على الرغم من أن تحديد يوم معين لتكريم الأم يبدو أمر قديم الجذور فإنّ احتفالات اليوم بعيد الأم لا تتعدى في قدمها القرن الواحد. نشأ هذا العيد بفضل جهود ابنة مخلصة اعتقدت أنه غالبا ما ينسى الأبناء في كبرهم الاهتمام بأمهاتهم بسبب الإنشغال بمشاكل الحياة اليومية.
بدأت تلك الإبنة، الآنسة "آنا جارفيس" ، التي علمت معلمة في مدرسة فرجينيا الغربية رحلتها من أجل نشر أفكارها، ولدت آانا عام 864، ودرست في مدرسة جرافتاون في غرب فرجينيا وأقامت علاقة حميمة بوالدتها، ما جعل من الصعب مفارقتها للإقامة ماري بولدوين في ستانتون فرجينيا. إلا أنها أجبرت نفسها على ذلك اعزمها على التعلم واكتساب الثقافة. وبعد عودتها عملت كمعلمة مؤهلة. اضطرت آنا عندما توفي والدها عام 1902 للعيش ثلاث سنوات مع والدتها عند أحد أقاربها في ولاية فيلادلفيا توفيت والدتها بعدها في التاسع عشر من أيار عام 1905 تاركة ابنتها آنا تغرق في حزنها. كانت آنا ابنة مثالية حقة، فمزقها الندم على كل الأشياء التي لم تفعلها في سبيل أمها، ورافقها ذلك الإحساس لمدة عامين تمحضت عنه بعد ذلك فكرة مثمرة تتمثل بإقامة عيد الأم. حدث ذلك في عام 1907 في ذكرى والدها الواقع في الأحد الثاني عشر من أيار، إذ دعت بعض أصدقائها إلى منزلها في فيلادلفيا وأعلنت أمامهم عن فكرتها المتمثلة بإقامى احتفال سنوي على نطاق قومي أطلقت عبليه اسم عيد الام.
لاقت الفكرة تشجيع الحاضرين وتأييدهم، واختبرت آنا وقع الفكرة على الآخرين من حولها فردت جميع الامهات أن لفتى التقدير والاهتمام هذه قد فات أولها، في حين أجمع الأبناء على الماوفقة، ولم يعارض الفكرة أي من الآباء. فتبرع أحد الأصدقاء واسمه "جون واناميكر" وهو تاجر للألبسة بتوفير الدعم المادي. كتبت آنا في بداية عام 1908 إلى أبريشة مدارس الأحد الدينية في جرافتاون، حيث كانت المركز المثالي للاحتفال بالعيد على شرف والتها وأن يتلقى جمع النساء اللواتي سيحضرون الاحتفال نفس التقدير والتكريم. وأقيم أول قداس لعيد الأم في العاشر من أيام عام 1908 حضره أربعمائة وسبعة أولاد مع أمهاتهم. اختار القس نصا إنجسليا مناسبا يتلاءم مع المناسبة من إنجيل يوحنا الإصحاح التاسع عشر العددين 26 و 27 والذي يحتوي على كلمات السيد المسيح الذي ودع بها والدته وتلميذه من على خشبة الصليب "أيتها المرأة هذا هو أبنك، وها هي ذي أمك" وفي نهاية القداس أهدت الآنسة آنا جارفيس قرنفلة إلى كل أم وهي الزهرة المفضلة عند والتها مؤسسة بذلك تقليد عيد الام.
لاقت فكرة الاحتفال بعيد سنوي للأم قبولا شعبيا سريعا في الولايات المتحدة، لكنها بقيت قيد الدراسة من الناحية التشريعية. وهنا تعددت الاقتراحت لتعيين يوم العيد. قال السيناتور "سيمون لكري" في دحضه لفكرة العيد أمام الكونغرس: لماذا لا يكون لدينا عيد للأب وثاٍ للحموات وثالث للأخوال والأعمام. أدى اعتراض السيناتور المذكور إلى طي الموضوع في المجلس الأعلى للدولة، ما حرض آنا جارفيس للقيام بأنجح حملات الرسائل الفردية في التاريخ، فراحت تتصل بأعضاء مجلس الشيوخ وبرجال الحكومة وبكبار رجال الأعمال، فأظهروا جميعهم تجاوبا مع مقالات المحريين والقداديس وخطابات رجال السياسة. فأقيمت نتيجة لذلك احتفالات بعيد الأم على نحو غير رسمي في عدة مدن وقرى من الولايات المتحدة، وأقر مجلس الشيوخ نتيجة لذلك في النهاية للإعتراف بهذا العيد، فوقع الرئيس ودرو ويلسون في 8 أيار عام 1914 بيانا حدد فيع عيد الأم في الأحد الثاني من أيار من كل عام. صحيح أن الإنكليز كانوا منذ عهد بعيد يولون الأمهات التقدير والعرفان في الأحد الرابع من موسم الصيام ويطلقون عليه اسم "أحد الأأمومو" لكن الاحتفالت الأميركية تبقى السبب في انتشار عيد الأأم واشتهاره.
انتشرهذا العيد بعد بضع سنوات من صدور قرار الرئيس ويلسون في مختلف دول العالم تقريبا. وما تزال الولايات المتحدة متفوقة بالاحتفتال بعيد الأم عن باقي الدول ، إذ يشتري الأميركيون فيه ما يزيد على 10.000.000 باقة ورد ويتبادلون ما يزيد على 150.000.000 بطاقة معايدة، كما يصرون على الذهاب إلى المطاعم لتناول العشاء أكثر من أية مناسبة أخرى، إذ تأخذ ثلث العائلات الأميركية الأم من أجل تناول العشاء خارج المنزل في يوم عيدها.
تأليف : تشارلز باناتي