حضر (علي) والحيرة والارتباك بادية على محياه، بعد أن أرسله إلي مدرس الرياضيات كونه مقصرا في واجباته، وقد حصل على درجة متدنية في الامتحان الفصلي.
وبعد أن جلس قبالي مضطربا حاولت أن أُريحه قليلا وبادرت الحديث بموضوع بعيد كل البعد عن المدرسة والدروس.. سألته عن عمته التي كانت معي في المدرسة وأين هي الآن؟ وكم لها من الأولاد؟ وماذا تفعل؟
ورويدا رويدا حتى عاد الدم لوجهه وانبسطت أساريره فقاطعني بعد أن أحسّ ألا لزوم لمثل ها الحديث.. فبادر قائلا :
- كيف يمر هذا العام بلا مشاكل دراسية؟ وكيف أضمن النجاح؟
- يا عزيزي .. لا بد وأن يكون لأي طالب في الدنيا هدف تدور حوله معظم أحلامه ويسعى جاهدا لتحقيقه، أو على الأقل يكون لديه تصور ما عن صورة مستقبله وبما يريد أن يكونه. فإذا كنت لا تعرف ما الي تريده بالتحديد ، أو أنك تنحدر من عائلة تملك المال والنفوذ وترى أن الشهادات مجرد واجهة اجتماعية لا أكثر، فحديثي - مع الأسف - لن يجدي نفعا معك ولن يجد عندك القبول والاستيعاب.
- أريدك يا (علي) رجلا يعرف هدفه جيدا ومستعد أن يناضل من أجله أكثر من أي شي آخر لأنه يؤمن به إلى أبعد مدى.. أنت في الأول ثانوي.. أليس كذلك؟ فلست صغيرا يا ولدي عليك أن تحدد أهدافك في الحياة وماذا تريد.. فالموضوع موضوعك أنت..
والنجاح الذي تسعى إليه هو من أجل نفسك وليس إرضاء والديك ومعلميك بل هو لمصلحتك أولا وآخرا، فمتى ما حصلت لديك القناعة التامة بأن الإصغاء في الحصص وتحضير الواجبات اليومية ومناقشة المدرس ببعض النقاط المبهمة بالنسبة لد و .. فقاطعني قائلا :
- لا أعتقد أني سأكمل تعليمي لأنني بعد التوجيهي سألتحق بالمصنع الذي يملكه والدي وسأعمل معه إن شاء الله. لذا لا يهمني المعدل في أي مستوى.. أريد النجاح فقط.
- ولكن هي يكفي يا علي أن تمتلك مصنعا وذهنك خاو من المعلومات.. لا يا عزيزي يجب أن تعلم أن العلم بأوسع أبوابه والذي يبتدى في المدرسة أولا سيكون هو جواز السفر لمرورك بعوالم الحياة الفسيحة والمتنوعة أهدافها ومجالاتها والتي تؤدي في النهاية إلى السعادة والمتوخاة.
إن مجرد الرغبة الشعورية في النجاح ليست كافية فالرغبة المجردة وغير المحددة تجعل صاحبها يضل طريق النجاح فإلى جانب ذلك الشعور لا بد أن تكون للفرد اهتمامات محددة ومتجددة باستمرار ويجب أن يقدم للعقل شيئا محددا حتى يعمل على تحقيقه على أن تضاف تفاصيل جديدة على نحو متواصل كما يجب تحبيب العمل بجعله ممتعا كي يحاط بالحيوية والنشاط وينبغي للطالب أن يتعلم أنه ينجح مرة وميفشل أخرى ويعاود النجاح والفشل مرات عديدة ولا بد أن تكون له توقعات عظيمة فليس هناك من يرغب في العمل بجد وتضحية من أجل أهداف صغيرة.
مي شُبّر