الحياة عبارة عن قرارات متتابعة تختلف عن بعضها البعض في بساطتها وأهميتها وارتباطها بالمستقبل، فالقرار هو عملية اختيار البديل الأنسب من عدة بدائل متاحة أمامك، وهذه العملية تتسم بالبساطة والعفوية، حينما تقوم باختيار المقعد الذي ستجلس عليه مثلا أو اختيار لون قميص أو الفيديو الذي ترغب بمشاهدته على اليوتيوب مثلا، إلا أن هذه العملية قد تتسم بالأهمية والتعقيد؛ لما تتضمنه من بدائل وحاجة للمعلومات والخبرة والحس، يتحدد على أساس العديد من تفاصيل المستقبل كاختيار الفرع الأكاديمي أو المهني، واختيار التخصص الجامعي ومجال العمل والزوجة وغيرها من القرارات الهامّة
إذاً عملية اختيار التخصص الجامعي ليس مجرد قرار روتينيّ عفويّ، يُتّخذ بناءً على معلومة عابرة ونصيحة مرسلة ورغبة في تقليد من تحبّ؛ لأنها تتطلب بداية أن نستشعر أهمية هذا القرار على حياتنا المستقبلية التعليمية والمهنية، وما يستوجبه هذا القرار من تحديد بدائل مناسبة يتم تقييم تلك البدائل ودراستها وتحديد نقاط القوة والضعف ومدى ملائمة كل بديل لميولنا وقدراتنا، حتى يتمّ نهاية الأمر اختيار التخصص الأنسب لنا.
اختيار التخصص المناسب يؤثر بشكل إيجابي في زيادة الدافعية لدى الفرد في إقباله على تعلم ذلك التخصص والتعمق في تفاصيله؛ وصولا بعد مرحلة زمنية ما لإجادته وإتقانه والاستفادة منه في بناء مستقبله العملي والمهني والوظيفي، في حين عدم التوفيق باختيار التخصص المناسب يُدخِل الواحدَ منّا في دوّامة من الحيرة والقلق بين قرار استكمال الدراسة أو العودة لاختيار تخصص أكثر مناسبة ، ولأننا لم نتعلم في صغرنا أن نتدرب على اتخاذ القرارات؛ فقد نستمر في ذلك التخبط حتى في الفصول التي تسبق التخرج في تخصص لم نشعر لحظة أنه يناسبنا ولم نتجرأ على اتخاذ قرار يصحح المسار .