تغيّر العالم كثيراً الآن أكثر مما سبق، وتطورت أساليب التدريس، رغم ذلك فإن برامج إعداد المعلم في العالم العربي لم تتطور بالقدر الكافي لمواكبة التطورات الحديثة في التعليم.
المُدرس العصري الآن ليس فقط المدرس الحاصل على تقدير مُرتفع في البكالوريوس، وليس المعلم الحاصل على درجة الماجستير، لكن الأمر يشمل صفات شخصية وأساليب عملية سنحاول معاً إستكشاف بعضها.
- لا تعمل بمفردك
لا يجب أن يؤدي المُدرس مهنته داخل القاعة الدراسية بشكل منعزل عما يحدث في المدرسة أو الجامعة. إن المدرس المحترف لا يكتفي فقط بالتدريس وقضاء الوقت الطويل في إعداد المذكرات والتحضير للدروس، لكن أيضاً يجب أن يعرف ويتعلم من المدرسين الآخرين حوله، ليس فقط في المدرسة، بل بالمشاركة في تجمعات المُدرسين عبر الإنترنت أو في الواقع والإطلاع على أحدث الأساليب الجديدة التي يستعين بها زملاء آخرين في مدينة أخرى بل وربما في دولة أخرى، والانترنت ساهم في تقريب مسافات بعيدة وإتاحة الكثير من المعارف التي لم تكن متاحة من قبل.
- تطوّر مع العصر
Flip your classroom أو بالعامية “غيّر من صفك الدراسي” وهو مصطلح أخذ في الإنتشار مؤخراً ككناية عن ضرورة الإستعانة بالتكنولوجيا في الدراسة، وتغيير نمط الدراسة التقليدي، وسأكتب في مقالات قادمة تفصيلاً عن أهمية هذا الأسلوب وكيفية توظيف التكنولوجيا، وليس بالضرورة أن تستخدم أحدث الأجهزة في التدريس لكن على الأقل أن تفهم كيف تستفيد بالتكنولوجيا بشكل عام، وبطبيعة الجيل فإن أكثر الطلاب الآن مقبلين على التكنولوجيا وتطبيقاتها، لذلك فالبداية البديهية أن تفهم على الأقل أحدث البرامج أو التطبيقات التي يمكن أن تستفيد منها وتجذب عن طريقها الطلاب للدراسة.
دراسة اللغات مثلاً، يمكن لمُدرس اللغة الإنجليزية إعطاء واجبات إضافية – كبداية – للطلاب لتحفيزهم عبر تطبيقات تعلّم اللغات المتعددة المتاحة على متجر جوجل، وفي حال لاقت قبول بين الطلاب يمكنه أن يزيد من هذا النوع من الواجبات ليتعلم الطلاب أكثر.
- من أين أستطيع أن أبدأ؟
طالما وصلت إلى هذه النقطة من المقال فأنت تريد حقاً أن تصبح معلماً محترفاً، وكما ذكرت في السطور السابقة المصادر الجديدة المحفزة على التعلّم وسيلة لا يمكن إغفالها من قبل أي مُدرِس يريد أن يصبح مُحترفاً وذو تأثير وجذب أكبر للطلاب.
أراجيك مثلاً هو موقع جيد للإطلاع على أحدث الوسائل في التعليم، وأيضاً موقع الدورات التدريبية والتعليمية Coursera، وموقع Udemy، وduolingo، وflippedlearning وinstructables، وهناك أيضاً Edutopia وKhanacademy.
كلها مواقع مفيدة وأغلبها تقدم دورات دراسية مجانية، لكن إذا تعلمت على الأقل شيئاً واحداً من أحد هذه المواقع وشاركتها مع أحد زملائك تطبيقاً للفقرة الأولى في المقال ستجد أنك ستعرف أكثر من زملائك الذين جربوا أشياء أخرى، أو على الأقل شارك ما عرفت مع زملائك على وسائل التواصل الإجتماعي.
- وسائل التواصل الإجتماعي؟
الجميع الآن لديهم حسابات على الفيسبوك أو تويتر أو غيرها، الأهم من ذلك أن هذه المواقع تحتوى على مناقشات متعددة بين المدرسين تزيد من معرفتهم وتطور من أسلوبهم، الأكثر من ذلك إمكانية التواصل مع الطلاب وإرسال مواد علمية، وواجبات، وتدريبات عملية على الإنترنت ومتابعتها.
يمكن مثلاً للمُعلِم عمل جروب يضم طلابه يتواصل معهم فيه ويجيبهم على الأسئلة أو يتابع أدائهم في الواجبات، وهناك أفكار أخرى يمكنك تطبيقها عبر وسائل التواصل الإجتماعي للحصول على نتائج دراسية أفضل.
- نتائج أفضل، أداء أفضل
كلما ارتفعت معدلات نجاح وتفوق الطلاب كلما زاد إهتمام المُدرس بالتفاصيل، المدرس المتقن هو الذى يهتم كثيراً بالتفاصيل ويركز جيداً في خطوات تغلب طلابه على الصعوبات الدراسية، وكيف يؤدون في الإختبارات ويستوعبون النقاط الصعبة، وكيف يقوم المُدرس بتبسيط الصعوبات بشكل مفصل لكل طالب دوناً عن الطالب الآخر.
بهذا الأداء يشعر الطالب أنه دائماً محور إهتمام المُدرس، وأن المدرس متابع يقظ لما يفعله، وبالتالي فالطالب سيركز أكثر ويحرص على تحقيق نتيجة مُرتفعة، كما أن الإهتمام بالتفاصيل يجعل المُدرِس قادر على إحاطة أولياء الأمور بنتائج ابنائهم ومستوى أدائهم.
- أداء أفضل، نظام أفضل
ليس معنى التواصل مع المُدرسين والتعرف على خبراتهم، والإطلاع على التطبيقات التعليمية، والتواصل الدراسي عبر شبكات التواصل الإجتماعي أن تستمر فى ذلك طوال الأربعة والعشرين ساعة ما بين الرد على البريد الإلكتروني والتحدث مع أولياء الأمور.
احرص على تنظيم يومَك بين العمل في الصف الدراسي، المتابعة والتحضير، والتواصل مع الزملاء، وأيضاً قضاء وقت مع الأسرة للراحة. ليس معنى أن تكون مُعلِم أن تستهلك نفسك.
- التدريس ليس نهاية المطاف
إطلبوا العلم من المهد إلى اللحد، إتقان المنهج الدراسي الي تُدرِّسه لطلابك ليس نهاية الطريق، الدرجة الجامعية والوظيفة ليسا نهاية المطاف، في كل يوم يظهر جديد في العلم بشكل عام وفي تقنيات التدريس بشكل خاص، والمدرس محور العملية التعليمية، ولا يجب أن يفوِّت فرصة للتعلم وزيادة معرفته المهنية.
يفوِّت الكثير من المُدرسين فرصاً للتعلم بحجة ضيق الوقت، الآن الوقت لم يعد حجة حيث تتنوع الدورات التعليمية ودورات التعليم المفتوح على الإنترنت MOOCs أصبحت متاحة دائماً وللجميع وبها محتوى علمي ممتاز للمُعلِمين.
أخيراً
بإختصار المهارات الأساسية للمُدرِس الآن أصبحت أكثر من كونها إتقان إستخدام التكنولوجيا وتطوير أساليب أكثر فعالية للتدريس وتوصيل المعلومات، لكن الأهم من ذلك أن يعرف المعلم قدرات طلابه وإختيار التطوير المناسب للتطبيق للطلاب حتى لا يفقد التطوير الهدف المطلوب منه - أراجيك .
اوائل - توجيهي .