على الرغم من إيجابية التوجه إلى تأسيس المجلس الأعلى للتعليم والتدريب المهني والتقني العام الحالي، الذي تتم مناقشة قانونه حاليا في ديوان الرأي والتشريع، إلا أن خبراء يرون ضرورة العمل بجدية أكبر على الجانب العملي المتعلق بدمج السياسات التشغيلية والتعيلمية وبما ينعكس إيجابا على سوق العمل.
وفيما يهدف قانون هذا المجلس إلى دمج صندوق التشغيل والتدريب المهني والتقني وصندوق التنمية والتشغيل في صندوق واحد، تماشيا مع تحقيق أهداف استراتيجية تنمية الموارد البشرية، بحسب الخبير في سياسات سوق العمل حمادة أبو نجمة، إلا أنه يؤكد أن "المشكلة ستبقى قائمة في حال لم يتم دمج السياسات التشغلية والتعليمية خاصة في ظل غياب التنسيق بينهما حاليا".
ويؤكد أبو نجمة أهمية وجود المجلس الأعلى لكنه يرى "أننا ما نزال بحاجة إلى معالجة الفجوة القائمة بين سياسات التعليم العالي، والتربية والتعليم، والتشغيل والتدريب، من خلال إيجاد آلية تنسيق مؤسسية بين المجالس الثلاثة القائمة على وضع هذه السياسات ومتابعة تنفيذها".
ولعل تجدد الحديث عن هذا الأمر، طرحه إعادة تأكيد جلالة الملك عبدالله الثاني الأسبوع الماضي على ضرورة أن تكون هناك خطوات ملموسة على أرض الواقع تسهم في إحداث تغيير جذري في مسيرة التعليم المهني، من خلال ضمان جودة التعليم ومخرجاته، وتمكين المتدربين من اكتساب المهارات التي تؤهلهم للمنافسة وفق متطلبات سوق العمل.
بدوره، يؤيد مدير المرصد العمالي الأردني أحمد عوض ما قاله أبو نجمة، ويضيف إن "الإشكالية التي يواجهها سوق العمل هي في عدم توفر بديل أردني للأيدي العاملة المهاجرة، الأمر الذي ينعكس على ارتفاع معدلات البطالة باستمرار، خاصة بين فئات الشباب منهم".
ويلفت عوض إلى أن من العوامل التي فاقمت هذه المشكلة، "التحولات السريعة في التقنيات المستخدمة في العديد من المهن، وانتقالها من أساليب العمل الميكانيكي البسيط إلى أساليب العمل الرقمي؛ فمن كان يعمل في مجال ميكانيك السيارات قبل عشرة أعوام، مثلا، لا يستطيع مزاولة مهنته في الوقت الحالي بشكل ماهر إلا إذا خضع إلى برامج تدريبية تعيد تأهيله، لتمكينه من فهم التقنيات الرقمية التي تعمل بموجبها السيارات الحديثة".
ويرى أن "مؤسسة التدريب المهني عاجزة عن لعب دور محوري وفعال لدمج الشباب في سوق العمل، إذ تعمل تحت ظروف صعبة لإدخال الإصلاحات ومواكبة سوق العمل، ومنها معوقات نظام الموارد البشرية الذي يمنعها من استقطاب أفضل المدربين والمحافظة عليهم".
وأكد "وجود ضعف واضح في المستويات المهاراتية لأعداد كبيرة من المدربين، الناجم عن عدم قدرة المؤسسة على توفير فرص تطوير مهاراتهم في مجالات اختصاصاتهم، وخضوع عمليات التعيين إلى تعليمات ديوان الخدمة المدنية المعني، وفق قانونه وصلاحياته، بتعيين جميع موظفي الدولة، وبالتالي فإن إدارة المؤسسة ليس لها دور في عملية تعيين مدربيها، إلى جانب ضعف موازناتها التي لا تتلاءم مع الأهداف التي تعمل من أجل تحقيقها ولا الدور المأمول منها".
بدوره، اكتفى وزير العمل علي الغزاوي لـ "الغد" بإعادة تصريحاته التي نشرتها وسائل الإعلام الأسبوع الماضي، بالإشارة إلى أن قانون المجلس الأعلى للتعليم والتدريب المهني والتقني للعام 2018، قيد المراجعة في ديوان الرأي والتشريع، بهدف رفع مستوى التدريب المهني والتقني في المملكة.
وتتلخص الأهداف الرئيسة لمشروع القانون بتحفيز الشباب وتمكينهم اقتصاديا وتخفيض نسبة البطالة، فضلا عن تعزيز المشاركة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إنشاء وحدة للشراكة مع القطاع الخاص بموجب أحكام هذا القانون في مجال التعليم والتدريب المهني والتقني.
كما أشار إلى إنشاء أو اعتماد مراكز لتدريب المدربين والمهنيين والتقنيين بحسب أفضل الممارسات العالمية لتنظيم هذا القطاع المساهم بشكل كبير بتخفيض معدلات البطالة.
في حين جاء نظام صندوق التشغيل ليكون جهة مرجعية بدلا من صندوق التشغيل والتدريب والتعليم المهني والتقني وصندوق التنمية والتشغيل، ليعزز توفير التمويل للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والأشخاص وبما يعزز قطاع التعليم والتدريب المهني والتقني ودعم مؤسساته وإعداد الكوادر المؤهلة في هذا المجال.
ويعمل النظام الذي جاء استنادا لقانون المجلس الأعلى للتعليم والتدريب المهني والتقني، على توحيد الجهات التمويلية لهذا القطاع تحت مظلة واحدة، وبما يخدم المشاريع الميكروية والصغيرة والمتوسطة اضافة الى التوجه للتمويل الذي ينعكس على رفع سوية التعليم والتدريب المهني والتقني.(الغد)