النشاطات الزراعية والفلاحية: - أقبل المسلمون على زراعة الأراضي وغرسها؛ لسد احتياجات المجتمع وتحقيق الاكتفاء الذاتي في الأمن الغذائي، ولئلا يكونوا تحت رحمة غيرهم من المجتمعات الأخرى، وقد شجَّعهم على هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: " ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا، فيأكل منه إنسان أو طير أو بهيمة ، إلا كان له به صدقة ". رواه مسلم.
وقد عمل كثير من الصحابة في الزراعة والغراسة واستصلاح الأراضي، واشتهرت عاصمة الدولة: المدينة المنورة وما حولها بمزارعها وبساتينها ومحاصيلها وثمارها، وقام النبي صلى الله عليه وسلم بمنح العديد من الأراضي لأصحابه من ذوي الحاجة؛ ليعمروها ويزرعوها ويستثمروا خيراتها وينشطوا الحركة الزراعية، ومن هؤلاء الزبير بين العوام، وربيعة الأسلمي... ومنح أبو بكر رضي الله عنه في خلافته بعض الأراضي لعدد من المسلمين ليقوموا على استصلاحها وزراعتها واستثمار خيراتها، ومن هؤلاء: طلحة بن عبيد الله، وعيينة بن حصن. وتوسع عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته في توزيع الأراضي بقصد تنشيط الزراعة وتوفير الغذاء للإعداد المتزايدة من المسلمين، وكان يقول للناس في أسواقهم وأماكن تجمعاتهم: أين المستطيعون؟ أين الراغبون في استصلاح الأراضي؟ وتوالى الخلفاء والحكام المسلمون على هذا النهج، في توزيع الأراضي على الراغبين في استصلاحها، وزرعها، وغرسها، واستثمارها، والاستفادة من محاصيلها، أكلاً، أو متاجرة، أو مبادلة مع الآخرين... وكانت بعض المزارع والحقول والبساتين تحمل مرتين في السنة، وكان يزرع فيها أنواع الحبوب، وأصناف الخضروات، والفواكه، والثمار المعروفة وقتئذ، وتُحمَل تلك المحاصيل والثمار إلى أسواق المدن القريبة وتجمعات الناس المجاورة...