سنتطرق في موضوعنا إلى مجموعة من النقاط التي يجب عليك إدراكها جيدًا ما بعد ظهر النتائج
اجعل لنفسك طموح وهدف
تأكد أنّ قدراتك لا تحدد فقط بنتيجتك، وأنّ شهادة نجاحك في الثانوية العامة لا تعادل شهادة نجاحك في تخصصك أو حياتك الجامعية والعملية، فالأمثلة لا تحصى لمشاهير وصلوا لما وصلوا إليه مع معدل ضعيف في الدراسة أو حتى دون شهادة تعليمية. ربما ستسخر من هذه النقطة أو تستخف بفحواها. لكن تأكد أنّها الأهم من بين كل ما سيذكر في هذا الموضوع، فأنت فقط من تمتلك حق إقناع نفسك بقدراتك وما تستطيع فعله، وأنت فقط من تدرك طموحاتك وما يناسب تطلعاتك.
التخصص الجامعي خياري
إنّه مربط الفرس ونواة الضغط الذي يعانيه الناجحون خلال فترة ما بعد ظهور النتائج. لكن قبل الشروع في الفكرة التي سأطرحها، وكيفية اختيارك للتخصص الجامعي أريدك أن تمحو من سلة أفكارك أنّ “التخصص الجامعي ليس اختياريًا، وإنّما هو متوقف على التنسيق والنسب” ستقول إنّها حقيقةٌ، أجل هي كذلك. لكنها حتمًا ليست الحقيقة الوحيدة هنا!
لنفترض سلفًا أنّك من الحاصلين على درجة عالية هذا سيخول لك الاختيار بين مجموعة كليات تجاوزت عتبة قبولها، أمّا إن كنت من متوسطي المعدل فتقول أنّه لا مفر من المعاهد والكليات “غير المميزة”. لكن لا يوجد أبدًا ما يدعى كلية “غير جيدة، غير قيمة، غير مميزة … !” لكلٍ تخصصه وسوق شغله ومناصبه، فلا توهم نفسك أنّ ولوجك إلى إحدى هذه الكليات أو المعاهد هو نهاية مسارك الجامعي، فهذا عذرٌ كاذبٌ تحاول أن تقنع به نفسك لتبرر تكاسلك وعدم عطائك الدراسي، فمثلما تحدثنا في النقطة السابقة عن مشاهير لم يحصلوا أو حصلوا على معدل ضعيف في الثانوية، يمكن أن نستنبط من الواقع خريجي كليات مرموقة بطاليين وآخرين من كليات “أدنى” يتقلدون أحسن المناصب.
لهذا، بدلَ أن توهم نفسك بأنّ التخصص الجامعي هو المحدد الوحيد لمستقبلك المهني، اسأل نفسك عما يطلبه سوق العمل وما هي قدراتك وطموحاتك، وما المواصفات التي يجب أن تعمل عليها في شخصك وتفكيرك؛ لتستكمل بها نضجك المعرفي والثقافي والعملي.
أمّا بالنسبة لاختيارك الجامعي فسواءً كان انطلاقًا من معطيات موضوعية عقلانية، أو حددته حسب نوع ذكائك، يجب أن تبقى المسؤول الأول على ما تريده وما أنت مقتنع به، دون أي ضغط أو تدخل من جميع الأطراف.
الأهل … مساند أم عقبة
ومع آخر جملة ذكرناها في النقطة السابقة يبقى الأهل هم العنصر الأول الذي يرافقك طوال مسيرتك الدراسية، فيزيد من ضغطك مع اقتراب ظهور نتائج الثانوية العامة، وبعدها يفرح لنجاحك وتفوقك ويحزن لفشلك أو ضعفك. لكن اعلم جيدًا أنّ كل ما يقومون به من نصح وإرشاد هو بدافع الحب والمساعدة والتوجيه، وليس من باب التعجيز. لكن تأكد أنّ ما يقولونه يبقى وجهة نظر شخصية أو تطلع يريده الوالدان أو الأقارب فقط كأن: يريد والدك أن تصبح دكتورًا لمجرد أن يقال أب الدكتور، أو لإعجابه بشخصية وكاريزما الدكتور صاحب السماعة، دون أن يعلم أو يكترث لصعوبة دراسة المجال، ولتوافق قدراتك ومؤهلاتك معه وتمكنك من النجاح فيه.
لهذا، فالأهل هم بالدرجة الأولى مساندون وليسوا عقبة – وإن ظهر لك العكس – عليك الإصغاء لوجهة نظرهم وربما الاستفادة من خبراتهم. لكن قطعًا ليس عليك القبول بها كمسلمات أو حقائق، فأفكارهم ربما قديمة أو ترتكز على معطيات سابقة قد تغيرت وتطورت، وحتى إن كانت واقعية عليك أن تختار لنفسك بنفسك، فأنت ناضج كفايةً لمعرفة قدراتك وما تستطيع فعله، فلا تجعل أحدًا يختار لك بل اختر أنت ما تريده وإن كان ضد رغبتهم، فأنت من ستتحمل مسؤولية نجاحك وفشلك في دراستك الجامعية.
من أيضًا، يساعدك في اختيارك؟
تماشيًا مع النقطة السابقة يمكن أن يساعدك أهلك في طرح أفكارهم ووجهات نظرهم حول التخصصات الأنسب لك، وأيضًا يمكن أن تستعين بالمرشد الأكاديمي والإنترنت، وأصدقائك طلاب الجامعات؛ لجمع أكبر قدر من المعلومات حول مختلف التخصصات والاختيارات المتاحة أمامك. لكن لا تجمع المعلومات بطريقة عشوائية، بل أسقطها على القدرات الملائمة لها والمؤهلات المناسبة لها: كأن تسأل طالبًا عن دراسة الطب، وترفق سؤالك بمتطلبات المجال (يتطلب حضورًا دائمًا، مراجعة مستمرة، حفظ دروس أو فهمها … ) وغيره.
بعد ذلك شكل نظرةً عامةً على كل التخصصات، واختر الأنسب لك … لك أنت فقط!
الحياة الجامعية … ما بعد الثانوية
إنّ الحياة الجامعية مختلفةٌ تمامًا عن الثانوية والإعدادية ستدرك ذلك ما إن تطَأ أول يومٍ الحرم الجامعي. اختلافٌ ستتأقلم معه سريعًا، ولكن حتمًا عليك أن تستعد له، مما يجب عليك معرفته أنّ التعليم الجامعي باختلاف مؤسساته الجامعية يرتكز أساسًا على التعليم الذاتي أكثر من الاعتماد على الأستاذ المحاضر. إنّها نقطة أساسية تثبت لك أنّ قدراتك الدراسية ستظهر أساسًا في التعليم العالي، وأنّ مجموعك المحصل في الثانوية العامة هو نقطة بداية لمشوار طويل لا أكثر.
أيضًا فترة الدراسة في الجامعة فرصة للانفتاح على مجالات متعددة، وأنشطة مختلفة لا تنحصر في الدراسة فقط، ستجد الوقت الكافي – خصوصًا في السنتين الأولتين – لمطالعة تخصصات كثيرة، وإن كانت مختلفةً لكنها الفرصة أمامك لتوسيع معرفتك ومحصولك الثقافي، الذي لا ينحصر هو الآخر في الكلية أو المعهد الذي اخترته.
بعد كل ما قيل نبارك لك نجاحك في الثانوية العامة، ونتمنى لك التوفيق في القادم من حياتك الدراسية والجامعية، متمنين أن توفق في اختيارك الجامعي، وتحقق من العلم والمعرفة ما يتعدى حدود تخصصٍ واحدٍ
- أراجيك