقليدية، ومنهم من يريدها ذات شخصية كرتونية، ومنهم من يريد نوعيات متعددة وجميعها مكلف جدا، موضحا أنه وبالرغم من التعب إلا أنه يشعر بالمتعة والفرح كون أطفاله يعيدونه إلى أيام الطفولة وذكرياتها.
ويؤكد أنه يقوم بتجليد كتب أبنائه بنفسه؛ إذ لهذا الطقس مكانة خاصة بداخله، فهو يعيده إلى أيام كان والده يجلد كتبه وكتب إخوته، ويريد أن ينقل هذه الفرحة لأبنائه، ذاهبا إلى أن أجواءها العائلية جميلة ولا يريد التخلي عنها.
ويذهب إلى منحنى آخر في أن بعض التجار يستغلون هوس الأطفال ببعض الشخصيات الكرتونية فيبيعونها بأسعار مرتفعة، خصوصا وأن جودتها ليست بالجيدة.
الخبير الاقتصادي حسام عايش، يبين أن القرطاسية الملونة هي جزء من الفرح الذي ينقل الطالب أو الطالبة من حالة اللعب الشديد والاسترخاء في العطلة، إلى أجواء الدراسة والمسؤولية ويجعلهم يحبذون قدوم المدرسة لاستخدام هذه الأدوات.
ويرى عايش أن للأدوات المدرسية دورا مهما في تشكيل عقل الطفل أكثر مما يتوقعه الأهل، مشيرا إلى التحايل لدى بعض التجار؛ إذ يستغلون حب الأطفال لشخصيات كرتونية معروفة، فيوفرونها في الأسواق على القرطاسية لكن بجودة قليلة، ما يجعل الأهالي يرضخون لطلب الأبناء وإلحاحهم على امتلاك تلك القرطاسية والتي تكلف كثيرا مقارنة بجودتها.
ويشير عايش إلى أن الأهالي وبعد فترة زمنية بسيطة من الاستخدام ولقلة الجودة يضطرون لشراء غيرها ذات جودة أعلى، وبذلك تكون خسارتهم كبيرة نتيجة تحايل بعض التجار.
ومن ناحية تربوية، يبين د. محمد أبو السعود أن القرطاسية وألوانها الجميلة أمر لافت جدا للأطفال، ولها تأثير كبير على حب الدراسة والاندفاعية بعد عطلة طويلة.
وعلى الأهل، كما يقول أبو السعود، النقاش مع أولادهم بخصوص القرطاسية وما هي احتياجات كل فرد منهم، فعلى سبيل المثال "يحتاج الطالب لـ12 قلم رصاص خلال الفصل الدراسي وإلى علبتي ألوان، ودفتر رسم واحد، فالأهالي يلبون هذه الاحتياجات، وعلى الأطفال والطلاب أن يحافظوا على هذه الطلبات من الضياع أو الاستخدام بطريقة مناسبة".
ويبين ضرورة أن يكون هنالك اتفاق بين الأهل والأولاد أنه في حال الضياع أو الاستخدام السيئ وانتهاء هذه المستلزمات قبل وقتها المحدد، على الطالب أن يشتري ما ينقصه من مصروفه الخاص، منوها إلى أن ذلك ينمي حس المسؤولية لديه.
ولتشجيع الطالب على استخدام هذه القرطاسية بطريقة ذكية وتصرف مسؤول، فيذكر أبو السعود أن هناك اتفاقا مع الطفل على سبيل المثال بأن من يعرف كيف يستخدم قرطاسيته، ويوفر منها حتى لو القليل، فإن هذا لا يؤثر على ما يحتاجه للفصل الثاني، ويعطى على سبيل المثال مبلغا ماليا مكافأة له لتميزه ومقدرته على كيفية إدارة أموره الشخصية بذكاء ومسؤولية.
ومن خلال هذا الاتفاق، وفق أبو السعود، يعلم الأهالي أبناءهم إدارة المال بشكل مناسب وإدارة المقتنيات واستخدامها بشكل مثالي.
أما بخصوص أثر القرطاسية الجديدة على نفسية الطالب، فيبين اختصاصي علم النفس د. موسى مطارنة "أن رائحة الكتب الجديدة والقرطاسية تبعث الراحة وحب الدراسة والفرح في بداية كل فصل دراسي".
ويردف "كما أن شراء هذه المستلزمات للطالب يجعل الدافعية وحب الذهاب إلى المدرسة واستخدامها كبير جدا، وخصوصا أنها الشيء الوحيد الذي يشجعهم على الإقبال إلى المدرسة بعد عطلة وراحة طويلة".
ويؤكد عايش ضرورة مراقبة الجهات المعنية مسألة توفير قرطاسية جيدة بأسعار مقبولة لجميع المواطنين، وذلك من خلال تقليل الجمارك عليها والضرائب، وبذلك يعطون فرصة لجميع المستويات بامتلاك القرطاسية الجميلة وبألوان جذابة تجعل أطفالهم يقبلون أكثر للعام الدراسي.
ويرى من الحلول الاقتصادية لذلك، اقتراح معارض تشاركية من الأهالي بتوفير أشكال قرطاسية بأسعار مناسبة تجعل الأطفال الآخرين يقبلون على القرطاسية المحببة لهم، وهنا تتقلص الفروقات الاجتماعية.
ويبين عايش أن هناك تجارب أجنبية مهمة في هذا المجال؛ إذ تحظى هذه المستلزمات برعاية خاصة ويعرفون أهمية القرطاسية وتأثيرها الإيجابي على الطفل وعلى نفسيته وفكره وحبه للعلم.
ويرى مطارنة أن المدرسة لها دور كبير في تحفيز الطالب وزيادة هذا التشجيع في حال لو استقبلتهم بطريقة جديدة وجعل أول يوم للمدرسة ليس لفرض السلطة وجعل سقف الحرية عاليا نوعا ما، مع مراعاة أن الطلاب عائدون من وقت مرح ولعب وعدم مسؤولية، والأصل أن يجذبوهم بما هو مناسب.
ويوضح أن على المدارس استقبالهم مثلا بجوائز وهدايا بسيطة، بترتيب مجموعة من الألعاب والنشاطات الاجتماعية، كأن يتعرفوا على الطلاب الجدد، وتسليم الكتب وأخذ نبذة عنها، والحديث بأريحية عما قاموا به بالعطلة الصيفية، مؤكدا أن جميع هذه الأنشطة مع القرطاسية الجديدة والكتب الجديدة تجعل المدرسة شيئا محببا ومرغوبا لدى الطالب.
ويلفت إلى أن الكثير من المعلمين والمعلمات يلجأن إلى التشديد منذ أول يوم، وأن هناك قوانين يجب اتباعها من أول ساعة دوام، ما يجعل شعلة الفرح وحب العودة تنطفئ منذ ساعات الدوام الأولى.(الغد)
أوائل-توجيهي أردني