بقلم : محمد عبد السلام
لم أكـن أتـصور لـحظة كـتابة هذة الـسطور، أن الـمقال التالى الذى سـأكتبه عن نفس الـموضوع سأكـتبه كـمحاضر لـغة عـربية فى جـامعة فيرفيلد بولاية كونيتيكت بالولايات المتحدة الأمريكية، وأيـضاً كـطالب بنفس الجامعة أدرس دورات دراسية مـن الـمفترض أن تـفيدنى فى مـجال عملى بـعد عـودتى إلى مـصر. ككاتب فى مـؤسسة هـوت كـورسس، كـان كل عـملى أن أغطى مـوضـوعات الدراسة فى الـخارج وأن أقـدم للـطالب كل ما يـمكن أن يفيده فى مـساره الدراسى، خـاصة الـمنح الدراسية، لـكنى لم أكن أعلم أنى سـأكون من هـؤلاء الـذين سـيحصلون على مـنحة دراسية تـمكنهم من الـدراسة والـعمل فى الـولايات المتحدة الأمـريكية.
فى الـبداية لم أكـن أعلم عن مـنح مـؤسسة فولبرايت الدراسية، كان كل ما أعرفه أنها مـؤسسة تـعمل على التعاون الثقافى بين الولايات المتحدة والدول الأخـرى بالإضافة إلى تقديمها عدد محدود من المـنح الدراسية، لـكننى قرأت بالـصدفة ذات يـوم عن برنامجهم فى تـدريس اللغات الوطنية فى الولايات المتحدة وقررت تـغطية الموضوع.
مـراحـل الـمنحة الـدراسـية
بـدأت رحـلة جـمع الـمعلومات من شـروط الـتقديم، والإخـتبارت والأوراق اللازمة، والمواعيد النهائية للـتقدم وغير ذلك لكـى أكتب عن الـموضوع بإستفاضة على صـفحات هوت كورسس. ثم سـألت نـفسى ولم لا أقـدم، فالـمنحة بـها مـزايا جيدة بالإضـافة إلى إنهم يـطلبون خريجين أقـسام الـصحافة والإعـلام بالإضـافة إلى خـريجين أقسام اللغة الإنـجليزية. قـررت أن أقـدم وبدلاً من جمع المعلومات فقط، بـدأت أيـضاً فى تـجهيز الأوراق المطلوبة للإلتحاق بالبرنامج الدراسى.
أغلب الأوراق الـمطلوبة كانت أصل المـؤهل الدراسى (الـبكالوريوس)، وبيـان درجاتك الدراسية خلال سـنوات دراسة درجة البكالوريوس، وشهادة البكالوريوس باللغة الإنجليزية مترجمة ترجمة معتمدة من الجامعة، وبيان الدرجات باللغة الإنجليزية أيضاً مترجم ترجمة معتمدة من الجامعة، أضف إلى ذلك ثلاثة خـطابات توصية باللغة الإنجليزية من ثلاث أسـاتذة قاموا بالتدريس لك. هـذة كانت الأوراق الأساسية المطلوبة، لكن يمكنك إضافة أى أوراق أخرى ترى أنها من الممكن أن تزيد فرص إختيارك، مـثل شهادات الـخبرة أو سيرتك الوظيفية أو غير ذلك.
لـن يتم قبول الأوراق إلا بـعد إجتياز إخـتبار التوفل PBT بـدرجة 550 على الأقل، لذلك كان على الإسـتعداد للإخـتبار، وبدأت الإسـتعداد ودخلت الإخـتبار، والحمد لله حصلت على الدرجة المطلوبة بالظبط وتقدمت بأوراقى، وإنتـظرت فـترة ليست بالقصيرة حتى إتـصل بى مـسئولين فـولبرايت مـرة أخرى.
بـعد فترة لا تـقل عن أربـعة شـهور من الإنتـظار، تـلقيت رسـالة الأمـل من فولبرايت عبر البريد الإلـكترونى لإخبارى بأنه تحدد مـوعد للمـقابلة الـشخصية فى مـبنى مـؤسسة فولبرايت. فرحت فى البداية ولأننى سئ الحظ عادة مع تلك المقابلات الوظيفية لم أفرح كـثيراً، وذهـبت إلى الـمقابلة فى الـموعد الـمحدد.
كـان فى إنتـظارى أربـعة أشـخاص، رجلان وسيدتان، عـلمت فيما بـعد أن السيدة الأولى هى مـسئولة البرنامج فى فولبرايت، والـسيدة الـثانية هى مـديرة فولبرايت فى القاهرة، والرجل الأول هو نـائب رئيس الجامعة الأمريكية فى القاهرة والمشرف على الـبرنامج، والرابع كان أحد الـذين حـصلوا على الـمنحة وتـم إختياره للـمشاركة فى إجراء المقابلات.
الـدرس الذى تعلمته من تلك المقابلة كان اهم من المقابلة نفسها، فى رأيى لاتـقلق إطـلاقاً من أدائك فى المقابلة ولا إذا كنت ستقبل أم لا، تـقدم بثبات وانسى القلق وتـحدث بمنتهى الحرية، لكن كن على وعى بما تقول ولا ترتكب أى أخطاء لـغوية، فـكر فى الـسؤال قبل أن تجيب، ثم أجب إجابتك المنطقية التى لها مبررات منطقية وعقلانية مـقبولة، وهـذا مـافعلت وخرجت من المقابلة بعد إنتهائها مـتفائلاً.
بـعد شهرين تقريباً، تـلقيت رسالة من فولبرايت تقول بإننى تم إخـتيارى مبدئياً لـعمل إختبارTOEFL IBT مدفوع من قبل فولبرايت، وما أسعدنى أكـثر أنهم كتبوا أن اللجنة كانت سعيدة جداً بالمؤهلات وشهادات الخبرة التى قدمتها، وعلى هذا الأسـاس تم إختيارى المبدئى.
إختبار الـتوفل IBT هو إختبار سـريع مثل إختبار التوفل PBT لكن إختبار الأى بى تى يتمير بأنه يعطيك فرصة أكبر قليلاً لزيادة درجاتك، فهو يوجد به جزء لإختبار قدرتك على الكتابة، وهذا الجزء يعتبر أسهل نسبياً مقارنة بالأجـزاء الأخرى، ليس لأنه يقدم أسـئلة سـهلة أو لأن أغلبنا لديه مهارات فى الكتابة بالإنجليزية، بالطبع لا لكن لأنه – فى رأيى – يـعطيك وقت أكبر للـكتابة مقارنة بالأسئلة الأخرى، يمكنك أن تحصل على نـصائح حـول الطرق المثالية لإجتياز إختبارالتوفل من المقالات المنشورة على هوت كورسس حول الإخـتبار.
رغم الـظروف العصيبة التى كانت تمر بها مصر والمنطقة العربية فى ذلك الوقت، والتى أثرت تأثير سلبى على الإعداد للإختبار وإجـتيازه، الحمد لله إجـتزت الإخـتبار بنـجاح وحصلت على الدرجة المطلوبة وهى 80 أو 79، وبـعدها بـفترة كبيرة، تـقريباً أربعة شـهور، وصلنى رسـالة الـقبول النهائى والحصول على منحة فولبرايت فى جامعة فيرفيلد بـولاية كونيتيكت.
الـدراسة والـحياة فى أمـريـكا
الـمنحة أستغرقت وقت طويل للحصول عليها، لكن الآن أشـعر أنها أستحقت كل هذا الـتعب. فبالإضافة إلى الدراسة فى الولايات المتحدة، أدهـشنى كـثيراً التنوع الكبير فى المجتمع الأمريكى، فى أمريكا يمكنك أن تقابل كافة الجنسيات من شتى بلاد العالم، كل الأعراق والثقافات موجودة فى أمريكا. تـعرفت على الكثير من الأصـدقاء من كل بقاع الأرض، الصينيين، البرازيليين، النمساويين، الموريتانيين، السعوديين، السودانيين، الأيرلنديين، وأيـضاً التنزانيين.
الـدراسة فى أمريكا أيضـاً مختلفة تماماً عن الدراسة فى بلداننا العربية، تتسم الدراسة بتركيزها على الجانب العملى والتطبيقى حتى وإن كانت الدورة الدراسية نـظرية فى التاريخ أو الأدب مثلاً، فأنت كـطالب مـطالب أن تقدم بإستمرار تلخيص لما فهمته فى المحاضرة السابقة، وبلغة إنجليزية سـليمة.
إحـرص على تنمية إنجليزيتك بإستـمرار حتى بـعد حـصولك على القبول فى المنحة الدراسية، فاسـتخدام اللغة الإنجليزية لفترة طويلة فى مجتمع ناطق بها يختلف عن إستخدامها لفترة قصيرة فى الإمتحان فى البلاد العربية، ستكتشف أن هناك الكثير من التعبيرات التى لم تدرسها فى اللغة الإنجليزية، وهناك الكثير من الموقف التى تحتاج إلى لغة إنجليزية دقيقة لتعبر عما تقول حتى لا يساء فهمك، وستكتشف – وهذا هو الأهم فى رأيى – أن الفرصة دائماً متاحة للتعلم مادمت تريد وتسعى نحو ذلك.
لا تـستهن بالبرد فى الولايات المتحدة، خـاصة إذا كنت فى أحد الولايات المعروف أنها باردة أو القريبة من المحيط. هذا الخطأ عادة مايقع فيه الطلاب العرب، ويظنون أن البرد مماثل أو أكثر قليلاً من البرد فى البلاد العربية. غـير صـحيح بالمرة، الـبرد فى أمريكا مختلف تماماً، درجات الحرارة يمكن أن تنخفض سبعة درجات دفعة واحدة وفى وقت قـصير، عادة درجات الحرارة فى الـشتاء تكون تحت الـصفر والبرد قارص والأمـطار والثلوج موجودة بصفة مـستمرة.
أخـيراً، أخى الطالب أحرص دائـماً على الإسـتفادة بوقتك طوال فترة وجودك فى الولايات المتحدة، أحرص دائماً على إكتساب خبرة جديدة وتجربة أشياء مفيدة لم تجربها من قبل، أحرص على زيارة أماكن جديدة، والتعرف على أصدقاء جدد، لا تـضيع وقتك فى أشياء لا طائل منها كنت تفعلها – ويمكنك فعلها – بعد العودة إلى بلدك، مثل قضاء وقتك على الشبكات الإجـتماعية، والأهم من ذلك حاول بقدر المستطاع أن تحصل على أعلى الدرجات فى دوراتك الدراسية التى تدرسها فهذا قد يفتح لك العديد من الفرص الوظيفية بعد الإنتهاء من المنحة الدراسية.
أتـمنى للـجميع كل الـتوفيق، وأن تـكون تلك التجربة بها معلومات مـفيدة لك تـساعدك على الدراسة فى الخارج.