لو نظرنا إلى هوايات مراهقي اليوم ومراهقي الأمس، لوجدنا أن الأفكار والرغبات واحدة، وإن اختلفت الأساليب في تحقيقها باختلاف ثقافة اليوم عن الأمس، وأبرز ما تتسم به مرحلة المراهقة هو التركيز على الحب والجنس والصداقة والمثالية والخيال، أو عند بعضهم العدوانية، والتمرد والعنف، نتيجة التغيرات الفسيولوجية والبيولوجية وتغيرات في إفراز الغدد والهرمونات ونشاطها والنمو السريع، وما يصاحب ذلك من اضطرابات نفسية إضافة إلى الفجوة الكبيرة بينهم وبين جيل البالغين، محاطا كل ذلك من اضطرابات نفسية إضافة إلى الفجوة الكبيرة بينهم وبين جيل البالغين، محاطا كل ذلك بالطفرات
الاجتماعية والقفزات السريعة. وتختلف سلوكيات المراهقين باختلاف الأسر وقيمها ومبادئها، فقد يحصل عند الكثيرين أن يمر المراهقون بتلك الفترة العمرية ويجتازونها بسلام، نتيجة التربية السليمة للأسرة المستقرة عاطفيا والمتفهمة لأبنائها.
قبل أكثر من عشر سنوات، كان ولا يزال بعض المراهقين يمارسون هواية "أصدقاء بالمراسلة" بعلم الوالدين ورضاهما، وكان الصديق هاوي المراسلة يضع صورته وعنوانه ويذكر هواياته على صفحات بعض المجلات والصحف التي خصصت أبوابا لذلك ، وفي حال أن تراسل الفتاة فتى، تستطيع ذلك دون علم أهلها بكتابة عنوان صديقتها أو عنوان المدرسة، ويجد المراهقون في ذلك متعة خاصة بالكتابة إلى بعضهم وتفريغ الشحنات العاطقية التي تنوء بها نفوسهم الغضة ومشاعرهم المتفتحة للحياة. فوجدوا في المراسلة متنفسا لتحقيق رغباتهم في الصداقة والحب البريء ، ولم تؤثر الصداقة بالمراسلة في سلوك المراهقين سلبا، فقد كانت الرسالة تحتاج إلى أسبوع أو أكثر كي تصل ، وأسبوع آخر لوصول الجواب، مما جعل الأهل لا يشعرون بالقلق والخوف على أبنائهم ما دامت الأمور بعيدة عن الواقع.
اليوم ما يدعى بـ Chat أو Chating على شبكة الانترنت هو الفكرة ذاتها لأصدقاء بالمراسلة ولكنها اليوم بالدردشة والحوار المباشر، وعند بعضهم مع الصوت والصورة مما يقرب بين المراهقين أكثر حين تتطور بعض العلاقات إلى أبعد من الشاسة الصغيرة، والأذن تعشق قبل العين أحيانا، كما قال بشار بن برد.
حين يطلب الشاب محدثته موعدا للتعارف أكثر ، وهنا يكمن الخطر ويجب الحذر حين تبدأ الفتاة تتحايل بطرق شتى، وقد تلجأ إلى الكذب والمراوغة كي تخرج من الدار وتلتقي بصديق الانترنت، وهي التي سمعت وشاهدت أفلاما وحكايات عن "حب وزواج بواسطة الانترنت" وغير ذلك من مظاهر الحضارة التي سار بركاتها الكثيرون كبارا وصغارا.
حين احتدم النقاش بين الفتاة ووالديها اللذين يزعمان أنها خرجت عن طوعها ولا يستطيعان السيطرة عليها، وهي تؤكد أنها لم تفعل غير الاستمتاع بدردشة أو محادثة على الانترنت مع شباب تذكر أسماءهم صراحة ودون تحفظ .. الأب والأخ يمنعانها من استخدامه ويبيحان لنفسيهما ما يمنتعانها منه، والأم تصر على الاستغناء عنه وعن الستلايت مكتفية بمحطة أو اثنين وقد تلجأ لوضع جهاز السيطرة في غرفتها وتقفل عليه، معتقدة أنها بذلك ستمنع أبناءها من مشاهدة ما تود مشاهدته ، لا خوفا على الإبنة فقط، بل على الابن والزوج كذلك.